غداً السبت، مؤتمر الإعلان عن نتائج تعداد 2017.. وهو تعداد عام للسكان والإسكان والمنشآت.. وهو يمثل مجمل عملية جمع البيانات الديموجرافية والاقتصادية والاجتماعية التى تخص، فى فترة زمنية معينة، جميع الأفراد فى الدولة، ومن ثم يتم تصنيف هذه البيانات وعرضها وتحليلها ونشرها.. وبالمناسبة فإن التعداد لا يتعرض لحصر المصريين بالخارج.
سبقتنا المملكة الأردنية الشقيقة منذ عامين فى استخدام التعداد الإلكترونى، لكننا سبقنا العالم فى فكرة التعداد نفسه؛ فأوراق البردى تدل على أن ثمة تعداداً للصبية والجنود الصالحين للخدمة العسكرية قد أجرى فى مصر القديمة سنة 3340 قبل الميلاد.
ونابليون بونابرت حين جاء مصر على رأس حملته الشهيرة، بدأ فى تعداد السكان لفهم طبيعتهم ومحاولة الاستفادة منهم بالشكل الأمثل (كان عدد السكان وقتها ثلاثة ملايين نسمة).. أما محمد على باشا، فقد وعى كذلك لأهمية التعداد، ولذلك أجرى التعداد السكانى الذى أُطلق عليه «تعداد النفوس»، فى نهاية ثلاثينات القرن الـتاسع عشر (كان عدد السكان آنذاك أربعة ملايين نسمة).. وهو بالمناسبة أقدم وثيقة تعداد باقية حتى الآن على مستوى العالم كله وتمثل دراسة اجتماعية، اقتصادية، بيئية.. أما أول إحصاء رسمى فكان عام 1882، وأظهرت نتائجه أن عدد سكان مصر هو 6.3 مليون نسمة.
أنشئ أول مكتب للإحصاء فى مصر عام 1878، وكان اسمه «المكتب المركزى للإحصاء»، ثم تحول إلى «مكتب عموم الإحصاء» عام 1905، ثم «مصلحة عموم الإحصاء» عام 1911، ثم «الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء» عام 1964.
تعداد 2017 هو التعداد الرسمى الرابع عشر فى التاريخ المصرى، حيث سبقه 13 تعداداً كان آخرها عام 2006؛ وقد أجريت جميعها بالأسلوب التقليدى الذى يقوم على جمع البيانات من خلال المقابلات باستخدام الاستمارات الورقية.
التعداد الإلكترونى الحالى يمثل نحو 100 يوم من جمع البيانات على أربع مراحل، و46 ألف جهاز تابلت، ونحو 50 ألف فرد، معاونين ومفتشين ومراقبين ودعم فنى، و31 ألف خريطة عمل.. كل هذا نتجت عنه قاعدة بيانات حجمها تيرابايت.
النظام الإلكترونى للتعداد يعنى ببساطة إلغاء عدد كبير من العمليات اليدوية التى كانت تستهلك وقتاً ضخماً وجهداً مضنياً، فالنظام الجديد يلغى طباعة وتوزيع الاستمارات الورقية لجمع البيانات ونقلها وتخزينها، وينهى فكرة طباعة وتوزيع كتيبات التعليمات وقواعد استيفاء البيانات فى الميدان، ويوفر مراحل مثل: مرحلة تجميع السجلات الورقية والتسليم والتسلم للاستمارات من مناطق العمل الميدانى، ومرحلة المراجعة الميدانية للاستمارات الورقية، ومرحلة المراجعة المكتبية للاستمارات الورقية.. وغيرها من المراحل التى كانت تحتاج لعامين كاملين، بعد نهاية الأعمال الميدانية لإخراج نتائج التعداد، بما يجعل النتيجة كاذبة، لأن الواقع يتغير كثيراً خلال العامين.. النظام الإلكترونى يحتاج إلى أقل من شهرين فحسب.
قوة البيانات تتجلى بوضوح فى التعداد، الذى يمثل عموداً أساسياً يسمح بتكوين قواعد بيانات معبرة شاملة تستخدم فى التخطيط للتنمية بشقيها الاجتماعى والاقتصادى.. لأن وضع السياسات التنموية يستلزم وجود قواعد بيانات سليمة، ومؤشرات واضحة تساعدنا على ترتيب الأولويات فى اتخاذ القرار.. ولذلك جاء الشعار العالمى للإحصاء معبراً عن كل ما سبق فقال: «بيانات أفضل.. لحياة أفضل».