4 عمارات شهيرة تنتظر «قبلة الحياة»
«القباب» تميز عمارات القاهرة القديمة
4 عمارات ضخمة تتميز بالقباب الفريدة تطل شاهدة على العصر من منتصف شارع عماد الدين، عمرها تجاوز المائة عام وما زالت شامخة وشاهدة على تاريخ المحروسة، ورغم تدهور أحوال هذه العمارات من حيث البنية التحتية التى اهترأت والحوائط التى تآكلت والنوافذ والأبواب التى تحطمت، وإجمالاً يمكننا القول إن ما ذهب منها أكثر مما تبقى، حيث لم يصمد من هذه العمارات فى وجه الزمن سوى القباب الشاهقة التى تحدت كل الظروف وبقيت على شموخها وصمودها، لأنها كانت يوماً تضاهى القباب الشهيرة فى أوروبا قبل أن تغتالها أيادى الإهمال وتحولها إلى مجرد أطلال وأسماء يصعب نسيانها لارتباطها بذاكرة أهل مصر المحروسة.
العمارات الأربع إحداها طليت واجهتها فقط، والثانية لم تمسها يد منذ بنائها، فيما تقف الثالثة تحلم بنظرة اهتمام بعدما طلى نصفها بجهود ذاتية وترك ما تبقى، وكان الحظ من نصيب الرابعة عمارة «15» الخديوية شارع عماد الدين، حيث اللجنة القومية لحماية القاهرة التراثية برئاسة المهندس إبراهيم محلب أول مشروع لتطوير أحد المبانى بالقاهرة الخديوية بشكل كامل من بنية تحتية إلى الطلاء وتطوير الداخل وتحويل الشقق الفارغة بها لمشاريع فنية ثقافية تستقطب محبى الفن.
بمجرد الوصول إليها يستقبلك بابها الحديدى الضخم وكأنه بوابة الزمن تقودك إلى صرح واسع من أربعة مبانٍ متصلة لكل منها مصعده الخاص، يتوسطه منطقة مفتوحة بها «نافورة» توقفت منذ عشرات السنين، يقودك الصرح الذى بدأت أعمال ترميمه وتجديد البنية التحتية به إلى طوابق يشغل أغلبها فنادق لا تزال على هيئتها منذ خمسينات القرن الماضى ومنها إلى الطابق الأخير الذى يقود إلى سلم خشبى يصل بك إلى الأسطح التى تقطن بها 6 عائلات منذ عشرات السنين يمارسون حياتهم بشكل طبيعى فى أكشاك نصفها خشبى ونصفها خرسانى طالتها هى الأخرى تجاعيد الزمن والعشوائية لسنين متتالية، ثم تقودك إلى سلم خشبى آخر يصل لقبة العمارة رقم «15» خديوية، وهى الشىء الوحيد فى المبنى الذى يكاد يحتفظ بشكله منذ أمر الخديوى إسماعيل بإنشاء قاهرته الخديوية لتكون القاهرة باريس الشرق.
المهندس عمر سيد: سنعيد لكل هذه المبانى بهاءها وجمالها ورونقها من جديد.. والضبطية القضائية منحتنا القوة فى مواجهة المتعدين
نجاح فكرة ترميم عمارة 15 طرح تطبيقها فى مبنى أكبر لا يقل أهمية عن سابقه، بل ويفوقه شهرة، وهو عمارة «الإيموبيليا» مقر رموز الفن المصرى التى بنيت عام 1940 بشارع شريف بوسط البلد، وتبلغ مساحتها نحو (٥٤٤٤ متراً مربعاً)، وتم تصميمها بناء على مسابقة معمارية نظمتها الشركة العمومية المصرية، وتقدم لهذا المشروع أكثر من ١٣ متسابقاً، وسكنها نجيب الريحانى، ومحمد فوزى، وليلى مراد، ومحمود المليجى، ومحمد عبدالوهاب، وماجدة الصباحى، وفكرى أباظة، وماجدة الخطيب، ومحمود المليجى، وكاميليا، وتوفيق الحكيم، وحلمى حليم، وأسمهان، وكانت مقر مكتبى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وبها صورت عشرات من أهم الأعمال السينمائية البارزة.
«الأيموبيليا» عبارة عن مبنى له جناحان يحتوى الأول على ١٣ طابقاً والثانى على ١١ طابقاً، وتطل على حديقة بنافورة من الرخام، وتحتوى على ٣٧٠ شقة، كما أنها أول عمارة بها جراج تحت الأرض يسع نحو مائة سيارة، وكانت تحوى 27 مصعداً منها ما هو للخدم وما هو للأثاث وما هو لقاطنى العمارة، الشىء الغريب فى هذه العمارة أنها كانت تسبق الزمن فى فكرة إنشائها، لأن بها نظام للتدفئة المركزية يمد جميع الشقق بالمياه الساخنة.
«سنعيد لكل هذه المبانى بهاءها وجمالها ورونقها من جديد» هكذا قال المهندس عمر سيد، الخبير بجهاز التنسيق الحضارى، مشيراً إلى أن العمل بدأ بالفعل فى مشروع العمارة الخديوية رقم 15 بشارع عماد الدين، ولن يتبقى من هذا المشهد سوى الذكريات، مشيراً إلى أن الجهاز حريص عند ترميم كل مبنى ألا يكون الترميم عشوائياً بل بعد عمل مسح ودراسة للهيئة التى كان عليها المبنى وقت بنائه، والألوان التى استخدمت عند طلاء كل مبنى منها، وهنا نعود إما للصور القديمة أو ما تبقى من ألوان على الواجهات، وإذا فشلنا، تكون العودة إلى اللجنة الاستشارية القائمة على المشروع لاختيار أقرب لون إلى اللون الأصلى فمهمتنا أن نزيل عنها عوامل الزمن.
وتابع «يتم استخدام مادة أسمنتية للواجهات وليس طلاء عادياً حتى يحافظ على الواجهة من جهة ويقاوم عوامل الزمن والعوادم وبذلك يحتفظ المكان بشكله لأطول فترة ممكنة. وفيما يتعلق بالتعديات التى طالت المبانى فإن الضبطية القضائية منحت للعاملين بجهاز التنسيق الحضارى الحق فى تحرير محاضر ضد المتعدين، وفيما يخص الأطباق اللاقطة واللافتات وغيرها فإنها ستختفى من كل المبانى المسجلة، فالقانون يرغم أصحاب المحلات على العودة للجهاز عند عمل أى تجديدات، وللجهاز اختيار ما يناسب النسق العام.