«بوجدانوف»: عودة الرحلات الروسية إلى مصر قريبة جداً.. ونعتمد على نصائح القاهرة فى مواقفنا من قضايا «الشرق الأوسط»
نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسى إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف
قال نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسى إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف: إن الجانبين المصرى والروسى استكملا الخطوات والجهود المشتركة فى سبيل إعادة الرحلات الروسية المباشرة إلى مصر، مؤكداً أنه لا وجه للمقارنة بين التعامل الروسى مع حادث إسقاط الطائرة الروسية فى مصر وحادث اغتيال السفير الروسى فى تركيا وإسقاط المقاتلة الروسية على أيدى القوات التركية. وأشار «بوجدانوف»، فى حواره لبرنامج «رأى عام» مع الإعلامى عمرو عبدالحميد، على قناة TEN، والذى أذيع مساء أمس، إلى أنه «ليس هناك أى رابط أبداً بين مسألة استئناف الرحلات الروسية المباشرة إلى مصر ومسألة توقيع اتفاق المحطة النووية فى الضبعة». وإلى نص الحوار:
مبعوث «بوتين» للإعلامى عمرو عبدالحميد: باقون فى سوريا لحين القضاء على الإرهاب.. ومصير «الأسد» بيد الشعب السورى
فى البداية، كيف تقيّم العلاقات المصرية - الروسية فى ظل إشادة الرئيس الروسى بالعلاقات بين البلدين فى مؤتمر دول «بريكس»؟
- الرئيس الروسى أشاد قبل مغادرته قمة «بريكس» بشكل قوى بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين وبالعلاقات الشخصية والمصداقية التى بُنيت عليها العلاقة بينه وبين الرئيس عبدالفتاح السيسى. وهذا أمر قيّم لإمكانيات التباحث المعمق والتفصيلى لكل القضايا المطروحة للعلاقات الثنائية، كما أن تلك العلاقات لها أفق واسع النطاق لتعاون مثمر فى جميع المجالات. وبطبيعة الحال، هذا التعاون يصب فى مناقشات البلدين حول التطورات الإقليمية فى الشرق الأوسط والساحة السورية والليبية والفلسطينية، ونحن نقدّر المواقف البنّاءة لأصدقائنا فى القاهرة فيما يخص إيجاد الحلول للأزمات التى تشهدها المنطقة.
الشعب المصرى اهتم بكلمة «بوتين» عن إمكانية عودة الطيران المباشر بين مصر وروسيا قريبا.. إلى أين وصلت تلك المسألة؟
- هناك تبادُل للزيارات على مستوى الخبراء والمسئولين فى وزارات عديدة، من بينها الطيران المدنى والسياحة والأمن، وفيما يخص عودة السياح الروس إلى مصر وإعادة الرحلات المباشرة، أعتقد أننا استكملنا كل الخطوات والجهود المشتركة على أساس المصلحة المتبادلة لعودة الرحلات والسياحة الروسية إلى مصر.
ولكن الشعب المصرى قارَن بين الموقف الروسى فى التعامل مع مصر والموقف الروسى فى التعامل مع تركيا بعد مقتل السفير الروسى وإسقاط المقاتلة الروسية.
- لكل حادث حديث وخصوصيات وتفاصيل وخلفية مختلفة للأحداث، بالتأكيد ما حدث كان مؤلماً ومريراً، ونحن اتخذنا خطوات قاسية ضد تركيا وأوقفنا التعاون معها حتى تم تقديم اعتذار رسمى من رئيس الدولة حول ما حدث هناك. وهناك فارق كبير بين الحادثين، حيث إن إسقاط الطائرة الروسية فى مصر لم يكن مجرد فقدان للأموال وإنما للأرواح، فقدنا أكثر من 200 شخص من مدينة واحدة هى «سان بطرسبرج»، وقد كان هذا صدمة للمجتمع الروسى ككل، ونحن نقدّر عواطف الشعب المصرى والقيادة المصرية، ولهذا بدأنا فى سلسلة الخطوات المشتركة المطلوبة فى مجال تأمين المطارات والرحلات والفنادق وأماكن السياحة فى سيناء وشرم الشيخ والغردقة وغيرها. والآن نحن قريبون جداً من موعد استعادة الرحلات المباشرة إلى مصر.
«الربيع العربى» خلق أزمات بشعار «إسقاط النظام».. والثورات لا تحل الأزمات السياسية.. ويجب الاحتكام للدساتير وتجنّب اللجوء للعنف أو الدعم الخارجى
البعض يربط بين عودة الرحلات الروسية المباشرة ومسألة التوقيع على اتفاق إنشاء المحطة النووية فى الضبعة.. هل هناك رابط فعلاً بين الأمرين؟
- بالتأكيد لا، ليس هناك أى ربط بين الحدثين أبداً، والرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه قال خلال قمة «بريكس»: إن التوقيع على الاتفاق سيكون قريباً جداً، ودعا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للحضور، وأنا أعتقد أن «بوتين» يتطلع لزيارة مصر قريباً، وقد قبِل دعوة الرئيس السيسى.
نتحول إلى ملف القضايا الإقليمية، ما مدى الاتفاق بين مصر وروسيا بشأن سوريا وليبيا؟
- أعتقد أن المواقف قريبة ومتشابهة إلى حد كبير، لأننا نُجرى مشاورات مستمرة. وتقريباً كل يوم هناك مستجدات ويكون هناك تنسيق وتشاور وتبادُل للرؤى ووجهات النظر، ومؤخراً كانت هناك زيارة لوزير الخارجية المصرى سامح شكرى إلى موسكو، تحدثنا خلالها بالتفصيل حول كل الملفات مثل سوريا واليمن وليبيا وفلسطين والعراق، وكل المشكلات والمسائل المطروحة على الساحة الإقليمية، وهناك تنسيق فى كل المواقف وفى بلورة النصوص فى مجلس الأمن وفى الجمعية العامة للأمم المتحدة وفى كل مكان، نحن نعتمد على آراء ونصائح أصدقائنا فى القاهرة الذين يشاهدون تطورات المنطقة بشكل أكبر من روسيا بحكم وجود مصر فى تلك المنطقة.
فى الفترة الأخيرة حدث تعاون بين مصر وروسيا بشأن مناطق تخفيف التوتر فى سوريا.. هل سيتكرر هذا التعاون فى مناطق أخرى من سوريا؟
- بالتأكيد، الطرف المصرى له تأثير على بعض القوى المقاتلة فى سوريا، فمثلاً لدينا السيد أحمد الجربا رئيس تيار الغد السورى الذى يتخذ من القاهرة مقراً له، مصر ساهمت بجدية فى حلحلة بعض المشكلات فى سوريا، ونحن لدينا نفوذ على بعض الأصدقاء المشتركين فى سوريا لدفعهم نحو قبول التهدئة.
لولا تدخّلنا فى سوريا لضاعت.. ووجودنا بناء على طلب من الحكومة الشرعية.. وبدائل «الوضع الحالى» هى «داعش» والفوضى مثل ليبيا والعراق
اقتربتم فى الفترة الأخيرة من بعض تيارات المعارضة مثل تيار الغد السورى.. فما السبب فى ذلك؟
- نحن بطبيعة الحال على صلة مع جميع الأطراف فى المعارضة داخلياً وخارجياً، وهذا ما نفعله فى أستانا، نضع أساساً للتشاور ولو بشكل غير مباشر، هناك بعض الفصائل على علاقة بمصر ولذلك نحن نرى أن الهدف هو الاستفادة من كل الإمكانيات لضمان وقف إطلاق النار وإنشاء هذه المناطق لخفض التوتر.
كانت هناك جهود مصرية - روسية لتشكيل وفد معارضة موحَّد إلى جنيف.. ماذا حدث بشأنها؟
- تحدثنا مع أصدقائنا فى السعودية كمكان لاستضافة هذه المحادثات، ونحن شجعنا أصدقاءنا فى المعارضة السورية على المشاركة، وقمنا بالتنسيق مع أصدقائنا فى القاهرة ليس السوريين فقط وإنما المسئولون المصريون أيضاً. أعتقد أن كثيراً من السوريين ينصتون إلى صوت القاهرة ويقدّرون آراءها. ونحن مع فكرة توحيد المعارضة على أسس موضوعية وتفاهمات جادة فى إطار المجتمع الدولى بالتنسيق مع مصر ودول الخليج، فى إطار قرار مجلس الأمن، وهذا هو أساس الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسى فى سوريا.
هذه التطورات تبدو مختلفة عما كان فى السنوات الماضية.. والرئيس الروسى قال إن المشهد فى سوريا يتغير جذرياً، فما السبب فى هذا؟
- ربما قبل سنوات بعض الأطراف كانت تهتف بشعارات إسقاط النظام بالقوة، وهذا الأمر انتهى. الواقع أصبح جديداً وأغلبية اللاعبين على المسرح فى سوريا أدركوا أن الأولوية الآن لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش وجبهة النصرة. أما مسألة إسقاط النظام فأصبحت متعلقة بالحل السياسى، وعلى الجميع قراءة قرار مجلس الأمن بدقة للاعتماد عليه كسند أساسى للحل.
لكن لا تزال هناك جماعات إرهابية.. هل هذا يعنى أن القوات الروسية فى سوريا باقية إلى ما شاء الله؟
- قواتنا باقية حتى القضاء على الإرهاب بالجهود المشتركة مع المجتمع الدولى، وعلينا فى أستانا التنسيق وتوحيد الجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب بمشاركة الأطراف الضامنة مثل إيران وتركيا وروسيا، وكذلك الأطراف المراقبة مثل الولايات المتحدة والأردن والأمم المتحدة أيضاً. ونحن نرى ربطاً بين الوضع الأمنى وإنشاء مناطق خفض التوتر والقضاء على الإرهاب وبين الحل السياسى، حيث يجب أن يكون الحل السياسى على أساس التوافق السورى الداخلى بكل قومياته وطوائفه بدون أى تدخلات خارجية، من يجب أن يقر النظام الجديد للدولة السورية هو السوريون أنفسهم، فهم مَن سيضعون الدستور الجديد ويقرون الانتخابات الجديدة وما إلى ذلك.
مصر ساهمت بجدية فى حلحلة بعض المشكلات فى سوريا.. وهدفنا الاستفادة من كل الإمكانيات والنفوذ المتاح لغرض التهدئة
هناك محللون يقولون إن دعمكم ووجودكم إلى جانب الرئيس السورى بشار الأسد فى سوريا لم يكن بسبب رغبة فى مكافحة الإرهاب وإنما الحفاظ على مصالحكم الاقتصادية.. كيف تردون على ذلك؟
- هذا غير صحيح على الإطلاق، نحن كنا نريد التأكيد للجميع أنه ليس هناك حل عسكرى للأزمة وإنما حل سياسى فقط، وهذا الحل السياسى يتطلب وجود طرفين للمفاوضات السورية السورية. ومن المفترض أن يعمل المجتمع الدولى على تحفيز المشاركين على المشاركة فى المفاوضات، لأنه لو فقدنا أحد الطرفين سنكون فقدنا الحل السياسى، ونحن ندعو الجميع إلى عدم التدخّل فى الشأن الداخلى لبلد سيادى مثل سوريا. ونحن موجودون فى سوريا بطلب من الحكومة الشرعية، وهناك بعض الأطراف الأخرى موجودة بدون طلب، ولكن فى إطار القانون الدولى، وهذا يتوافق مع قوانين ومواثيق الأمم المتحدة.
ولكن مَن ينتقدكم يقول إنه لولاكم لانتهت الأزمة السورية منذ زمن؟
- لولانا لكان السوريون وسوريا انتهوا منذ زمن، ونحن دوما نسأل من يطالب بالإطاحة بالنظام.. هل لديكم البديل الجاهز؟ لأن البديل هو داعش والفوضى مثلما حدث فى ليبيا والعراق.
هناك قلق من وجودكم العسكرى فى سوريا خصوصاً بعد اتفاق القاعدة العسكرية لـ49 عاماً فى سوريا؟
- هذا أمر طبيعى وعادى، لأن مَن دعانا ويرغب فى هذا هو الحكومة السورية ونحن نتعاون معها على أساس علاقات البلدين المشتركة، الحكومة هى التى تمثل سوريا ونحن نتعاون معها، وإذا سيطرت حكومة أخرى وكان لها رأى مختلف فأهلاً وسهلاً. وعلى سبيل المثال، هناك وجود عسكرى أمريكى فى الخليج بطلب من حكومات الخليج ورغبة منها، وهذا يتوافق مع القانون الدولى.
وماذا عن دور الأسد فى المرحلة الانتقالية؟
- هذا سؤال يجيب عنه الشعب السورى وليس نحن، لذلك نقول دوماً إنه إذا كانت هناك معارضة فأهلاً وسهلاً ولكن عليها أن تحتكم إلى صناديق الاقتراع.
وهل هناك ضمانات بأن تكون الانتخابات نزيهة؟
- الضمانات يقدمها المجتمع الدولى، الأمم المتحدة كان لها خبرة فى أفغانستان ونجحت رغم صعوبة الأوضاع هناك، ويجب أن يحصل السوريون اللاجئون على مساعدة المجتمع الدولى إذا أرادوا المشاركة فى انتخابات كهذه.
فى حوار سابق قلت لى إن بعض أصدقائكم عرضوا استضافة «الأسد» ومنحه لجوءاً سياسياً فى بداية الأزمة.
- الموضوع ليس فى علاقات شخص بعينه بدولة أو أخرى، هذا قرار يعود إلى الشعب السورى المشارك فى الانتخابات، وليس إلى رؤية أو موقف فى واشنطن أو موسكو أو أنقرة أو حتى طهران. تلك القرارات يجب أن تكون من الشعب السورى. هناك مَن يدعو إلى الاستفتاء على شعبية الرئيس بشار الأسد، حسناً.. تعالوا لنجرِ الاستفتاء، ولكن حتى إن حصل على شعبية ضعيفة.. ما البديل له؟ إذا قلتم أن يرحل فمن سيحل محله؟ ولذلك يجب أن تكون هناك استراتيجية من خلال الانتخابات التى تشارك فيها جميع الأطياف حتى لا يحدث فراغ يملأه الإرهاب والتطرف.
الانتصارات السورية الأخيرة غيّرت المشهد جذرياً.. هل هى ثمرة قبول الغرب الرؤية الروسية فى سوريا؟
- الرؤية الروسية فى سوريا مبنية على قرار مجلس الأمن، ونحن نقول للجميع إنه علينا الالتزام بهذا القرار الذى تم اتخاذه بالإجماع فى مجلس الأمن، كما أن مواثيق الأمم المتحدة تلزمنا بتطبيقه. هذا هو الموقف الروسى لا أكثر ولا أقل، ولذلك نظرياً لدينا مع الجميع رؤية مشتركة، لأن بلورة هذا القرار كانت لدعم سوريا واللاجئين، وجميع مَن فى سوريا من نظام ومعارضة وافقوا عليه. الحديث الآن يدور حول كيفية تطبيقه، وهذا يكون بتفاهمات بين السوريين أنفسهم، ولذلك هناك جهود مصرية وسعودية مع أطراف المعارضة لتشجيعها على التوحّد فى وفد واحد على أساس قرارات مجلس الأمن والتفاوض بشكل مباشر مع الحكومة للاتفاق على كيفية التطبيق، ويجب أن يفسِّر القرارَ السوريون أنفسهم لا أن يكون هناك تفسير روسى أو أمريكى للبنود، لأنه من الممكن أن يتم تفسيره بحسب مصالح دولية بعيداً عن مصالح الشعب السورى، ولهذا يجب أن يكون الشعب السورى هو مَن يفسّر تلك القرارات.
السوريون ينصتون إلى صوت القاهرة ويقدرون آراءها.. ونؤيد توحيد المعارضة على أسس موضوعية وتفاهمات جادة
وهل تراجعت مخاوف انهيار الدولة السورية بعد التطورات الأخيرة؟
- إلى حد كبير، لأن الآن على الأقل انخفض التوتر وحدة العنف وتقلصت أعداد الضحايا. وعملياً توقفت الاشتباكات بين الجيش العربى السورى والفصائل المسلحة. المشكلة الآن أنه لا تزال هناك بعض الجيوب التى يملأها الإرهاب مثل دير الزور. والمهمة الآن تكمن فى تقديم الدعم الإنسانى وإعادة الإعمار وهى أمور مطروحة وملحّة ويجب التركيز على وقف إطلاق النار والحفاظ على وحدة البلد.
وهل مصر تتشارك مع روسيا فى هذا الهدف؟
- بالتأكيد.
فى مقال لـ«بوتين» دعا الرئيس الروسى إلى إنشاء تحالف دولى لمكافحة الإرهاب.. هل ترون دوراً لمصر فيه إن رأى النور؟
- 100% طبعاً.. الرئيس دعا دوما إلى تشكيل جبهة بمشاركة أكبر عدد ممكن من الدول لمكافحة الإرهاب، لأنه بدون هذا سيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف، ومصر لها دور كبير ومن الرواد فى مكافحة الإرهاب.
وكيف تتابعون ما يجرى فى سيناء؟
- نحن نؤيد الجهود الأمنية المصرية فى هذا المجال، وهناك تعاون فنى وعسكرى بالمعلومات والخبرات مع الجانب المصرى.
فيما يتعلق بالأزمة فى ليبيا.. كيف تقيمون الوضع الحالى فى ضوء الاهتمام المشترك بين مصر وروسيا بالأزمة؟
- الوضع فى ليبيا ليس سهلاً ولكننا على تواصل مع جميع الأطراف فى الحكومة وغيرها. نحن نستقبل الوفود من كافة مناطق النزاع فى ليبيا بداية من حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فايز السراج وحتى المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى، وغيرهم الكثير والكثير، وموقفنا المبدئى هو أننا ندعو لحوار شامل بمشاركة جميع الأطياف والقوى السياسية، ولا بد للمجتمع الدولى من تشجيع أصحاب القضية على الحوار والتوافق، وهناك تنسيق بين موسكو والقاهرة، ورحبنا بكل اللقاءات التى جرت فى القاهرة وباريس وغيرهما لتقريب وجهات النظر بين الجميع.
كثير من المحللين يقولون إن ليبيا وصلت إلى ما هى عليه بسبب التدخّل الغربى فى 2011.. أين كانت روسيا من ذلك؟
- صحيح ما يحدث فى ليبيا الآن سببه التدخلات الغربية، لأنهم أسقطوا النظام دون استعداد للأوضاع المستقبلية وتنسيق مسألة الحكومة الجديدة. إسقاط النظام أدى إلى حالة من الفوضى والبلبلة والصراع الداخلى مثلما حدث فى العراق سابقاً. والمخاطر لا تزال قائمة ونقول إنه لا بد من تسهيل الحوار بين أطراف الأزمة.
وهل لو كان «القذافى» استمر فى الحكم لما وصلت الأوضاع إلى ما هى عليه الآن؟
- ما يحدث فى ليبيا الآن هو نتيجة مباشرة لتدخل حلف الناتو فى ليبيا، لأنهم لا يدمرون القذافى فقط، وإنما البنية التحتية والمجتمع والعلاقات المجتمعية بين الأطياف المختلفة، وسبق أن حذرنا فى روسيا مما حدث وقلنا إن الجميع مواطنو بلد واحد ولا بد من إيجاد حل فى إطار عربى داخلى بمشاركة دول الجوار مثل مصر والجزائر وتونس، ولا بد من بذل جهد للحفاظ على وحدة البلد ومنع انهياره.
انتهى زمن محاولات إسقاط النظام السورى بالقوة.. والأولوية للقضاء على التنظيمات الإرهابية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن
وهل المشير خليفة حفتر شريك أساسى فى الحرب ضد الإرهاب؟
- بالتأكيد.
إذاً لماذا لا تستجيبون إلى طلبه برفع الحظر عن تصدير السلاح إلى ليبيا؟
- هذا قرار يعود إلى مجلس الأمن ويحتاج إلى قرار دولى. وعلينا أن نناقش هذا الأمر وقلنا لشركائنا فى الغرب إنه يجب دراسة هذا الأمر، لأن الإرهاب موجود ويزداد قوة فى ليبيا، ومكافحة الإرهاب تكون بالسلاح وليس بالمشاورات السياسية فقط.
وهل دعمكم السياسى لـ«حفتر» يعنى عدم تأييد التدخلات القطرية والتركية؟
- تحدثنا مع أطراف عديدة فى طرابلس وقلنا لهم إنه يجب عليهم المشاركة فى تفاهمات واسعة تضم جميع الأطياف الليبية. أما ما حدث من اجتماع لما يعرف بمجموعة أصدقاء ليبيا، فوجئنا أن من حضر هم من طرابلس فقط، ولم يخرجوا بشىء حتى من تلك الاجتماعات، كما أن مَن شارك هم قطر وتركيا ودول أخرى ليست من أعضاء مجلس الأمن، وهو ما يعطى إيحاء بأن الحكومة ستكون من طرابلس وهذا أمر سلبى، لأن القوى الأخرى ترى تلك الاجتماعات على أنها وسيلة لدعم طرف ضد آخر.
بالنسبة لقضية فلسطين.. لماذا يبدو أن اهتمام القوى الكبرى ومن بينها روسيا تراجع؟
- المشكلة أن الربيع العربى سبب أزمات عديدة بسبب شعارات إسقاط النظام، وهذا تسبب فى تهميش القضية الفلسطينية بسبب الاهتمام بالملفات الأخرى. وربما هناك بعض الأطراف الدولية التى لا ترغب فى حل القضية الفلسطينية، ولدينا شكوك حول أن واشنطن تريد حل القضية، خصوصاً فى ظل التصريحات التى تخرج عن أن حل الدولتين لم يعد صائباً.. تلك الأمور تؤدى إلى تعقيد المسألة لا حلها. الشعب الفلسطينى له الحق فى إقامة دولته المستقلة وفقاً لقرارات مجلس الأمن، ولكن هناك محاولات من بعض الأطراف لتمييع القضية الفلسطينية، والقضايا المطروحة الآن تضع القضية الفلسطينية جانباً.
كيف تقيّمون تطورات قطاع غزة والتفاهمات التى توصلت إليها حركة حماس والقيادى الفلسطينى محمد دحلان برعاية مصرية؟
- لسنا مطلعين بشكل كبير على هذا الملف، ولكننا نقول دوماً إنه يجب أن تكون هناك جهود ملموسة وشاملة لحل الخلافات الداخلية فى فلسطين. وسبق أن استضفنا مؤتمراً للفصائل الفلسطينية هنا فى موسكو، ودعونا مراراً إلى ترتيب البيت الفلسطينى الداخلى، لأنه فى ظل الانقسام لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية، خصوصاً أن البعض يرى أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس لا يمثلهم.
أشرت إلى الربيع العربى بشكل ساخر.. هل هذه إشارة إلى أن روسيا تراه سبباً فى المصائب التى تشهدها المنطقة؟
- بكل تأكيد.. تلك الثورات كانت تحت شعارات الديمقراطية والحرية وما إلى ذلك. ولكن ما النتيجة؟ مجرد شعارات لم تسفر عن شىء، لا دستور ولا ديمقراطية وإنما إسقاط أنظمة فقط، والآلاف الذين خرجوا إلى الشوارع لا يعبّرون عن رغبة الشعب كله. وإذا كانت الثورات بهذا الشكل، فإن هذا يخلق وسيلة للفوضى خصوصاً حين يأتى رئيس جديد أسوأ ويخرج الناس من جديد ضده. وهذا صراع سياسى لا تحله الثورات والمظاهرات، وفى طريق الإصلاح لا بد من احترام الدستور وليس استخدام العنف واللجوء إلى الدعم الخارجى.
وهل لعب الخارج دوراً فى هذه الثورات؟
- بكل تأكيد، قلت سابقاً إن التدخلات الخارجية تسببت فى هذا، وهناك أطراف داخلية حاولت إيجاد دعم خارجى لها وهذا تسبب فى تحويل المشكلات الداخلية إلى إقليمية ودولية تتطلب تدخل مجلس الأمن الذى يصدر قرارات تسمح بالتدخلات العسكرية، وهو ما يتسبب فى تفاقم الأزمة.
وهل هناك خوف من امتداد تلك الثورات إلى روسيا؟
- نحن كنا شاهدين على الثورات الملونة فى جورجيا وأوكرانيا وغيرها، ونحن محصّنون ضد هذه الثورات، لأن الشعب الروسى شهد هذه التطورات الخطيرة التى قسمت البلدان وتسببت فى الفوضى. والمواطن الروسى أصبح واعياً جداً وله تجارب تمنع حدوث هذا.
وهل ترى مستقبل ليبيا واليمن موحّداً؟
- نتمنى هذا، خصوصاً أن تجربة استقلال جنوب السودان كانت تجربة مريرة.
ميخائيل بوجدانوف خلال حواره مع الإعلامى عمرو عبدالحميد