نشطت الدوائر الدبلوماسية فى الشرق والغرب لدراسة السيناريوهات المحتملة بعد هزيمة داعش فى العراق وسوريا، وقد ساهم فى سرعة الاستعدادات لمرحلة جديدة فى المنطقة تراجع الدور القطرى الداعم للتنظيمات الإرهابية نتيجة لقرار المقاطعة الذى طبقته السعودية ومصر والإمارات والبحرين قبل شهرين، ومع تنامى أسباب الصراع بين روسيا وأمريكا على خلفية قرار العقوبات التى أصدرها الكونجرس الأمريكى ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية.. وقد زاد لهاث كل أجهزة الاستخبارات فى العالم لاكتشاف ما هو مقبل من أعمال عنف لهذا التنظيم الدموى الفوضوى بعد عمليات إرهابية بأسلوبى الدهس بالسيارة والطعن بالسكين شهدتها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وفنلندا وراح ضحيتها الأبرياء من القتلى والجرحى المدنيين المسالمين، وهو ما أنعش دعوات عنصرية ودينية فى أوروبا ضد المهاجرين المسلمين هناك وينبئ بعنف وعنف مضاد مقبل، أصبح الحديث عن داعش يقترن بكل عمل إرهابى خسيس فى غالبية دول العالم، وتعترف داعش بالقيام بهذا الإجرام علناً.. ومع انهيار التنظيم واختفاء المركزية فى اتخاذ القرار أصبحنا نرى تطبيقاً لبيان أبومحمد العدنانى -الإرهابى الداعشى- الذى أقر بهزيمة التنظيم وطالب الدواعش المهزومين بالهروب من ميادين القتال فى سوريا والعراق والعودة إلى بلادهم والقتال فيها باستخدام السلاح النارى والمتفجرات والقتل بالسيارة والطعن بالسكين، مع شرح مفصل لاستخدام كل وسيلة من هذه الوسائل القاتلة.. وبالتوازى نشطت المواقع الإلكترونية الإرهابية فى تأكيد خطاب الكراهية والعداء لأصحاب الديانات الأخرى بل والدعوة الصريحة لقتل المسلمين المخالفين لداعش!!
والسيناريوهات المتوقعة تدور حول تحويل شكل الصراع الداخلى فى سوريا والعراق من صراع على السلطة والثروة ومناطق النفوذ إلى صراع على الحدود مع الجيران تلعب فيه تركيا دور العدو المدمر ضد سوريا لتقسيمها وضد العراق للاستيلاء على شمالها ذات الأغلبية الكردية.. وسيناريو آخر يجنح إلى تأجيج الصراع المذهبى بين السنة والشيعة.. وتستخدم فيه السعودية وإيران كقيادتين للمعسكرين، ويعتمد هذا السيناريو على دور قطر لإشعال فتيل الحرب بطرق ملتوية تضمن طول فترة الحرب لاستنزاف ثروات المنطقة، وسيناريو ثالث يرى ضرورة وقف الصراع لفترة لا تقل عن عامين تقوم فيها الدول الكبرى بإعادة إعمار المناطق المخربة وتحصل على عائدات ضخمة من أموال العرب لتنعش اقتصادياتها، ويتفق فى هذا السيناريو دول الاتحاد الأوروبى مع روسيا والصين واليابان وغيرها، ولم تتضمن أى من السيناريوهات فكرة محاكمة بقايا داعش أو القضاء نهائياً عليهم، بل إن بعض أجهزة الاستخبارات حملتهم براً وجواً إلى ليبيا عبر تركيا لتستخدمهم فى الصراع الليبى الداخلى والإغارة على مصر والجزائر والمغرب وتشاد، فى ظل استمرار السيناريوهات الدموية السوداء التى أطلقها «السفارى القديم» فى أفريقيا وآسيا.. ويبدو أن «السفارى الجديد» لن يتخلص من هذه الأفكار والأدوات القذرة التى تقتل البشرية بلا سبب، والأغرب أن من يقومون بمحاربة داعش فى العراق وسوريا هم أنفسهم من يساعدون على تهريب عناصر التنظيم الإرهابى من مناطق القتال، فوجدنا توصيف «لقد تبخر الإرهابيون ولم نجد منهم أحداً» يتكرر فى العراق وسوريا مع تحرير كل منطقة جغرافية كان تنظيم داعش مسيطراً عليها.. المتغير الوحيد الذى لم يحسب حسابه أحد أن يتسلل طاعون الدواعش إلى دول أوروبا التى صنعته أجهزة استخباراتها لتدمير الدول وإعادة السيطرة الاستعمارية عليها، فإذا به يقتل بلا هوادة فى هذه الدول ذاتها، وبخاصة بريطانيا الأم الحاضنة للأفكار والعناصر المتطرفة.. وهو ما سيقلب الكثير من الإجراءات والاستراتيجيات السابقة.
هل استعدت القاهرة والعواصم العربية لسيناريوهات ما بعد داعش؟ إن أهم سلاح هزم داعش هو الجماهير العربية المتوحدة والرافضة للتعصب والتطويف والمتمسكة بوحدة واستقلال أرض بلادها.. ولا بد أن تواصل الحكومات العربية حربها ضد داعش اعتماداً على الله سبحانه وتعالى والجماهير العربية الواعية.. والله غالب.