السفيرة منى عمر: رصدنا تحركات إيرانية لنشر المذهب الشيعى فى أفريقيا
ستكون القمة الأفريقية، التى تنطلق فى إثيوبيا غدا، حدثا استثنائيا لمصر، فرغم أنها قمة أفريقية معتادة، فإنها أول مناسبة دولية لرئيس مصر الجديد الدكتور محمد مرسى، كما أنها تنعقد فى واحدة من أهم الدول الاستراتيجية لمصر.. السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، التى اقتنصت معها «الوطن» هذا الحوار، أكدت أن مرسى سيعلن عن مبادرات مصرية جديدة تجاه أفريقيا من أديس أبابا، وقالت إن سفارات مصر فى أفريقيا رصدت تحركات إيرانية لنشر المذهب الشيعى فى أفريقيا، ولكنها أوضحت أن «التشيع» الأفريقى أسبابه اقتصادية والدول العربية تواجهه بالسلاح نفسه.. وإلى تفاصيل الحوار:
* كيف تنظرين للقمة الأفريقية التى تنعقد بعد أيام فى أديس أبابا وطبيعة استعدادات وزارة الخارجية لهذه المشاركة؟
- ننظر لهذه القمة بأهمية بالغة، فالدكتور مرسى سيكون أول رئيس مصرى يقوم بزيارة مقر الاتحاد الأفريقى منذ إنشائه بصيغته الحالية، بالإضافة إلى أن هذا المقر موجود فى دولة إثيوبيا التى تتمتع بأهمية استراتيجية لمصر بوصفها دولة جوار صديقة ومن أهم دول حوض النيل الذى يتصدر أولويات السياسة المصرية الخارجية بصفة عامة وتجاه أفريقيا على وجه الخصوص، ونضيف على ذلك أن إثيوبيا كانت الدولة التى شهدت فيما سبق محاولة اغتيال للرئيس السابق حسنى مبارك، ومن خلال زيارة الرئيس مرسى سيكون ذلك إثباتا أن هذه الصفحة طويت بالكامل، وأن هناك ثقة من جانب مصر تجاه إثيوبيا والشعب الإثيوبى، ويهمنى هنا أن أشير إلى أن السفارة المصرية فى إثيوبيا أبلغتنا بأن هناك ترحيبا منقطع النظير بهذه الزيارة، ليس على المستوى الرسمى فقط ولكن أيضاً على مستوى الشارع الإثيوبى.[Quote_1]
* زيارة على هذا المستوى من الأهمية كيف يمكن استثمارها فى إجراءات فعلية وعدم الاكتفاء بجعلها مجرد زيارة رسمية؟
- يجب ألا تكون مجرد زيارة مراسمية ولا مجرد إثبات أن مصر تشارك فى مؤتمر القمة الأفريقى، فبغض النظر عن أهمية هذا الحدث وكونه فرصة لمصر لكى تبعث رسالة للعالم وليس لأفريقيا فقط بأن مصر عادت بقوة، وجاءت بأرفع تمثيل لها وهو رئيس الجمهورية، ستكون هناك مباحثات ثنائية وتحركات مختلفة على هامش القمة.
* هل تلقيتم طلبات من القادة الأفارقة لعقد قمم ثنائية مع الدكتور مرسى.. وهل طلبت ذلك من قادة دول بعينها؟
- كل ذلك تم بالفعل؛ هناك عدد كبير من الدول التى أبدى رؤساؤها رغبة فى لقاء الدكتور مرسى، كما قمنا -فى وزارة الخارجية- بتحديد عدد من الدول التى نرى من المهم عقد قمم معها على المستوى الثنائى، بالإضافة إلى أننا صعدنا مستوى الإعداد للقمة بسبب مشاركة رئيس الجمهورية.
* وما أهم هذه اللقاءات؟
- معظم هذه اللقاءات ما زالت فى مرحلة الإعداد والتحديد النهائى، ولكن من المهم جدا عقد قمه مصرية إثيوبية بين الرئيس مرسى ورئيس الوزراء الإثيوبى ميليس زيناوى، وهنا يجب أن ننوه بأن زيناوى كان قد تقدم ببادرة نحو الشعب المصرى خلال زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية العام الماضى، ووعد بعدم التصديق على الاتفاق الإطارى لحوض النيل حتى يتم انتخاب رئيس لمصر، والآن أنهينا هذه المرحلة وعلينا أن نتوصل مع إثيوبيا لصيغة توافقية تعمل عليها الوفود الفنية فى البلدين بشأن الاتفاق الإطارى، وما لم نتوصل لهذه الصيغة التوافقية لن نكون فى موقف جيد، وبالتالى سنحتاج خلال هذه القمة الثنائية أن يكون هناك تأكيد على أن العلاقات بين البلدين حتمية ومصيرية، وأننا نسعى لمزيد من التعاون المكثف، وهنا يجب أن أوضح أننا قمنا بتكثيف التعاون مع إثيوبيا بعد بادرة الرئيس زيناوى فى كل المجالات بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات المصرية لأكثر من مليار ونصف المليار دولار.
* نفهم من ذلك أن حجم الاستثمارات المصرية فى إثيوبيا أصبح يتجاوز حجم الاستثمارات الإسرائيلية هناك؟
- بالطبع.. فضلا عن تميزنا فى التعاون الفنى وتنمية الكوادر الإثيوبية فى مختلف المجالات، وإرسال عدد كبير من القوافل الطبية، فهناك منطقة صناعية مصرية على وشك بدء العمل، كما كثفت الشركات المصرية مثل «المقاولون العرب» نشاطها خلال الفترة الماضية، وهناك شبكة كبيرة من المصالح والمشروعات الاقتصادية فى مجالات مختلفة، ونحن حريصون على المزيد من التعاون، وأن تكون العلاقات استراتيجية على أعلى مستوى، واللقاء بين الرئيسين سيكون فرصة لتكريس هذا المفهوم بين الجانبين.[Image_2]
* ما فهمته من حديثك أن الأوراق التى نملكها فى الخلاف مع دول حوض النيل تتمثل في «التعاون».. ماذا لو لم يتم التوافق، هل نملك أوراقا أخرى؟
- لا يوجد بديل عن التعاون، والتعاون هو الصيغة الحتمية لمستقبل العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، وليس هناك بالنسبة لنا أى بديل آخر، ولا أعتقد أن التوصل لصيغة توافقية أمر صعب على دول يربطها هذا الكم من المصالح المتبادلة.
* الرئيس زيناوى قدم هذه البادرة بيد، وسرّع من وتيرة العمل فى سد النهضة الإثيوبى باليد الأخرى، وهذا المشروع أصبح مثيرا للقلق فى مختلف الأوساط المصرية.. فما رأيك؟
- القلق مشروع؛ لأننا نخاف على مصالحنا، لكن فى الوقت نفسه هناك لجنة خبراء تم تشكيلها من مصر والسودان وإثيوبيا وخبراء دوليين لمتابعة عملية إقامة سد النهضة، وقاموا بعمل زيارة ميدانية، وتمت إفادتهم بجميع الرسوم لكى يدرسوا هل هذا السد سيكون له آثار سلبية على حصة مصر والسودان من المياه أم لا، والرئيس زيناوى هو من طلب تشكيل هذه اللجنة فى بادرة طيبة منه، ونفى وجود آثار سلبية لبناء هذا السد، طبعا ما زال العمل جاريا بالنسبة للجنة الخبراء، ولم تصل بعد لنتائج نهائية، وإذا توصلت اللجنة إلى انتفاء أى ضرر على مصر والسودان من هذا السد، فأعتقد أن مصر لن تكون لديها مشكلة فى أن تشارك فى بنائه.
* وفى حال أثبتت لجنة الخبراء أن هذا السد سيلحق أضرارا بمصر والسودان.. ماذا سنفعل؟
- سننتظر من رئيس الوزراء الإثيوبى أن ينفذ ما تعهد به، وهو إيقاف العمل فى هذا السد، أو تقديم حلول فنية للمشكلات التى ستسجلها اللجنة فى حال توصلت اللجنة إلى مشكلات.
* نعود للقمة.. ما أهم الأوراق المصرية ومشاريع القرارات التى ستسعى مصر إلى تمريرها خلالها؟
- قمنا بعمل إعداد كامل للقمة ولجدول الأعمال والبنود المدرجة عليه، والتى تتضمن فعاليات فى غاية الأهمية لأكثر من محفل ستنعقد فى إطار القمة مثل قمة «النيباد»، ومصر من الدول المؤسسة لهذه المبادرة، وهى معنية بالتنمية فى أفريقيا، ولدينا مجموعة من الأوراق ستعرض على هذه القمة وسوف يكون هناك مبادرات مصرية ومشروعات مصرية مهمة قمنا بإعدادها، ومن المنتظر أن يقوم الرئيس محمد مرسى بالإعلان عنها من أديس أبابا.
* وما أهم هذه المبادرات؟
- كما ذكرت فإن الإعلان عن هذه المبادرات سيكون من قبل رئيس الجمهورية أثناء مشاركته فى القمة.
* هل من الممكن أن نتعرف على الملامح الرئيسية لهذه المبادرات؟
- سيكون هناك مبادرات ومشروعات مصرية سيعلن عنها لتحقيق التنمية والتعاون مع الدول المختلفة، مبادرات محددة وليست مجرد كلام إنشائى.
* وماذا عن المحافل الأخرى التى ستعطيها مصر أهمية على هامش القمة؟
- هناك اجتماعات وزارية كثيرة على هامش القمة ونعطى لها أهمية كبيرة، مثل اجتماع عن الوضع فى منطقة الساحل والصحراء وهى منطقة لها أهمية استراتيجية أمنية بالنسبة لمصر، وقد تفاقمت التوترات التى تشهدها بعد الأزمة السياسية التى شهدتها مالى وقيام جماعات متطرفة بالسيطرة على شمالها، وما يعنينا بشكل خاص هو منطقة الصحراء فى ظل وضع ليبيا الراهن، لأن هذه المنطقة أصبحت مصدرا لتهريب السلاح والمخدرات والاتجار فى البشر، فهناك خلل أمنى كبير جدا فى هذه المنطقة كجزء من تداعيات الوضع فى ليبيا، فعدد من مواطنى الدول الأفريقية جنوب الصحراء الذين كانوا يعملون ضمن قوات القذافى هربوا بأسلحتهم عندما انهار نظام الرئيس الليبى السابق؛ بعضهم عاد إلى دولته والبعض هرب إلى دول أخرى، وبدأوا فى إحداث قلاقل ومشاكل، وأثبتت الأحداث أن هناك علاقة بين تنظيم القاعدة فى المغرب العربى وبين هذه المجموعات وبدأ الربط أيضاً بحركات الشباب الموجودة فى الصومال، وبالتالى فإن شبكة بهذا العرض ستكون بمثابة حزام ناسف فى أفريقيا وشوكة فى ظهر مصر.
هذه الصورة تجعلنا نعطى أهمية خاصة لمؤتمر الساحل والصحراء الذى سينعقد على المستوى الوزارى على هامش القمة، وبصفة عامة مصر تسعى لإعادة إحياء «تجمع الساحل والصحراء»، بطريقة تختلف عن المرحلة السابقة، فلا يخفى على أحد أن تجمع الساحل والصحراء كان يدور حول شخص القذافى، وبعد مقتل الرئيس الليبى السابق، نسعى لمنع انهيار هذا التجمع لأن به عددا من الدول يكاد يقترب من نصف دول القارة، وبالتالى هو قوة مؤثرة وله أهميته، ونعد من الآن للقمة المقبلة لهذا التجمع والتى من المقرر أن تنعقد فى تشاد نهاية العام الحالى، ونسعى لإعادة هيكلته وتطويره.
* مصر تتمتع الآن بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى.. كيف سيكون إسهامها خلال القمة تجاه بعض الأوضاع غير المستقرة فى القارة؟
- مصر بدأت عضويتها فى مجلس السلم والأمن الأفريقى العام الحالى، وستكون هناك قمة فى أديس أبابا على هامش القمة الأفريقية محورها السلم والأمن الأفريقيان، ومدرج عليها عدد من الموضوعات مثل الوضع فى السودان ودارفور والعلاقة مع جنوب السودان وكذلك الصومال، وطبعا الوضع فى الساحل والصحراء.
* عند زيارة الوفد البرلمانى المصرى لأوغندا قبل حوالى ثلاثة أشهر قال الرئيس موسيفينى بصراحة للدكتور سعد الكتاتنى إنهم لايطمئنون لأنظمة الحكم الإسلامية.. فهل هذا القلق قاصر فقط على الحالة الأوغندية وهى إحدى دول حوض النيل؟
- ليس لدىّ معلومات عن هذه الحالات من القلق، ولكن بالنسبة لأوغندا معروف أن هناك توترا بينها وبين السودان، وقد يكون هذا ما يفسر هذا القلق الذى تتحدث عنه.[Quote_2]
* هناك حديث أيضاً عن محاولات إيرانية لنشر المذهب الشيعى فى أفريقيا وخاصة فى دول الحزام الإسلامى.. فهل هذه التحركات محل رصد من جانب سفاراتنا؟
- حتى نكون واضحين، كل الظواهر التى يشهدها المسرح الأفريقى هى محل رصد من جانب سفاراتنا، وكل السفارات المصرية فى أفريقيا ترصد النشاط الإيرانى، وعملية نشر المذهب الشيعى وكم شخصا تحول مذهبيا هنا وهناك، كل هذه الأمور محل رصد، كما نرصد أيضاً جميع التحركات الإسرائيلية واتجاهاتها.
* إلا تثير هذه التحركات سواء من قبل إيران أو إسرائيل قلقا لدينا؟
- نحن منتبهون جيدا كجهاز دبلوماسى محترف ونرصد هذه الظواهر أو المتغيرات، والحالة الوحيدة التى يمكن أن تمثل قلقا لدى مصر هى أن نكون أقل منهم فى علاقاتنا بالوضع الأفريقى، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، نحن موجودون بقوة ولدينا علاقات متميزة عنهم لأننا من البيت الأفريقى، أما إيران وإسرائيل فليستا من الدول الأفريقية، وبالنسبة لموضوع التشيع فهو يحدث على نطاق ضيق، وغالبا ما يرتبط بالبعد الاقتصادى أكثر منه بالبعد العقائدى، وبالتالى فإن زيادة التعاون والاستثمارات فى هذه المنطقة يحد من هذه الظاهرة، وهذا ليس جهدا مصريا فقط، ولكن هناك دولا عربية أخرى أصبحت نشيطة جدا فى أفريقيا، وبالذات دول الخليج العربى وفى مقدمتها السعودية والكويت وقطر، والأخيرة نشيطه جدا، إذن فهذا الهدف نجتمع فيه مع دول شقيقة أخرى ونقوم بنشاط مهم، والتنسيق فيما بيننا يمثل قوة إضافية لجهدنا.
* هل نملك استراتيجية نحو أفريقيا، هل نعرف ماذا نريد وما علينا فعله تجاه أفريقيا التى ما زالت عند الناس ترتبط بفترة الرئيس عبدالناصر؟
- بدون حديث دبلوماسى، أتمنى أن نخرج من عباءة الماضى وننظر إلى المستقبل.. ونستفيد من الماضى القريب والبعيد، وهناك أشياء تمت بالفعل ويجب البناء عليها، لا داعى لجلد الذات والحديث عن عدم وجود الدور.. هذا الكلام غير صحيح، ولا يصح أن يقال من أجل إرضاء أحد، ولكن علينا أن نكون صادقين؛ السنوات القليلة الماضية شهدت عملا دؤوبا من جانب مؤسسات مختلفة من الدولة تجاه أفريقيا لا يمكن أن نبخسها حقها، والبنية التى سننطلق منها الآن من استثمارات ودعم فنى وتدريب الكوادر والمنح الدراسية وزيارات ثنائية كانت جهدا مستمرا، ولكن ما نقوله الآن ومانحتاجه الآن وما كنا نفتقده فى السابق ونسعى لتعويضه الآن هو افتقاد وجود الرمز المصرى ورأس الدولة فى كل المحافل الأفريقية، لأن طبيعة أفريقيا والعلاقات فيها تتسم فعلا بشكل الأسرة والعلاقات المباشرة بين الرؤساء، وتلك العلاقات ترسم الخيوط العريضة للسياسات فى القارة بغض النظر عن الجهد الذى يبذل من جانب الوزراء أو الفنيين؛ اللقاءات المغلقة بين القادة لها أثر بالغ على أى جهد، ومصر كانت دائما غائبة عن هذه اللقاءات وهذه المحافل على هذا المستوى وبالشكل الذى أتحدث به.
* هل أزمة الغياب المصرى فقط تتمثل فى الغياب الرئاسى؟
- هناك غياب أيضاً على مستوى المجتمع المدنى، والبرلمان المصرى أيضاً لم يكن له أى دور فى أفريقيا، وهذا أمر بالغ الأهمية، وكذلك الإعلام المصرى غير موجود وغير مهتم بأفريقيا، ليس له تمثيل بمراسلين فى العواصم الأفريقية؛ على الأقل المهمة لمصر، ولا يهتم بأفريقيا حتى فى مساحات النشر، هناك أزمة فى نقل صورة مصر لهذه الدول ونقل صورة هذه الدول للرأى العام فى مصر، لا يكفى العمل الحكومى فالمنظومة لا بد أن تكتمل بكل العناصر.
* إذا كنا نبذل كل هذا الجهد فى أفريقيا فلماذا تفاقم الخلاف على هذا النحو مع دول حوض النيل؟
- الأزمة فى حوض النيل جزء كبير منها سياسى وليس فنيا، وتفاقم الخلاف بسبب التكتم عليه بدلا من احتوائه فى مراحله الأولى، كنا أصحاب المبادرة فى حوض النيل وتم وضع الأطر التنظيمية للاتفاق وتم النقاش فيه إلى أن وصلنا لبعض النقاط الخلافية، وكنا وقتها فى حاجة لدور رئيس الجمهورية مع أقرانه من الرؤساء فى منطقة حوض النيل، وكان من الممكن تخطى الخلافات عبر هذا الدور، علما بأن الأزمة ليست فى كميات المياه ولكن فى إدارتها.
* البعض يقول إن الإدارة الأمنية للملف من جانب جهاز المخابرات العامة كانت أحد أسباب تعقيداته.. فما رأيك؟
- غير صحيح، وأنا أتحدث عن السنوات القليلة الماضية، وما شاهدته من موقعى أن ملف مياه النيل لم يكن يدار بشكل أمنى، كنا نعمل سويا؛ وزارات «الخارجية» و«الرى» وبقية الأجهزة المعنية فى الدولة، ولم تكن أى جهة تنفرد باتخاذ القرار؛ صحيح أن الاعتبارات الأمنية تظهر فى بعض الأحيان، ولكن فى أحيان أخرى تكون هناك اعتبارات فنية، وأخرى سياسية، كل الجهات كانت تدلى بدلوها وترفع التقارير للمستويات العليا فى الدولة لتتخذ القرار النهائى.
* من واقع درايتك ومعايشتك للملف الأفريقى هل تعتقدين أن مصر بحاجة لكيان مؤسسى متخصص فى أفريقيا؟
- بالتأكيد، واقترح أن يكون هناك وزير دولة لشئون أفريقيا، مثل الدور الذى كان يقوم به الدكتور بطرس غالى والدكتور محمد فائق، وزير دولة يكون معنيّاً بكل تفاصيل أفريقيا، ولكن بخلاف الشكل المؤسسى يجب أن يكون هناك عملية توعية للمجتمع المصرى بحقيقة وطبيعة وأهمية أفريقيا، وتغيير الصورة الذهنية ونمط التعامل مع القادمين من أفريقيا، وتغيير لهجة الاستعلاء والسخرية.. وفى هذا الخصوص لن أنسى موقفا فى القمة الأفريقية التى استضافتها مصر فى عام 2003، فكان هناك إعلان لنوع شوكولاته تظهر به فتاة بيضاء وحولها مجموعة من الرجال داكنى البشرة بصورة مهينة، حيث أظهر الإعلان الأفارقة وهم يرتدون الريش ويسعون لافتراس الفتاة ثم تركوها عندما أعطتهم الشوكولاته، لك أن تتخيل مدى الانزعاج والضيق الذى انتاب القادة الأفارقة عندما شاهدوا هذا الإعلان فى التليفزيون أثناء إقامتهم فى مصر.