«عابدين والجمالية» مقر من غرفتين.. والعمل وقت «حملات التطعيم» فقط
صورة أرشيفية
لا توجد معالم إرشادية تشير إلى وجود مكتب صحة عابدين، فى العمارة رقم 197 بشارع التحرير، فى منطقة وسط البلد، باستثناء عنوانه المُقيد على شبكة الإنترنت، لا يعرف مكانه لا أصحاب المحلات التجارية المنتشرة بجوار العمارة الكائن فيه، ولا بعض مرتادى العمارة أنفسهم، غير بواب العمارة، الذى أخبرنا بأنه عبارة عن غرفتين فى الطابق الأول، ولا يعمل بشكل منتظم إلا فى أيام بعينها.
هممنا بالصعود إليه، إلا أن البواب الأربعينى منعنا بقوله «المكتب مقفول، مابيفتحش غير وقت حملات التطعيمات، الممرضات بييجوا يفتحوا ويقعدوا من الساعة 8 الصبح لحد 2 الضهر، وبيعلقوا يفط الحملة على مدخل العمارة عشان الناس تعرف إن الحملات بدأت»، باستثناء ذلك يغلق أبوابه، والأهم من ذلك أن المواطنين لا يقصدونه، لأنه لا يقدم خدمات أخرى غير التطعيمات، سألناه: «ولو حد تعب فجأة وهو جنب الوحدة يعمل إيه؟»، فأجاب بأن المكتب يوجد فى منطقة وسط البلد، على بعد خطوات من العديد من المستشفيات الحكومية الكبيرة والمركزية، ما يعنى أن وجوده لا يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لأهالى المنطقة الذين لا يعلم غالبيتهم مكان وجود المكتب.
«بواب بعابدين»: «بقالى 40 سنة فى العمارة والمكتب ما بيفتحش غير لما يكون فيه تطعيم»
اعترضنا على حديث الرجل الخمسينى، وأخبرناه بأن جميع مكاتب الصحة لا بد أن تفتح أبوابها أمام الجمهور بشكل يومى، منذ الصباح الباكر، وهو ما يفترض أن يحدث فى المكتب الموجود فى العمارة التى يقف على بابها، فرد علينا بأن حديثنا جانبه الصواب ولا يلامس أرض الواقع الذى يعلمه أكثر منا، لأنه يعمل بالعمارة منذ ما يزيد على 40 عاماً، اعتاد خلالها أن يرى أبواب المكتب مغلقة، لا يتم فتحها إلا وقت حملات التطعيم فقط، حيث يأتى إليه عدد كبير من المواطنين ينتظرون موعد الفتح وبدء العمل من قبل الساعة الثامنة، بصحبة أطفالهم الذين سوف يحصلون على التطعيمات المختلفة، ثم سرعان ما ينصرفون بعد تطعيم أطفالهم.
فى حى الجمالية، يعلم الكثيرون مكان الوحدة الصحية، مع اختلاف أسمائها بينهم، البعض يعرفها بمكتب الصحة والأسرة، والآخر بمكتب التطعيمات، إلا أنهم أجمعوا على غلقها المستمر وعدم فائدتها، نظراً لأنها لا تقدم خدمات أخرى بجانب التطعيم الدورى.
وقفنا أمام مكتب الصحة، وحاولنا الوصول إلى أى من العاملين بداخله، إلا أننا لم نجد أحداً، حتى أخبرنا صاحب محل سوبر ماركت قريب من المبنى بأن العاملين فيه لا يأتون إلا أيام التطعيمات فقط، وينصرفون فى أيام وجودهم قبل الثانية ظهراً، وفى الأيام العادية يأتى إليه عامل وممرضة يجلسان فيه لوقت قصير، ثم ينصرفان «بس هما ينتظموا فى توزيع التطعيمات»، وأضاف الرجل الخمسينى أن أهالى المنطقة لا ينتظرون خدمات صحية من مكتب الصحة، فالجميع يقصد المستشفيات العامة المنتشرة فى أنحاء القاهرة المختلفة، الأهم من ذلك -طبقاً لقوله- أن مكتب الصحة لا يقدم خدمات غير التطعيمات، سواء أدوية أو أمصال أو أى شىء آخر، الأمر الذى اعتاد عليه أهالى المنطقة، فأصبحوا لا ينتظرون من المكتب الصحى شيئاً، الخطير فى الأمر -طبقاً لما قاله صاحب السوبر ماركت- أنه فى بعض الأحيان توجد مشاكل عديدة فى سير العمل أثناء وجود حملات للتطعيمات، تتمثل فى غياب بعض الممرضات المسئولات عن التطعيم، وحينما يعترض الأهالى يخبرهم الموجود منهم بأنهم «بيلفوا على البيوت على الأطفال عشان نظام حملة التطعيم بيجبرهم على كده»، بالإضافة إلى انتهاء مصل التطعيم الدورى بعد ما يقرب من ساعة فقط من بدء توزيعه، ما يجبر بعض الأهالى على الذهاب إلى وحدات صحية فى مناطق أخرى للحصول على التطعيم.