نجل «سعادة»: والدى أغمى عليه من الفرحة بعد نجاح أول تجربة للوقود المصرى
أسرة «سعادة» تتحدث إلى «الوطن» عن ذكريات حرب أكتوبر
فى ليلة كان الصمت بطلها الوحيد، لاحظت توقف سماع جهاز التنفس الذى اعتادت على متابعته طوال الأيام الماضية للاطمئنان على استمرار بقاء رفيق حياتها بجوارها دون أن يرحل لعالم آخر بعيداً عنها، إلا أن توقف التنفس دفع الدكتورة شاهندة، زوجة الراحل الدكتور محمود يوسف سعادة، لأن تتحرك بهدوء، وبتمالك أعصاب يصعب تكراره لتتسلل خارج الغرفة وتبدأ فى التحدث إلى شقيقها وابنتها الكبرى «سعاد»، وابنها «كريم»، وحفيدها «محمود»، لتعلن رحيل زوجها عن عمر يناهز 73 عاماً فى أحد أيام شهر ديسمبر عام 2011.
الزوجة: كان عاشقاً للعلم.. وأتمنى أن يعيد الشباب التفكير فى قرار الهجرة
«مات زى الملاك»، بهذه الكلمات وصفت «سعاد»، ابنة الراحل، التى تعمل فى مجال المشروعات التنموية، أثناء لقائها بـ«الوطن» لحظة رحيل والدها، لافتة إلى أن آخر الكلمات التى لفظها قبل وفاته بيوم كانت «الحمد لله»، بعد أن سألته عن صحته، بعد أن استعاد وعيه الذى طالما فقده خلال الأيام الأخيرة التى سبقت وفاته، ولكنها لا تتردد فى قول «أبويا ما بيوحشنيش»، لأنه تملكها عقب رحيله وأصبح يعيش معها دوماً، إلا أنها ما زالت تفقد ربتة يده على يدها.
لم يستطع «كريم»، نجل الراحل ويعمل فى مجال الاستثمار، أن ينسى الكلمات التى كان يرد بها «سعادة» على سؤال ابنه عن سبب الحراسة التى كانت تفرض على منزلهم بعض الأحيان أيام حرب أكتوبر، وأن والده كان يضطر لحمل السلاح، وهى: «عشان لو جه حد من الإسرائيليين أضربه».
تذكر «كريم» اللحظات القليلة التى حكى فيها والده عن مشروع إنتاج الوقود المصرى البديل للسوفيتى، عندما وصل لمرحلة الثانوية العامة حكى له فى إحدى الليالى أن الجيش أوكل له مهمة إنتاج وقود بديل لصاروخ (سام 2)، وأرسل له عينات من الوقود، ليبدأ فى معمله بالتعاون مع فريقه البحثى العمل للتوصل للمكونات الأصلية للوقود. «أغمى عليه من الفرحة»، هكذا وصف «سعادة» لنجله لحظة نجاح تجارب الوقود المصرى للصواريخ فى أحد دروب جبل المقطم، ولم يعلم الكثيرون بهذه القصة إلا بعد أن حكى عنها أحد قادة القوات المسلحة فى أحد كتبه، ولم يهتم «سعادة»، كما ذكر نجله بأن يحكى كثيراً عن هذا الإنجاز، ما يعكس طبيعة شخصيته الجادة، والحازمة والوطنية، إلا أنه لم يلق التكريم المناسب.
ابنة الراحل: «الحمد لله» كانت آخر الكلمات التى لفظها قبل رحيله
أجواء حرب أكتوبر والنصر، تتذكرها زوجته «شاهندة»، عندما لاحظت أنه يبيت داخل معمله لأيام، وعندما كانت تتحدث معه يذكر لها أنه يعمد لإنهاء أحد المشروعات المهمة إلا أنه يصعب عليه ذكر تفاصيلها، وشجعها على التطوع فى مستشفى قصر العينى للمشاركة فى علاج جرحى الحرب، رغم أنه لم يمر على ولادتها لطفلتها الصغرى «ليلى» سوى أسابيع.
«كان قوتى وكان عاشقاً للعلم»، قالتها «شاهندة» متذكرة زوجها الراحل، لافتة لضرورة أن يقتدى الشباب بالعلماء وأبطال هذا الوطن ويعيدوا التفكير فى قرار الهجرة، ويخلصوا فى العلم لتحقيق نهضة هذا البلد.