«الوطن» ترصد أسباب الانسحاب الأول لواشنطن من «يونسكو»
اليونسكو
ليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من منظمة اليونسكو، حيث سبق وانسحبت قبل 33 عاما بعد أن اعتبرت أن «سياسة المنظمة تتعارض معها، وأن الإنفاق غير رشيد في برامج وأنشطة غير ذات أهمية» وذلك في عهد السنغالي أحمد مختار إمبو الذي كان يتولى منصب مدير المنظمة.
وتبنى «إمبو» سياسة الدفاع عن حق التنوع والتعدد الثقافى فى مواجهة الهيمنة الأمريكية، وفتح أفق النقاش الحر حول حقوق الإنسان والسلام ونزع السلاح ووقف برامج التسلح النووى، فى محاولة للوصول إلى نظام دولى عادل ومتوازن للإعلام وحرية الحصول على المعلومات، ولم يقبل أن تفرض الولايات المتحدة هيمنتها الكاملة على اليونسكو، بحجة أنها تدفع ما يقرب من ربع ميزانيتها، وظلت منسحبة لمدة 19 عاما.
وبسبب انسحاب الولايات المتحدة عانت اليونسكو ماديا، إلا أن دول أخرى تطوعت لتعويض النقص المادى، واستغلت فرنسا غياب أمريكا وأقرت اللغة الفرنسية كلغة رسمية لليونسكو، وكان بمثابة فوز لها، خاصة أن مقر المنظمة يقع بعاصمتها باريس، ولكن عادت أمريكا إلى المنظمة عام 2003 وظلت تدفع حصتها التي تبلغ 60 مليون دولار، حتى توقفت عن السداد فى الميزانية عام 2011، بعد أن صوت أغلبية أعضاء المنظمة البالغ عددهم 107 أعضاء، لصالح انضمام فلسطين إلى المنظمة.
وتكرر الموقف مجددًا بعد أن اعتزام الولايات المتحدة انسحابها من المنظمة بعد 31 ديسمبر المقبل لتعاني المنظمة من نقص التمويل مجددا، ولكن في ظل الانتخابات الجارية الآن على منصب المدير العام الجديد توقعت مصادر دبلوماسية أن تستطيع قطر تعويض هذا النقص في حالة الفوز بالمنصب وقد تحدث تربيطات انتخابية بين الدول الأعضاء لاستمرار أنشطة اليونسكو وأن يكون هناك تنازلات مقابل استمرار التمويل.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير كمال عبد المتعال، أن انسحاب أمريكا من اليونسكو حاليًا يأتي لأسباب سياسية في المقام الأول وذلك بعد مواقف المنظمة الأممية باعترافها بالقدس بأنها عربية سابقًا، مؤكدًا أن كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول مُعارضة لسياسات وقرارات اليونسكو، ولذلك ترى أنها غير ملائمة لها.
وأوضح عبد المتعال لـ"الوطن" أن أمريكا تعلل انسحابها بأن المنظمة الأممية تتدخل في الشئون السياسية بالبلاد تجاه القضية الفلسطينية وهذا غير صحيح لأن الاعتراف بالقدس من العلوم الثقافية التاريخية وهذه من ضمن مهام اليونسكو، وهو ما تراه إسرائيل أيضا لا يتناسب معها وقد تفكر في الانسحاب أيضا من المنظمة.