رئيس جهاز الاستطلاع السابق: نواجه «أسوأ حرب» فى سيناء لأن العدو خفى
اللواء أ.ح. أحمد إبراهيم كامل، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق
كشف اللواء أ.ح. أحمد إبراهيم كامل، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، عن حجم التحديات التى تواجهها مصر خلال تلك المرحلة، مؤكداً أن قوات الجيش الثالث الميدانى قدمت ملحمة فى تطهير جبل الحلال. وأكد فى حواره لـ«الوطن» أن القوات المسلحة تواجه فى سيناء «أسوأ حرب» لأن العدو خفى وليس ظاهراً، يتنقل وسط الناس ويحصل على معلومات عن الكمائن وأفرادها وأسلوب الخدمة، ثم ينفذ خطته الإرهابية ليلاً.
كيف ترى الأوضاع الآن فى سيناء؟
- هناك إحكام وسيطرة كبيرة نظراً للجهود التى بذلتها عناصر إنفاذ القانون بالجيش الثانى الميدانى وبالتعاون مع قوات الشرطة المدنية وأهالى سيناء الشرفاء ما حقق العديد من النتائج الإيجابية خلال الفترة الأخيرة، ما زاد تشديد الحصار على العناصر الإرهابية بالمنطقة، ورغم أن هناك مناوشات ومحاولات تأتى من جانب بعض العناصر الإرهابية إلا أنه يتم التعامل معها بحزم وسرعة، بما يعكس حجم الجهود المبذولة فى سيناء وأن الضربات التى سددت إليهم مؤثرة، كما أن الأسلوب الذى تتبعه العناصر الإرهابية هو أسلوب جهات كبرى تمول وليس تخطيطات فردية.
هل تقصد أن تلك العناصر تنفذ خطة أجنبية تابعة لكيانات وليس لأفراد؟
- بالضبط، فمن يخطط لتلك العناصر أجهزة تمدهم بالمعدات والأسلحة والتمويل وتلك العناصر تقوم بالتنفيذ، ولا يخفى أن عناصر المخابرات التابعة لبعض الدول تنفذ مخططاتها من خلال تلك العناصر فى سيناء، ولكن بعد مواجهة قواتنا لهم بخطط غير تقليدية نجد العمليات التى يقوم بها العناصر الإرهابية من استهداف كمائن أو تفجير بدأت تتراجع عما كانت تشهده من قبل، فأصبح معدلها الزمنى كل شهر أو كل 40 يوماً، وبدأت تلك العناصر تركز على أسلوبهم فى زرع العبوات الناسفة بعد تشديد الخناق عليهم ومحاصرتهم.
اللواء أحمد كامل: منطقة السر والقوارير بها 85 ألف فدان إذا تمت زراعتها ستكون طفرة فى المجتمع السيناوى
كيف تتسلل تلك العناصر إلى سيناء رغم تدمير العديد من الأنفاق وأصبحت هناك سيطرة كاملة عليها؟
- أريد أن أوضح أن تلك العناصر ليس جميعها من متسللى الأنفاق، ولكن هناك بعض العناصر تستخدم البحر عن طريق نوع معين من قوارب الصيد، ولكن تلك العناصر ليست كلها أجنبية، ولكن هناك للأسف عناصر مصرية تشارك فى هذا الجرم ممن لعب بعقولهم باسم الدين واستغلال ظروفهم المادية وإغراقهم بالمال الوفير فأصبحوا لهم طائعين.
ولكن هناك حرس الحدود الذى يمنع تلك العناصر من المرور؟
- تستخدم العناصر المتسللة قوارب صغيرة للصيد وتستغل الظلام حتى تتسرب إلى سيناء ولكن قوات حرس الحدود تبذل جهوداً كبيرة وتقوم بالقبض عليهم من خلال الحدود سواء كانت بحرية أو برية، وقبضت على أعداد كبيرة منهم وتحيلهم إلى الجهات المتخصصة، ولكن علينا أن نعلم أنه ليس هناك حدود آمنة بنسبة 100%، حتى مع أقوى دول العالم تحدث بعض عمليات التهريب أحياناً رغم إحكام السيطرة.
وأين توجد وتختبئ تلك العناصر؟
- هناك العديد من المناطق التى تعد مناطق تمركز لتلك العناصر، فهى تختبئ فى الجبال الوعره وبالغة الصعوبة حتى لا يصل أحد إليها بسهولة، ومنها منطقة وسط سيناء التى تعد منطقة جبلية كبيرة، والتى بها العديد من الجبال مثل جبل الحلال وجبل المغارة، وأيضاً يوجد بعض الجبال المحيطة بمدينة العريش، بالإضافة إلى بعض الكثبان الرملية الموجودة فى تلك المناطق، إلا أن بعضاً من تلك العناصر توجد بالفعل داخل العريش ويمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعى جداً داخل الكتل السكانية، وقد تراهم أفراداً عاديين من ضمن كتلة السكان وليلاً يقومون بأفعالهم الغادرة، لذلك أرى أنها أسوأ حرب خاضتها القوات المسلحة إلا أن تلك العناصر يتم رصدها من جانب القوات والتعامل معها خاصة عند وجودها مجتمعة، كما أن العمليات الاستباقية لقوات الجيشين الثانى والثالث الميدانى أجهضت العديد من الخطط التى أعدوها لمواجهة أبطالنا فى سيناء.
ليس هناك حدود آمنة بنسبة 100%.. وحتى مع أقوى دول العالم تحدث بعض عمليات التهريب رغم إحكام السيطرة
ولماذا أطلقت عليها أنها «أسوأ حرب»؟
- لكون العدو خفياً وليس ظاهراً، وهو نوع متطور من الحرب، فلم تعد الحروب فى ثوبها التقليدى أن تتلاقى الجيوش المعروفة والمحددة، ولكن العدو خفى، فقد يكون زميلاً فى الدراسة أو جاراً أو مواطناً يتم التعامل معه يومياً، ونهاراً ولديه حرية الحركة، ويتنقل وسط الناس ويحضر معلومات عن الكمائن وأفرادهم وأسلوب الخدمة وعدد العربات وأسلوب الكمين نفسه، بما يجعله لديه تصور ينقله لباقى العناصر عن أسلوب وكيفية الهجوم أو التعامل مع هذا الكمين، ويقوم ليلاً يقوم بأعمال إرهابية.
هناك آلية عمل متوازية تعمل الآن فى سيناء من أجل إحداث التنمية لأهل سيناء.. هل يمكن أن تحدثنا عنها؟
- الدولة تسير على التوازى ومحاور مختلفة فى الملف السيناوى، فالجيش والشرطة يتوليان الجزء الخاص بالمواجهة الأمنية، وعلى علماء الأزهر ورجال الدين المسيحى أن يتولوا الجانب الأيديولوجى والنفسى لإعادة ضبط المفاهيم داخل المجتمع وزيارة الوعى وتكريس الدين على الأسس السليمة والصحيحة، فضلاً عن التنمية الاقتصادية والصحية والتعليم وبالتالى هى منظومات تعمل بجهود متضافرة لا يمكن أن نؤخر فيها طرفاً أو أن أحدهم ينتظر الآخر، فلا يمكن أن نواجه أمنياً ونترك كافة الأطر الأخرى.
ما مدى الحاجة لإقامة محافظة وسط سيناء فى الوقت الحالى وأهميتها لتطوير تلك المنطقة وفقاً لخطة التنمية؟
- المحافظة يمكنها أن تقدم لنا مجتمعاً جديداً، لكونها إحدى ركائز الأمن القومى فى تلك المنطقة، وأصبحت ضرورة حتمية لمواجهة الإرهاب، خاصة بعد الجهود التى قدمتها القوات المسلحة وبذلتها قوات الجيش الثالث الميدانى، الذين قدموا ملحمة فى تطهير جبل الحلال الواقع بمنطقة وسط سيناء وتمشيط المنطقة بالكامل، وأعتقد أننا انطلقنا من نقطة البداية، فوجود محافظة سوف يمنح المواطنين مزيداً من الخدمات التى يمكن أن تقدم لهم وتعمل على تنمية تلك المنطقة خاصة أن الأرض هناك «بِكر»، فنحن بحاجة إلى تنمية وتقديم الخدمات الكاملة بهذه المنطقة، حيث تتوفر بها مناطق كاملة تصلح للزراعة، فهناك منطقة تسمى «السر والقوارير» تلك المنطقة بها 85 ألف فدان وإذا تمت زراعتها ستكون طفرة فى التنمية بالمجتمع السيناوى، وبالتالى يمكن أن أقدم مجتمعاًَ زراعياً بجانب المجتمع الصناعى بجانب مصانع الرخام والأسمنت، بل يمكننا إقامة منطقة صناعية جاذبة للاستثمار، فضلاً عن وجود عدد من الآبار يمكننا إقامة مجتمع زراعى حولها.