4 سنوات من البحث عن زملاء «عم شكري» في الحرب: «لقيت واحد مصدقنيش»
حرب أكتوبر- صورة أرشيفية
يجلس أمام التلفاز، تذيع إحدى القنوات أغنية للمطرب محرم فؤاد، تتوارد على ذهنه تلك الذكريات، قبل أربعين عامًا.. «الأغنية دي كان زميلي في الجيش عاملها ميدالية، دي كانت هوايته بينحت المعدن على هيئة كلمات للأيام»، قالها «عم شكري» أحد أبطال حرب أكتوبر، بينما يزداد تمسك ذاكرته بالمواقف التي جمعته بأصدقائه في حرب أكتوبر، وبعد كل هذه السنوات، لا يتمنى شيء أكثر من «سماع صوت» أصدقائه في الكتيبة مرة أخرى.
يزداد حنين «شكري» الذي تجاوز الستين عامًا، إلى أصدقائه في نفس فرقته بحرب أكتوبر، بعد خروجه للمعاش، حسبما يروي نجله «هاني» لـ«الوطن»، الذي يعمل أستاذًا في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، فقصصه لا تنتهي عن بطولاته هو وزملائه، يتذكر بدقة تفاصيل أول يوم له في الجيش، واللحظات العصيبة التي مر بها، ثم فرحة النصر، قبل أن يخاطب نجله: «ما تعرفش توصلني بحد من اللي كانوا معايا في الجيش».
في عام 2013، قرر «هاني» تحقيق أمنية والده، بالبحث عن زملائه في كتيبة «39 كباري نمرة ستة في الإسماعيلية سلاح مهندسين»، التي كان والده جزءً منها، وبعد رحلة بحث مضنية، استطاع أن يصل إلى شخصين، عن طريق «فيس بوك»، الأول لم يستطع الوصول إلى رقمه رغم معرفته بأنه لازال على قيد الحياة، والثاني من محافظة بني سويف: «كلمته مكانش مصدق.. يمكن عشان كدا مخدش الموضوع بجدية»، ومع إصراره على عدم التصديق، حاول الحديث مع نجله: «قولتله أنا مش عايز حاجة غير إن والدي يسمع صوت والدك ويعيدوا على بعض حتى».
لم ييأس «هاني» من عدم تصديق زميل والده وأعطاه «أمارة» على صدق كلامه: «فكر والدك بشكري العسكري اللي كان معاه في الخدمة لما جه أتوبيس محمل أسرى وهو مرضيتش إنه يعدي عشان ما يكسرش الألواح اللي هنحطهاله بين الكوبري والبر، وهو اللي أقنعنه إن عبور الأتوبيس أغلى بكتير من الألواح اللي خايفين عليها».
حتى عام 2015، كان «شكري» يتواصل مع أحد زملائه في الحرب، قبل أن تنقطع العلاقات بينهما، يتذكر «هاني» لحظة معرفة والده أن أحد أصدقائه في الكتيبة لازال على قيد الحياة: «كان مبسوط جدًا.. دي أكتر حاجة هو نفسه فيها دلوقت».
لم ينسى المجند «شكري»، أدق التفاصيل التي جمعت بينه وبين زملاءه في الكتيبة وقت الحرب، يقول هاني: «لسه فاكر كلمة قائده قبل الحرب قالهم إسرائيل بتقول علينا إننا جسد بلا روح عايزين نثبتلهم إننا روح.. دلوقت فيه مشروع حرب استعدوا»، قبل أن يكتشف الجنود أن مشروع الحرب، ماهو إلا نصر أكتوبر، وأن لحظة العبور قد حانت.