خلال مؤتمر جماهيرى لتوزيع أراضى مدينة 6 أكتوبر والإعلان عن بداية إنشاء المدن الجديدة الرئيس السادات يسأل المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان حينذاك عن قطع الأراضى التى طرحتها الوزارة؟ قال 20 ألفاً، وعدد المتقدمين؟ أجاب الكفراوى 150 ألفاً، سأله السادات عن سعر المتر أجاب خمسة جنيهات يا فندم، فقال السادات إذن اعتمد يا كفراوى هذا القرار الجمهورى قبول كل الطلبات وبخمسين قرشاً للمتر بدلاً من خمسة جنيهات، الكفراوى علم وينفذ، فى اليوم التالى ذهب الكفراوى للسادات وقال له غاضباً يا ريس كيف توافق على منح أراض لـ150 ألف مواطن وبسعر المتر خمسين قرشاً فقط؟ سيادتك عارف يكلف الدولة كام؟ قال له السادات؛ اسمع يا كفراوى حتى تتعلم سياسة حينما تطرح 20 ألف قطعة ويتقدم لك 150 ألفاً فهذا معناه أن الشعب يثق فى النظام، وهنا يجب على النظام مكافأة الشعب على هذه الثقة ويخفض سعر المتر إلى 50 قرشاً، لا تغضب يا كفراوى أنا أبلغت وزير المالية يعتمد لوزارتك فرق الثمن.
الرئيس السيسى حينما طلب من الشعب المساهمة فى تمويل حفر قناة السويس جمع 64 ملياراً فى أسبوع، وحينما طلب منه تفويضاً لمكافحة الإرهاب خرج بالملايين، وبعد نكسة 67 الشعب وقف خلف قواته المسلحة والملايين نزلت الشوارع تطالب الرئيس المهزوم بالتراجع عن قراره بالتنحى، هو نفس الشعب الذى ساند جيشه فى انتصار أكتوبر حتى المجرمين توقفوا عن جرائمهم، هو أيضاً نفس الشعب الذى حافظ على بلده وحما مؤسساته بعد تنحى مبارك، وهو أيضاً الشعب الذى يشكره الرئيس السيسى فى كل المناسبات المحلية والدولية لأنه تحمل قرارات اقتصادية غاية فى الصعوبة، كل هذه المقدمة الطويلة أقولها لأن بعض المسئولين حالياً يتهمون الشعب المصرى بأنه كسول ولا يريد أن يعمل، نفس الكلام تقريباً منسوب لأحد علمائنا فى الخارج، حيث قال لرئيس مصرى إنه عثر على حفريات فى الصحراء الغربية من عهد الهكسوس مكتوب عليها أن الشعب المصرى كسول، وللأسف معظم الإعلاميين حالياً يرددون هذا الكلام فى إطار من النفاق الممجوج حتى يحملوا الشعب مسئولية المشاكل التى يعانى منها البلد، الشعب المصرى ليس كسولاً والصالحون فيه هم الأكثرية أما الفاسدون والفاشلون نسبة لا تذكر، وعموماً فى كل المجتمعات الصالحون أكثر بكثير من الفاسدين حتى تستقيم الحياة، مشكلة الشعب المصرى هى سوء إدارته على مدار نصف قرن، وكما جاء فى بيان القوات المسلحة يوم 30 يونيو 2014 أنه لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به، أبناء هذا الشعب هم الذين حرروا الأرض وطردوا العدو المحتل وما زالوا يستشهدون فى حربهم الشرسة ضد الإرهاب فكيف يكون شعباً كسلان أو فاشلاً وفاسداً!؟
الإنسان ابن بيئته ونتاج الظروف المحيطة به ورغم فشل وتدهور مستوى التعليم والإعلام والفن والثقافة والأحزاب والسياسة والصحة والاقتصاد إلا أن المواطن المصرى ما زال يحتفظ ببعض قيمه، ووقت الأزمات يظهر معدنه الأصيل ومخزونه الحضارى ويحتاج فقط إلى القدوة ولمن يثق فيه ويحفز قدراته، وسوف يعطى أفضل ما لديه، والأمثلة كثيرة لملايين المصريين فى القطاع الخاص والبنوك والشركات الدولية والسفارات الأجنبية بالقاهرة وفى المصانع والحقول يعملون بمنتهى الجدية والانضباط، كما أن المصريين فى الخارج كانوا سبباً فى نهضة الدول التى يعملون بها، الذين يعلقون فشلهم على الشعب ويتهمونه بالكسل والفشل والفساد يتناسون أن رجال الجيش والشرطة الأبطال من هذا الشعب وأيضاً رئيس الجمهورية الذى كاد يضحى بنفسه من هذا الشعب، إنه شعب عانى كثيراً ويستحق الاحترام والتقدير وحياة أفضل مما هى عليها الآن.