فى الحادى عشر من شهر نوفمبر المقبل، أى بعد شهرين تقريباً، يتم افتتاح متحف اللوفر أبوظبى، وذلك حسبما ورد فى تغريدة منقولة عن حساب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر». ويقع المتحف فى المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، التى تضم أيضاً متحف «جوجنهايم» وغيره من المعالم الثقافية والحضارية الأخرى. ويعتبر المتحف تحفة معمارية، متخذاً شكل أرخبيل فى البحر، على مساحة ثلاثة وستين ألف متر مربع. وهذا المتحف من تصميم المهندس المعمارى العالمى جان نوفيل، ويحتوى على أجنحة ذات تقنية عالية، حيث يمكن التحكم بالإضاءة والحرارة والرطوبة.
ويعد هذا المشروع الأول من نوعه فى المنطقة العربية، وهو الأول على مستوى العالم الذى يحمل اسم متحف اللوفر الأساسى الكائن فى مدينة باريس، والأضخم من حيث تصدير الثقافة الفرنسية إلى الخارج. وهذا المتحف هو ثمرة اتفاق تم توقيعه فى عام 2006م بين حكومة أبوظبى والحكومة الفرنسية، وينص على أن تقوم المتاحف الوطنية الفرنسية بإعارة عدد معين من القطع الثقافية للعرض فى المتحف، وذلك بشرط توفير الإجراءات الضرورية للحصانة من المصادرة، حتى يتسنى لتلك الأعمال الفنية مغادرة فرنسا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتنفيذاً لبنود هذا الاتفاق، وفى الثانى عشر من يوليو 2017م، صدر المرسوم بقانون اتحادى رقم (2) لسنة 2017 فى شأن حصانة القطع الثقافية الأجنبية من الحجز أو المصادرة. وطبقاً للمادة الثالثة البند الأول من هذا المرسوم بقانون «تمنح الحصانة من الحجز أو المصادرة للقطع الثقافية التى تتم استعارتها بموجب اتفاق وقعت عليه إحدى الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية شريطة إبلاغ الوزارة ببيانات القطع الثقافية المستعارة وتفاصيلها قبل دخولها إلى الدولة..»، وتحدد المادة الرابعة من المرسوم بقانون آثار هذه الحصانة، بنصها على أنه «لا يجوز لأى جهة تمارس ولاية قضائية أو إدارية قبول طلب الحجز على أو مصادرة قطعة ثقافية منحت الحصانة بموجب هذا المرسوم بقانون، ويشمل ذلك ما يأتى: 1- عدم قبول أى طلب أو دعوى لمنع المتحف أو المعرض من إعادة إحدى القطع الثقافية إلى المعير بعد انتهاء مدة عرضها. 2- لا يجوز اتخاذ أى إجراء يستهدف منع المتحف أو المعرض من إعادة القطعة الثقافية إلى المعير». وتضيف المادة الخامسة من المرسوم بقانون ذاته أنه «لا تقبل دعوى الإلغاء أو التعويض عن منح الحصانة من الحجز أو المصادرة للقطعة الثقافية».
وإذا كان هذا المرسوم بقانون قد صدر بمناسبة إنشاء متحف اللوفر أبوظبى، وبحيث تستفيد منه القطع الثقافية المعارة من الجمهورية الفرنسية إلى المتحف، إلا أن نطاق تطبيقه يتسع لكل «قطعة ثقافية يستعيرها أحد المتاحف أو المعارض التابعة لأى من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية، وذلك لعرضها مؤقتاً فى الدولة» (المادة الثانية من المرسوم بقانون). وغنى عن البيان أن القاعدة القانونية التفسيرية تقول إن «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». وانطلاقاً من هذه القاعدة، وعملاً بصريح نص المادة الثانية من المرسوم بقانون اتحادى المشار إليه، يبدو سائغاً التساؤل عن إمكانية أن تستضيف المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات متحفاً فرعونياً دائماً على غرار متحف اللوفر أبوظبى ومتحف جوجنهايم.
والواقع أن فكرة إقامة معارض للآثار المصرية فى الخارج قد بدأت فى فترة تولى الفنان فاروق حسنى وزارة الثقافة، حيث كانت الآثار داخلة ضمن نطاق اختصاصات الوزارة قبل أن يتم فصلها عنها فى الوزارات المصرية التى تم تشكيلها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م. وقد أثارت هذه المعارض جدلاً كبيراً، بحيث تخوف البعض من تعرض هذه الآثار للتلف والتدمير بفعل النقل وعدم وجود الحماية المناسبة لها. غير أن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار قانون حصانة القطع الثقافية الأجنبية من الحجز والمصادرة، فضلاً عن التقنيات التكنولوجية الحديثة التى تتمتع بها متاحف المنطقة الثقافية فى جزيرة السعديات، يجعل مثل هذا التخوف مستبعداً. يعزز كل ذلك العلاقات التاريخية الوثيقة التى تجمع البلدين الشقيقين.. والله من وراء القصد.