انحرافات السلوك وشطط الآراء واعوجاج الأطروحات وتجاوزات التعليقات والنقاشات والخروج عن المألوف والمعروف صارت سمة وقتنا الحالى.
المناخ الطيب السليم المعافى يحتاج بيئة توفره وأساتذة تعلمه ومناهج تدرسه وأناس تشرف على تطبيقه. الأمانة والشرف والاعتدال والاجتهاد والبناء وغيرها من المعانى الطيبة التى من شأنها صناعة مجتمع معافى وبلد يواكب تقدم العالم لا تأتى من الفراغ بل تُزرع بالنفوس زرعاً وتُسكب بالقلوب سكباً.
وأساس الأخلاق هو العلم، العلم والمعرفة والتحضر تقود لقويم السلوك وجميل الخصال، وفاقد الأشياء لا يعطيها، بمعنى أنه من الصعب أن يُنشأ جيل من الأفاضل بتربية مجتمع غابت عنه الفضيلة واعترته الفوضى وأربكت وجدانه المشاكل والمنغصات!!! الأمر كله سلسلة واحدة مرتبطة ببعضها البعض، استقرار البال وراحته والاطمئنان وسكون الأعصاب، مرتبطة بالأخلاق الهادئة والانفعالات المنضبطة ومرتبطة أيضاً بالإنتاج والرقى والتقدم، لا تستطيع فصل شىء عن الآخر.
ولتسود الفضيلة ويعلو صوت الحق والعلم والمعرفة والأخلاق والإخلاص، يجب أن يكافأ الصادق ويُحترم الأمين ويؤتمن المخلص ويسود العالِمْ المنابر لا المدعون والجهلة والأفاقون، يجب أن يوجد الأكفاء بمكانهم الذى يستحقونه، ويستبعد المنافق والفارغ والمدلس والمتقلب بأهوائه وآرائه تبعاً لمصالحه، لو أنزلت الأشياء منازلها الصحيحة لساد النظام وتوحدت القلوب واجتمعت الكلمة.
لتكون موجوداً بهذا العالم ولتستطيع كسب مكان به أو حتى مجرد الوجود بشكل محترم ولائق فيه، يجب أن تتحقق وتُحقِقْ ما تستطيعه بقدر إمكاناتك بل وفوق إمكاناتك وقدراتك، يجب أن تتطور وتسعى للتقدم بنهم وشغف يواكب سرعة هذا الكوكب! المستحيل ممكن والصعب يسهل بالإرادة والعزم وصفاء النوايا، الخير غالب والخلق القويم باقٍ والصدق منجٍ والإخلاص لا يخفى على أحد.
يمكن أن يختلف رأيك عن الجميع لكن كونك صادقاً بِه أميناً ومحترماً لذاتك وعقلك، يجعل الآخرين يوقرون اختلافك ويحترمون مواقفك وإن رفضوها.
إن أردتم وطناً دون تطرف، دون إرهاب وعذاب، عليكم بتدريس الأخلاق، إن أردتم ديناً قويماً سليماً صحيحاً عليكم بتدريس الأخلاق، إن أردتم وطناً موجوداً على خارطة هذا العالم عليكم بالأخلاق، إن أردتم إنساناً ومواطناً فاعلاً نافعاً منتجاً عليكم بالأخلاق، والأخلاق علم، رسخوا الأخلاق وشجعوها، لا تنعتوا المحترم بالجبان، ولا المهذب بالساذج ولا الطيب بالأحمق!!
إن فلت جيل أو أكثر من هذه المعايير العلمية والأخلاقية والإنسانية، فمن واجبنا أن ننقذ أجيالاً آتية، ما نزرعه الْيَوْمَ بالأدمغة والأفئدة سوف نجنيه غداً ثماراً يانعة، فقط إن زرعنا أو رغبنا ببناء حقيقى للإنسان، الإنسان هو من يصنع ويبنى الأوطان، ولتنشر العلم والأخلاق عليك بالتعليم القويم والثقافة الحقيقية والإعلام الهادف النافع! إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. وقد ذهبنا بعيداً جداً فهل من عودة؟!!!