الشائعات والأقاويل والافتراءات والتلفيقات، نعيش وسطها جميعاً ونختبرها بحياتنا، إما كجمهور يسمعها ويشاهدها ويتابعها فى صورة حقائق ومعلومات تروج لنا، وإما نكون نحن أنفسنا ضحية لها.
أولاً ما الفرق بين الشائعة والمعلومة؟ وكيف لا نقع فريسة لشائعات ترسخ الكذب بحياتنا وعقولنا، نظلم بها أناساً ونضر آخرين!! أو نعتقد فى بعض الأشرار خيراً!
الفرق بين المعلومة والإشاعة هو الفرق بين الصدق والكذب. الصدق دائما له دلالات وللكذب أيضاً علامات، المعلومة يكون لها برهان ودليل ووثيقة أو على الأقل مظاهر ومعالم، لذلك عليك دائماً بطلب الإثبات والبرهان قبل أن تصدق ما يقال أمامك، قال تعالى «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ»، إذاً فالمعلومة لتكون صادقة يلزمها الدليل، اطلبوا الأدلة دوماً، ولا تعتنقوا الكذبات كحقائق.
حتى الأدلة والبراهين ربما تزوَّر وتدلس أو يقوم مروج الإشاعة أو الكذبة بخلط جزء صغير حقيقى بأجزاء عديدة كاذبة ليمرر معلومة ما، مختلقة من عنده، تفيده مادياً أو معنوياً أو كيداً وغيظاً من ضحيته المتشنع عليها.
لهذا هناك جزء آخر يتعلق بالإشاعة علينا مراقبته وهو الجزء الأهم، معرفة مصدرها ومن هو مُطلِقُها! وما هى دوافعه؟! أيملك مصداقية ما؟! أم هو ملوث كاذب ومدعٍ أم مهرطق خَرِفْ!! أو هو وضيع انتهازى، أم صُفِعَ صفعة كبيرة لا يقوى على ردها إلا من الأبواب الخلفية والطرق الملتوية.
نعلم جميعاً أن مروجى الإشاعات ليسوا فقط أفراداً لئاماً، بل قد أخذ هذا الدور أيضاً دولاً وتحالفات وكيانات فكانت الإشاعات وقت الحروب، واستخدمت كذلك كسلاح أساسى وقت انعدام الحروب فيما يعرف بالحروب الباردة أو الحروب النفسية!!
علمتنى الحياة ألا أصدق كل ما يقال لى أو أسمعه يمرر أمامى!! فدائماً خلف المعلومة حقائق أخرى وتفاصيل عديدة، إن علمناها فقأنا عينى قائلها وقبلنا الأرض تحت أرجل المتقول عليه!
هناك معايير تجعلك فى مأمن من غزو دماغك بالأكاذيب أو استماعك للتلفيقات بأنواعها، (ترياق يحمى من سم أفاعٍ زعاف يصب بالأذان):
أولاً: عليك بإخضاع جميع ما تسمع على المحملين، بمعنى أعطه ٥٠٪ باحتمال الصواب و٥٠٪ أخرى بأنه كذب.
ثانياً: أخضع المتحدث بالمعلومة للاختبار من حيث مصداقيته! أخلاقه! سمعته! أهدافه ومآربه الشخصية!! موقفه ودرجة اهتزازه أو تعرضه للخطر!! أو سلامة قواه العقلية!!
ثالثاً: حلل ما سمعت وأخضعه للمنطق والممكن!!
رابعاً: اطلب الدليل أو البرهان.
خامساً: استوثق من الطرف الآخر إن علمته واطلب منه تبيان الأمر.
سادساً: احرص على حرية عقلك وتفكيرك ولا تسلمهما لكائن من كان، لكى لا تكون أداة أو بوقاً لأحد.
سابعاً والأهم: اعلم دائماً أن ما خفى كان أعظم وأن لكل كذبة حقيقة لا يعلم تفاصيلها إلا الله ومن ثم أصحابها الحقيقيون.
الإشاعة أو الكذب فقاعة خادعة وهى حيلة الشيطان الأولى، وسلاح الضعيف الذى لا يقوى على المجابهة أو مَنْ إذا قِيلت الحقيقة وعُرفَتْ حُطّ من قدره أكثر وأكثر.
الإشاعة أو الكذب من آيات المنافق، الذى عرفه رسولنا الكريم بأنه: «إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر». أعاذنا الله وإياكم من الإشاعة ومن المشنعين، وأنزلهم الله منازلهم التى يستحقون بالدنيا والآخرة.