«عِناد» صابر يعلّق رقبته على «المشنقة»: «حرقت مراتي وولادي عشان انتقم»
المتهم بقتل زوجته وابنائه الاربعة فى الوراق
أحالت محكمة جنايات الجيزة، أوراق تاجر إلى فضيلة المفتي، بتهمة محاولة قتل زوجته و4 من أبنائه «حرقا» مع سبق الإصرار والترصد، بعد نحو عامين من نظر القضية في المحاكم.
بدأت حكاية «صابر» منتصف يونيو 2015، لم يأخذ من اسمه شيء، فقد كل حيل الصبر، أمال ظهره للحائط واسترخى مفكرا، كان يبحث عن مخرج لأزمته مع زوجته «سلوى»، آخر ما كان يتوقعه منها أن تعلن العصيان في وجهه، سأل نفسه: «إذا كانت ترفض التفرغ لبيتها وأسرتها فما أهميتها إذن؟»، لم يجد إجابة تطفئ غضبه، بقي السؤال معلقا في رأسه بلا جواب، قال لنفسه إنه يلبي كل طلباتها، وهي في المقابل «أنانية» ولا تهتم سوى بنفسها، فكر وفكر، لكنه وجد نفسه كأنه يسبح في فراغ.
قبل وقوع الجريمة، وجد «صابر» نجله يدخل عليه عصرا، ويقول: «بابا أنا لسه مافطرتش»، لم يرد عليه وغاب في ظلام تفكيره.. إلى متى ستظل صابراً يا صابر؟ شعر بدمه يغلي في عروقه، حسم أمره في لحظة: «خلاص يروحوا عند ربنا يخدموا بعض» وقرر أن يفعلها.. أن يتخلص من أولاده حرقا وهي معهم، وفعلها.
صابر علي بخيت (48 عاما)، صاحب محل بقالة، كان يقيم بصحبة أسرته، داخل شقة مكونة من 3 غرف وصالة وحمام، بالطابق الثاني في عقار مكون من 5 طوابق، في حارة مجدي مرجان المتفرعة من شارع جمال عبدالناصر بمنطقة الوراق.
ليلة الجريمة، صعد «صابر» إلى شقته، وقتل زوجته وأبنائه الأربعة حرقا، سكب جركن بنزين على جسد زوجته سلوى حبيش (35 عاما)، مدرسة، وأبنائه كيرلس، 13 عاما، كلورين، 10 أعوام، كاترين، 8 أعوام، وكارمن، 8 أعوام، وترك الأطفال حتى تفحمت جثثهم، وغادر الشقة، وخرجت زوجته وراءه مسرعة، لكنها توفيت في وقت لاحق.
أحداث الواقعة، كما جاءت على لسان المتهم صابر بخيت، في أثناء حديثه لـ«الوطن»، أنها تعود إلى 16 عاما، في أقصى الصعيد وبالتحديد في محافظة أسيوط، عندما قرر الارتباط بابنة خاله «المجني عليها»، وتزوج منها في الصعيد، وقرر مغادرة الصعيد في العام 2000 بصحبة عائلته، واشتروا منزلا مكونا من 5 طوابق بشارع جمال عبدالناصر بالوراق، بمحافظة الجيزة، وأقام هو وزوجته في شقة بالطابق الثاني في العقار.
يستكمل المتهم كلامه: «عقب استقراري في منطقة الوراق، اشتريت محل بقالة، واستمر الوضع هادئا، وأنجبنا 4 أولاد، ولم يكن لدينا مشكلة مادية أو أسرية، اشتريت تروسيكل وكنت بوزع عليه بضاعة للمحلات الصغيرة، واستمر الوضع ده لحد ما والدة ووالد زوجتي اتوفوا».
يضيف المتهم، عقب ذلك الحادث، كانت زوجتي تمر بحالة نفسية سيئة، وحاولت إخراجها من حالتها، وطلبت منها الخروج، أو السفر للتنزه وتغيير الأجواء الكئيبة، لكنها رفضت وعرضت عليّ العمل في التدريس بإحدى الكنائس في المنطقة، من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الواحدة ظهرا، 5 أيام في الأسبوع مقابل 200 جنيه شهريا، وافقت على ذلك حتى تخرج من حالتها النفسية السيئة، واستمر الوضع على هذا طوال السنوات الثلاث الماضية، وكانت مواعيد عملها لا تتعارض معي، لأنها كانت تحضر إلى المنزل في أوقات مبكرة، لمراعاة الأولاد والمذاكرة لهم، ولم يحدث أي خلاف، رغم أني كنت أرفض فكرة العمل قبل ذلك، ولكني قبلت حتى تخرج من تلك الحالة النفسية السيئة».
يواصل «بخيت» كلامه قائلا: «طلبت زوجتي إعطاء دروس لبعض الطلبة في الحضانة، مقابل 100 جنيه زيادة في الراتب، على أن تنهي عملها في الثالثة عصرا، ووافقت بعد أن وعدتني بأن ذلك لن يؤثر على عملها في المنزل وتربية الأولاد، واستمر الوضع هادئا دون خلافات».
يتابع «صابر» كلامه: «قبل الحادث بيومين، فوجئت بابني كيرلس، ينزل من الشقة ويحضر إليّ في المحل، ويطلب مني إعداد إفطار له، لأنه لم يجد إفطارا في الشقة، انتظرت حتى حضرت زوجتي من عملها، صعدت إلى الشقة، وعاتبتها على عدم إعداد الإفطار للأولاد، لكنها لم تعتذر عن التقصير، وحدثت بيننا مشادة كلامية، انتهت بطلبي منها ترك العمل في التدريس، والتفرغ لتربية الأولاد، لكنها رفضت وأصرت على العمل، فهددتها إن لم تترك العمل سأقتل الأبناء، لكنها أيضا أصرت على العمل، فقررت قتلها والأولاد حرقا».
يشرح المتهم تفاصيل المحرقة، قائلا: «غادرت المنزل بعد المشادة، وجلست في المحل لساعات، وقررت تنفيذ المحرقة، أغلقت المحل، واتجهت إلى العقار، وأحضرت جركن البنزين الذي أستخدمه لتموين التروسيكل، وفتحت باب الشقة، ووجدت زوجتي نائمة بصحبة أولادي داخل غرفة في الشقة، فتحت الباب، وسكبت البنزين على أجسادهم، وبدأت إشعال النيران باستخدام كبريت لكنه لم يشتعل، وفي ذلك التوقيت استيقظت من النوم وحاولت منعي وتشاجرت معي، إلا أنني أخذت قراري بقتل الأطفال لكي أحرق قلبها عليهم، وأخرجت ولاعة من طيات ملابسي، وفي أثناء محاولتي إشعال النيران على الفور، نشب الحريق في ملابسى وملابس زوجتي، وصالة الشقة، فخرجت أنا وزوجتي مسرعين إلى الشارع، وتركنا النيران تلتهم أجساد أولادنا».
يتابع المتهم: «أنقذنا الجيران، أنا أصبت بحروق بسيطة، وزوجتي أصيبت بحروق كبيرة في مختلف أنحاء جسدها، لكنها توفيت، وحاولنا إنقاذ الأطفال، لكن لم نتمكن من إنقاذهم سوى جثث متفحمة، هو ده اللي حصل بالضبط، أنا قررت الانتقام منها علشان هي رفضت تسمع الكلام، وهددتها بقتل الأولاد، وكانت مفكراني بهزر، بس أعمل إيه، خلاص كده الحياة مالهاش أي لازمة، قتلت ولادي، وحرقتهم، وضيعت مستقبلي، بسبب العند بيني وبين زوجتي».
أقوال المتهم وتقرير الطب الشرعي الخاص بالضحايا، والمعمل الجنائي الخاص بالحريق، وأقوال الشهود، وأقارب المجني عليهم، مسجلة في محضر تحقيق أجرته نيابة حوادث شمال الجيزة، تحت إشراف المستشار أحمد البقلي المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة، والمستشارين إبراهيم بدوي وأحمد الحمزاوي مديري نيابة الحوادث، اللذين انتقلا إلى مكان الحريق وأجريا معاينة تصويرية لمكان الواقعة، وحققا في الواقعة، وعقب ذلك أصدرت النيابة قرارا بحبس المتهم 15 يوما على ذمة التحقيقات، بتهمة القتل العمد والشروع في القتل والحريق العمد.
واليوم، أسدلت محكمة جنايات الجيزة، الستار على القضية، بإحالة أوراق المتهم إلى فضيلة المفتي، لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامه.