«التدريب والتعليم المزدوج».. مبادرة لإنقاذ مصانع المدينة من الإغلاق وتأهيل الشباب لسوق العمل
أحد الطلاب أثناء التدريب
أطلقت قيادات مديرية التربية والتعليم فى الغربية مبادرة لتأهيل شباب التعليم الفنى لسوق العمل، ومواجهة ظاهرة البطالة التى يعانى منها خريجو مدارس التعليم الفنى والصناعى، تحت اسم مبادرة «التعليم والتدريب المزدوج».
وجاءت الخطوة الإيجابية الأهم ضمن هذه المبادرة من قبل أصحاب المصانع، الذين وفروا فصولاً داخل مصانعهم، لتأهيل فريق متكامل من الطلاب المدربين على مستوى قطاع التعليم الصناعى والفنى فى المحافظة لسوق العمل.
وكيل «التعليم»: نتواصل مع مسئولى التعليم الصناعى وأصحاب المصانع لتوفير فرص تدريب وعمل لطلبة المدارس الفنية
أصحاب المصانع الكبيرة أوضحوا لـ«الوطن» أن «السبب وراء تلك المبادرة هو مجابهة أهم تحديات الصناعة، من خلال توفير العمالة المدربة، خاصة أن صناعة الغزل والنسيج من الصناعات كثيفة العمالة».
وفى شارع حطين فى منطقة «منشية البكرى»، حيث تقع «مدرسة فاكو» داخل أحد أكبر مصانع الملابس فى مدينة المحلة، يجلس الصبى محمد حسن، 16 سنة، وراء ماكينة الخياطة، حيث يشرف عليه أحد العمال الأكبر سناً، ويتلقى منه التعليمات، ويقول «محمد» لـ«الوطن» إن أسرته هى التى دفعته للاشتراك فى تلك المبادرة، حيث يحصل على دخل مالى، ويتمكن من اكتساب مهارة كبيرة فى تلك الصناعة، قائلاً «أهلى كانوا عايزين يوظفوا طاقتى، وقالوا لى مفيش قعدة على القهوة بعد كده»، ويوضح «محمد» أنه «للالتحاق بمبادرة التعليم والتدريب الفنى هناك اشتراطات معينة، تعتبر بمثابة نظام تعاقد بين المدارس الفنية والمصانع الكبرى فى مدينة المحلة، خاصة أن جميع المدارس الفنية تفتقر للميزانية، الأمر الذى يمنعها من توفير جانب عملى للطلاب فى المدارس: «كانوا طالبين درجات معينة فى تنسيق المدرسة ماتقلش عن 195 درجة، وفى المدارس الفنية معندناش مكن ولا معدات نتدرب عليها أصلاً»، ويوضح الشاب أن «المصانع التى تسمح بنظام التدريب الفنى تمكنت خلال الفترة الأخيرة من توفير أفضل الماكينات وأحدثها، وهى تتطلب مجهوداً كبيراً فى التعرف عليها واستخدامها، والأمر لا يتعلق بمعرفة فن «الخياطة»، أو الجلوس على الماكينة فقط».
أما عن مدى ملاءمة التدريب لظروف الطلاب، فيقول «محمد» إن «الجدول مقسم 4 أيام للدراسة ويومين فقط للتدريب فى أيام الدراسة العادية، أما فى الإجازة كتير منا بيشتغل طول الصيف فى المصانع»، موضحاً أن مراحل تعلم الصناعة تشمل تدوير المواد الخام المتعلقة بالصناعة وتجهيز الأقمشة باستخدام المواد الكيماوية والكلور، ثم آلية صبغها وتحضيرها، غير أن الجزء الأهم، الذى تخصص فيه هو «تقفيل القماش»، ويشير الشاب إلى أن المبادرة توفر دخلاً لا يقل عن 600 جنيه شهرياً بالنسبة للطالب، وقد تزيد وفقا لإنتاجيته، حيث يعامل الطالب فى تلك المصانع مثله مثل العامل تماماً، ويحصل على خبرة كاملة فى ذلك المجال تؤهله للاستمرار فى الصناعة، كما تحميه من خطر التسرب من التعليم، قائلاً، «اتعلمت إزاى أعمل ملابس ومفروشات، وأعرف مراحل الشغل فى وقت قصير».
فيما تقول «مى أحمد» إحدى الطالبات الملتحقات بمدرسة «مبارك كول للتدريب والتعليم المزدوج» إنها التحقت بالمدرسة منذ عامين، موضحة أنها تعمل طوال يومها الدراسى بمعدل يتراوح ما بين «2- 5» ساعات يومياً، وتضيف «مى» أن زملاءها الذين يتخطون الـ170 طالباً، جميعهم يوزعون على مصانع خلال فترة الصيف، من أجل استمرار التدريب، ولضمان حصولهم أيضاً على دخل شهرى، ومن أشهر تلك المصانع «مصنع الصياد للملابس ومصنع فاكو، ومصانع الغزل والنسيج فى قرى الراهبين»، وتؤكد «مى» أن «طبيعة أبناء المحلة أنهم يهتمون بقيمة العمل، حتى إن السيدات والفتيات يوفرن ماكينات فى البيوت، أو يساعدن أزواجهن فى الورش والمصانع، ومعظم اللى بيشتغلوا فى المصانع حالياً هما البنات، لأننا بنسمع كلام المشرفين، وبنلتزم، وبنتعلم إن أهم حاجة الدقة فى تقفيل الشغل، ميطلعش فيه غلطة».
فى المقابل، أكد الشناوى عايد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالغربية، لـ«الوطن» أنه تم الدفع بأكثر من 1600 متدرب سنوياً لسوق العمل للمصانع لتهيئة الطاقة الفنية المتدربة والتأهيل لتشغيل ماكينات «سنجر وأوفر» والوبريات والنسيج الدائرى على مستوى مدارس قطاع التعليم الفنى فى جميع أنحاء المحافظة»، وأوضح وكيل وزارة التربية والتعليم أنه يتواصل بشكل دورى مع مسئولى قطاع التعليم الفنى بالوزارة من جهة وأصحاب مصانع الغزل والنسيج من جهة أخرى لتعميم التجربة بشكل كبير، لافتاً إلى أن «تأهيل ولادنا الطلاب وتدريبهم فى مدارس التعليم والتدريب المزدوج ثروة قومية لا بد أن نحافظ عليها وأن نعمل على تنميتها لصالح مصر المستقبل».
من جهته، قال المهندس ناصر حسن، مدير قطاع التعليم الفنى والصناعى بمديرية التربية والتعليم فى طنطا: «إحنا قادرين بجد على تغيير الفكرة السلبية عن التعليم الفنى وبكره بتاع الطلاب هيبقى أفضل»، مشيراً إلى أن تجربة التدريب والتعليم المزدوج ترفع المستوى الاقتصادى للطالب من دخل شهرى يتراوح ما بين «500 - 1000» جنيه، ويشير «حسن» إلى أنه تم التنسيق مع أصحاب المصانع الخاصة التى تعانى من نقص العمال على توفير مهارات تدريب نموذجية وقطاعات علاجية لرعاية الطلاب صحياً وتأهيلهم، مشيراً إلى أنه جار تعميم التجربة على مستوى كافة المصانع فى المناطق الصناعية التى تواجه صعوبات بسبب عدم توافر العمالة المدربة.
.. وطالبة تتلقى تدريبها على ماكينة خياطة