«إن لم تستح فافعل ماشئت» مثل مصرى يُطلق على المتبجحين أو كما نقول بالعامية «أبوعين بجحة» الذى يكذب من دون أن يتجمل ولا يتورع عن مواصلة الكذب الأشر فى الوقت الذى لا يعنيه أن الناس يعرفون أنه كذاب ومُدعٍ، كل هذه الصفات تنطبق على المنظمة الأمريكية المسماة كذباً «مراقبة حقوق الإنسان» وهى فعلاً تمثل وجهاً من أوجه انتهاك حقوق الإنسان بتمرير أكاذيب ومعلومات مضللة ومغلوطة من أجل تحقيق مصالح أيديولوجية وانحيازات سياسية محددة.
فى تقريرها الأخير عن مصر وصّمت المنظمة الأمريكية موقفها بفقدان المهنية والانحياز لصالح تيار سياسى بعينه، حين نزعت عن الشعب المصرى حقه فى الثورة على الاستبداد وحكم المرشد الإرهابى، وقالت إنه «منذ يوليو/تموز 2013، عندما أطاح الجيش المصرى بأول رئيس منتخب بحرية فى البلاد» وهو انحياز «فاجر»، الانحياز السياسى هنا واضح فى اعتماد خطاب معروف تستخدمه جماعات سياسية بعينها لتوصيف موقف محدد تسعى على أساسه إلى فرض حصار على البلاد، وهى عبارات جد إخوانية لا ينطق بها الآن إلا الإخوان ومرشدهم فى تركيا وقطر وحلفاؤهم السياسيون الذين يكررون استخدام هذه العبارة عنواناً لمعسكرهم السياسى، والمعروف فى التقارير الحقوقية أن الانحياز السياسى يفقدها مصداقيتها ويشكك فى محتواها وما انتهت له من نتائج، وبالمناسبة هذه الأمور ليست بالجديدة على تلك المنظمة الأمريكية التى يحكمها كينيث روث منذ 24 عاماً مستمراً فى منصبه حتى الآن.
مواقف «ووتش» من مصر معروفة ومُفرطة فى الهزل، ففى كل أحداث التمرد العسكرى بتركيا وما تداعى عنها من انتهاكات فادحة قام بها المرشد الأكبر أردوغان لحقوق الناس لم يجد كينيث روث أى أهمية فى كل تلك الانتهاكات إلا ما اعتبره «الإحباط الذى أصاب السيسى بسبب فشل الانقلاب فى تركيا»، والمضحك أنه استند على مقالة منشورة فى صحيفة نيويورك تايمز آنذاك فى سياق تعليقها على مواقف الإعلام المصرى فى خصوص التمرد العسكرى بتركيا، حتى إن منظمة «روث» تجاهلت تماماً كل ما حدث فى تركيا وصبت جل اهتمامها وقتها على مطالبة الحكومة الإيطالية بتنفيذ إجراءات أكثر حدة ضد مصر لعدم تعاونها فى تحقيقات قضية ريجينى، ولعل فضيحة تقرير رابعة العدوية الذى أصدره الأخ روث ومنظمته الرثة خير دليل على ذلك.
المهنية هى الفضيلة الضائعة فى تقرير «مُضِللة حقوق الإنسان»، فهى سمة دائمة لأن تلك المنظمة تعتمد على التقارير السياسية ولا تلتزم القواعد المستقرة فى التقارير المحايدة من رصد وتوثيق وتحليل للمعلومات، وفى حالة التعذيب لا بد أن يخضع المُدعى لتحقيق ورقى فى استجواب له سماته ومواصفاته، ولتحقيق جسدى يقوم عليه اختصاصيون للكشف عما تعرض له من تعذيب ورصد آثاره على جسده، ثم تقييم للمعلومات وفقاً لقواعد يجب توافرها للتأكد من تطابق الاتهامات بالواقع، ولا أعتقد أن «المدعين» قد خضعوا لفحص مباشر من مندوبى «ووتش» إلا إذا كانت المنظمة الأمريكية قد نقلت المدعين إلى أمريكا وأخضعتهم للفحص، أو أنها نقلت هذه الاتهامات عن جماعات مصرية دون التحقق من صدقية ادعاءاتهم، وفى كل الأحوال فقد انتهكت «ووتش» القواعد ففقدت مصداقيتها.
لمصر رب يحميها وشعب يفديها وقائد وحكومة يدافعان عنها، لكن فاض الكيل من ثنائية وازدواجية المعايير وتوظيف حقوق الإنسان لأغراض سياسية وانحيازات، الغريب أنها تتم لصالح منظمات وجماعات إرهابية.