اقتصاديون: تبني نظريات الاقتصاد السلوكي قد تنهي عصر "المستهلك الرشيد"
ماذا يفعل الاقتصاد السلوكي في المواطنين
صورة ارشيفية
فتح فوز "ريتشارد ثالر" والملقب بـ "أبو الاقتصاد السلوكي"، بجائزة "نوبل" للاقتصاد، بابًا للجدل والتحذيرات من تعميم هذا المنهج، والذي يقوض نظريات تقليدية تنظر للإنسان في التعاملات الاقتصادية على أن مجرد آلة مجردة المشاعر، أو ما يطلق عليه "المستهلك الرشيد".
ويفترض علم الاقتصاد أن المستهلكين يتصفون بالسعي الدائم للحصول على أكبر منفعة، ويتصرفون وفقًا لمعايير عقلانية.
ويضع علم الاقتصاد السلوكي إطارًا للواقعية النفسية في تحليلات صنع القرار الاقتصادي، من خلال استكشاف عواقب العقلانية المحدودة، والتفضيلات الاجتماعية، ونقص القدرة على ضبط النفس.
ووفقًا لنظريات "ريتشارد ثالر" أن المستهلكين لديهم صراع داخلي دائم بين الخطط طويلة الآجل "العقلانية"، والرغبات في المدى القصير "العواطف"، وهو ما يتسبب أحيانًا في فشل المخططات الخاصة بالتقاعد أو التوفير.
ويرى الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد أن هناك ما يُعرف بـ"المحاسبة العقلية"، والتي تعتقد أنه في الممارسات العملية لا يتعامل الناس بتلك الطريقة التقليدية.
فمفهوم المال بالنسبة لشخص يختلف عن مفهومة لشخص آخر، فعند شخص ما يترجم المال لاستخدامات في السكن وعند شخص آخر في السفر وهكذا.
ويقول "ثالر" إنه ناضل من أجل إعادة الانضباط الأكاديمي للاقتصاد، حيث يكشف عن كيفية مساهمة التحليل الاقتصادي السلوكي في تغيير "طريقة تفكيرنا في كل شيء من الشؤون المالية للأسر المعيشية إلى مسودة اتحاد كرة القدم الأمريكي".
واُنتقدت أفكار "ثالر" لكونها "أبوية مفرطة"، كما تم وصفها بأنها أفكار "نيوليبرالية" من جانب اليسار، أي تمثل تأييدًا للرأسمالية المطلقة، وذلك لأنها تعتمد على التدخل الفردي بدلاً من التدخل العلني للدولة.
من جهته قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن مفاهيم الاقتصاد السلوكي وفقًا لـ "ثالر" قد تتنسق مع مناهج علوم التسويق أو سماسرة سوق المال، إلا أنها لا تمثل المستهلك البسيط في الأسواق الاستهلاكية العامة، خاصةً في البلدان التي تمر بمرحلة إصلاح اقتصادي شامل مثل مصر.
وأضاف لـ"الوطن" أنه يتعين على القائمين على إدارة ملف الاقتصاد في مصر عدم الترويج إلى هذا المنهج الذي يحول المواطن إلى آلة، وبالتالي ترمي الحكومات الكرة في ملعب المواطنين عند فشل خطط الإصلاح الاقتصادي.
فيما يرى الدكتور فخري الفقي مستشار صندوق النقد السابق أن جميع حكومات البلدان النامية، ومنها مصر، كانت تطبق نظريات الاقتصاد السلوكي دون أن يشعر المواطن، ولنا فيما حدث في قرارات 4 مايو الشهيرة في العام 2007 حين أقدمت حكومة الحزب الوطني قبل يناير على رفع أسعار المحروقات واستدنت وقتها الحكومة إلى إحصائيات الاستهلاك، حين أعلن مسؤولون وقتها أن المصريين اشتروا 9 مليون جهاز تكييف، إلا أن هذه النظريات لا تصلح في الوقت الراهن خاصةً أن ما نمر به، اليوم، هو وضع استثنائي بكل المقاييس، فالمسالة ليست إصلاح اقتصادي فقط بل إعادة هيكلة لجميع مفاصل الدولة.
وتعد كتب "صناعة الاقتصاد السلوكي" (nuge) الصادرة في 2015، و"تطور الصحة والثروة والاقتصاد" الصادر في 2008 أبرز الكتب لـ "ثالر" الحاصل على نوبل في الاقتصاد حيث ضمت إلى قائمة الـ"بيست سيلنج"، لمعالجة العديد من المشاكل الرئيسية للمجتمع والتأثير على السياسة العامة.