قبل حوالي عشر سنوات من الآن كنت جالسا ذات يوم مع صديق عزيز على أحد المقاهي في وسط البلد وكنا نتحدث في أمور كثيرة ومن ضمنها الموقع الوليد الفيس بوك الذي بدأ يحوز اهتمامنا ككتاب صاعدين وصحفيين شبان.. ثم قالي لي صديقي نادرة من نوادره على الفيس بوك وهو أنه يكلم أخته شقيقته وهي تجلس جواره في غرفة مجاورة بمنزلهم عبر الفيس بوك!
وحينها استرعى انتباهي جدا كلامه فقلت له ولماذا هذا.. ده أنتم في بيت واحد..؟ فقال عشان نوفر الوقت.. فبدل ما أروح لها حجرتها أو تأتيني حجرتي نتكلم على الفيس بوك وأهو يبقى استغلال للتكنولجيا.. ثم حكى لي عن ما تعانيه أخته من سخافات عبر هذا الموقع الوليد الذي كان عمره حينها أقل من 4 سنوات حيث يصلها رسائل كثيرة جدا من متطفلين لا حصر لهم.. وبالطبع كانت السخافات حينها لا تقارن بسخافات اليوم.
ثم أعترف صديقي أنه أول من يفعل مثل هذه السخافات في بنات الناس واعترف أنه لا يضيف على الفيس بوك إلا البنات.. ما هو أصل هايضيف ولاد ليه؟ وهما موجودين على القهوة!
كان منطقه مدهشا ومقنعاً نوعا ما.. وبالطبع سألته طيب ضفتني ليه على الفيس بوك؟ فقال ما هو علشان أنت صديق عزيز وبينا شغل..؟ ومن يومها وأنا منتبه لظاهرة واضحة أعتقد أنها استفحلت الآن وهي ظاهرة مجاملة الأنثى بغض النظر عن فحوى ما تكتبه وأهميته.. فيكفي أن يجد أي فلان صورة لأي بنت على الفيس بوك سواء كان أكونت حقيقي أو وهمي حتى تجده يضغط زر إضافة صديق ويفعل هذا العشرات بل المئات والألوف أحيانا ثم يرسلون جميعا رسالة شهيرة من ثلاث كلمات هي : " هاي.. ممكن نتعرف؟".
وقد لاحظت ويلاحظ الكثيرين بالطبع أن مجتمعنا يتشدق بأخلاق لا يتبعها فيستنكر الكثيرين التعليق على واحدة كاتبة "صباح الخير" وعندها آلاف التعليقات وتتمحور جميعها في طلب التعارف بينما هناك من يكتبون موضوعات أكثر أهمية ولا أحد يعيرها أي اهتمام.. ثم تجد أن هذا المستنكر أول من يصنع لها لايك وربما يعلق أيضا.. حتى لو كان تعليق يبدوا فيه شيء من الرزانه.. إذن أنت تفعل ما تستنكره على غيرك فلماذا تستنكره من الأساس.
ومن تبعات هذه الظاهرة أن الكاتبات الأديبات صرن يحصدن متابعين وقراء بالآلاف.. مع احتماليبة ضعف موهبتهن وربما متابعيهم لا يقرأون كتاباتهم أصلا لكنهم يتصنعون ذلك.. بل من الملاحظ أيضا أن هناك كُتاب حين يدعوهم زملائهم لحضور حفلات توقيع لهم لا يحضرون ويتعللون بانشغالات عدة.. ثم إذا دعته أنثى أول مرة تكتب لحفل توقيعها يلبي الدعوة فورا.. وهنا يبقى السؤال هو حضرتك بتشجعها ولا حابب بس تتعرف عليها!
لذلك أصبحت كثيرا أتسائل ماذا لو كنت بنت.. حتى لو شكلها وحش.. ولو أني لا اعترف بوجود فتيات بشكل وحش فلكل فتاة جمالها .. لكن يبقى السؤال ماذا لو كنت بنت هل كان ها يبقى ليا قراء أكتر.. وهل لا يزال هناك جمهور يقرأ فقط من أجل القراءة.
لذلك عزيزي القارئ كلمة لوجه الله أقولها مبرأ ذمتي من الله لقد قال الله عز وجل في أول كلام القرآن الكريم اقرأ.. ولم يحدد نقرأ لذكر أم لأنثى فاتقوا الله في قراءتكم ولا تنحازون للجنس الناعم من أجل تعارف لن يدوم طويلا ما لم تكن قارئ عن حق.