دخل الدكتور محمد مرسى قصر الرئاسة، ومن قبله تربع الدكتور سعد الكتاتنى على كرسى رئيس مجلس الشعب، وكلما تحقق نصر غرق الدكتور محمد بديع فى نشوة الإحساس بالتمكين للجماعة. ماذا يجمع هؤلاء الدكاترة الإخوان؟ إنه ببساطة عدم الثبات الانفعالى، بمعنى أن أياً منهم لم يستطع أن يتمالك أعصابه وهو يجد نفسه يحقق فى الواقع ما لم يكن يخطر له فى حلم أو خيال. فتسرع فى أفعال وتعجل فى أقوال أثبتت أنه يفتقر إلى ما يجب أن يتوافر فى صاحب الموقع القيادى من حكمة وحنكة وقدرة على السيطرة على انفعالاته المبتهجة بالنصر، الأمر الذى أوقعهم فى أخطاء.
تعالوا نبدأ بـ«الكبير»، الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة: لقد أحس بعد الثورة أن الكل يتحدث إليه، وأن أى شخص أو مجلس أو جهة تريد أن تتحدث إلى شعب مصر لن تجد أمامها سوى «الإخوان»، وجد الرجل العديد من القيادات الدولية وكذا أعضاء المجلس العسكرى الحاكم والإدارة الأمريكية يحجون إلى مكتبه للتفاهم معه على مستقبل هذا البلد، عند هذه اللحظة فقد «المرشد» ثباته الانفعالى، ووجدناه يصرح تصريحات عجيبة، منها على سبيل المثال أن الخلافة الإسلامية سوف تعود وأن الوصول إلى أستاذية العالم -كما كان يقول الشيخ حسن البنا رحمه الله- بات وشيكاً وأصبح على مرمى البصر، واتهم الإعلاميين الذين ينتقدون أداء الجماعة بأنهم سحرة فرعون! كل هذه التصريحات تشهد على غياب الدرجة المطلوبة من الثبات الانفعالى التى يجب أن تتمتع بها أية قيادة.
ولم يختلف الأمر بالنسبة للدكتور محمد مرسى، فما إن انتُخب رئيساً للجمهورية، وأحس بارتفاع الحناجر للهتاف باسمه بعد خطابه الموفق فى التحرير حتى أعجبه الأمر وبدأ يفقد قدراً كبيراً من ثباته الانفعالى، فوجدناه يعيد مجلس الشعب الذى تم حله إلى العمل ليرضى أصحابه أو يغرقهم.. يا عالم! لكن المحكمة الدستورية لم تمهله فألغت قراره بعد ذلك بساعات. شاهد شيخ الأزهر فى طريقه أثناء الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من الفنية العسكرية فأشاح بوجهه عنه ولم يستطع أن يخفى غضبه! أو ربما انشغل بهتافات أهالى الخريجين له، أو كان سارحاً فى الهتافات التى ستدوى باسمه بعد قراره بعودة المجلس، خصوصاً لو جاءت بمذاق الهتافات التى ضجت بها قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة يوم تنصيبه رئيساً. وبمناسبة القاعة وشيخ الأزهر لعل الكثيرين يذكرون ذلك المشهد اللطيف الذى شهدته القاعة يومها حين وجد الدكتور سعد الكتاتنى كرسياً خالياً فى الصف الأول -مخصص لشيخ الأزهر- فجرى إليه ناسياً أبسط قواعد الثبات الانفعالى وتربع عليه. والمشكلة أن الإنسان اللى ميعرفش يمسك نفسه كويس لازم «يتبعتر»!