بعد تصريح "عصفور".. هل يحق للأزهر منع أفلام تجسيد الأنبياء؟
جابر عصفور
تجسيد الأنبياء.. أزمة تتجدد بين الحين والآخر، مع عرض أعمال فنية لهم، إلا أنها أثيرت مرة أخرى، أمس، بسبب تصريحات الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إنه "لا يحق للأزهر أن يرفض أفلاما عن أنبياء ليسوا مسلمين، وينتمون إلى ديانات أخرى مثل المسيحية واليهودية"، بحسب تعبيره.
وأوضح عصفور، خلال حواره ببرنامج "الجمعة في مصر" الذي تقدمه الإعلامية ياسمين سعيد على قناة "mbc مصر"، أنه صرَّح بعرض فيلم "آلام المسيح"، بينما لم يُصرح بعرض فيلم "نوح"، بعد أن رفضته اللجنة التي شكلها، بعدما رأت أن فيه تجاوزا في حق الأديان، مضيفا: "ليس من حق الأزهر أن يرفض أفلاما عن الأنبياء، فمن حق المواطن المصري أن يرى هذه الأفلام".
وسبق أن صدرت فتاوى رسمية لمجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية والمجامع الفقهية بالدول الإسلامية تحرم تجسيد الأنبياء والصحابة وأمهات المؤمنين في الأعمال الفنية، حيث نص قرار مجمع البحوث الإسلامية رقم 100 بتاريخ 16 من ربيع الأول 1420، والموافق 30 يونيو 1999، بـ"إن عصمة الله لأنبيائه ورسله من أن يتمثل بهم شيطان مانعة من أن يمثل شخصياتهم إنسان ويمتد ذلك إلى أصولهم وفروعهم".
من ناحيتها، أكدت دار الإفتاء المصرية حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، في أي فترة زمنية من عمرهم المبارك، مراعاة لعصمتهم ومكانتهم، فهم أفضل البشر على الإطلاق، ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان، بل إن الشرع نزه صورهم أن يتمثل بها حتى الشيطان في المنام.
وأضافت دار الإفتاء أنه مما يؤكد حرمة هذا العمل أنه ينطوي على مجموعة من المفاسد مثل كونه ليس مطابقا لواقع حياة الأنبياء من أن أفعالهم تشريع، وأن التمثيل يعتمد على الحبكة الدرامية ما يدخل في سيرتهم ما ليس منها، فيحرم الإقدام على هذا العمل تطبيقا للقاعدة الشرعية التي تقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وتابعت اللجنة قائلة إن من يحاولون نزع القداسة عن الأنبياء والشخصيات الدينية الأخرى ذات الإجلال والتقدير، تقليدا منهم لمسار الفكر الذي نزع القداسة عن كل شيء تقريبا بناء على نموذجه المعرفي يرون بناء على ذلك أن عدم نزع تلك القداسة يجعل الكاتب ناقص الرؤية ومجانبا للحقيقة، وفكرة نزع القداسة هذه مرفوضة تماما في الإسلام، سواء في منطلقاتها الفكرية، أو في تطبيقاتها العملية.
وهو ما أكده الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، قائلا إن تمثيل الأنبياء والرسل أمر محسوم بكل المجامع الفقهية المتفق عليها، بتحريم ذلك حفاظا على قدسيتهم، فهم مصطفون أخيار، يجب أن تحاط قصصهم بكل التوقير والاحترام، وألا تتعرض لمناهضة ذلك، لذلك تبقى صورهم في الأذهان وغير مرتبطة بشخصيات.
وأضاف كريمة، في تصريح لـ"الوطن"، أنه من مكونات العقيدة الإسلامية ألا تترك شخصياتها للامتهان والامتثال، وأن تحتفظ بالثناء والاحترام الشديدين، مؤكدا أن الإسلام لا يفرق بين الأنبياء والرسل، منذ آدم عليه السلام، وحتى محمد، صلى الله عليه وسلم، الذين ينتمون جميعا للإسلام.
وشدد كريمة على أن الأزهر الشريف هو حارس الثقافة الإسلامية، وأنه هو الجهة المنوطة بالحديث والتعليق على الأمور الدينية سواء للمسلمين أو غيرهم، بموجب الدستور الساري المعدل، لذلك فهو بالفعل له الحق أن يرفض تلك الأفلام، بخلاف تصريحات وزير الثقافة الأسبق.