أعلم صدق الكثير من أبناء التيار السلفى ونقاءهم وصفاء تدينهم، وعدم ميلهم -مثل غيرهم- إلى المحاورة والمداورة واللف والدوران! لكننى أتحفظ على بعض وصاياهم ومقترحاتهم حول صياغة مواد الدستور، وأولها: اقتراح أن تنص المادة الثانية على أن «الشريعة» وليس «مبادئ الشريعة» هى المصدر الرئيسى للتشريع، وثانيها اقتراح أن تنص المادة الثالثة على أن «السيادة لله» بدلاً من «السيادة للشعب». وعلى هامش هذه المقترحات أريد من إخواننا السلفيين أن يفكروا معى فى عدة أمور.
أولها: أننا عشنا عدة عقود بدستور ينص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ومع ذلك لم تتغير عادات المصريين، بمن فيهم الإسلاميون أنفسهم، راجع نفسك وقل لى هل أبناؤك يدرسون فى مدارس عربية أم لغات؟ عد إلى القيادات السلفية والإخوانية وسلهم أين علّموا أو يعلمون أبناءهم؟ سوف تجد أن معظمهم اهتم بتعليمهم لغات أجنبية أكثر مما علمهم العربية، بل وكان حريصاً على أن يحصل لهم على الجنسيات الأجنبية، خصوصاً الجنسية الأمريكية، يستوى فى ذلك رئيس الجمهورية الدكتور «محمد مرسى» مع الكوادر الوسيطة والأقل. فالنص على أن العربية لغة الدولة لم يحفظها من زحف اللغات الأجنبية.
وثانيها: أنكم تعلمون أكثر منى أن محاربة الربا من المبادئ الأصيلة للشريعة الغراء، فهل أدى ذلك إلى منع الكثير من المصريين -من بينهم بعض الإخوان والسلفيين- من التعامل مع البنوك، رغم فتوى البعض بحرمة ما تدفعه من فوائد؟ لقد سمعت أحدهم يقول: إننا لا نرابى بمدخراتنا فى البنوك، لأنك لو حسبت معدلات التضخم فسوف تجد أننى أعطى البنك ألف جنيه يعيدها لى بالفوائد بعد عام (900 جنيه) فقط، فالمال لا «يربو» -أى يزيد- بل يقل. ماذا أيضاً عن المحلات التى يملكها سلفيون وإخوان ويبيعون فيها للمواطن بالتقسيط، رغم أنه شكل من أشكال الربا فى رأى البعض؟ ومن قبل أن تنص المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة هل نفى ذلك عن مصر كونها دولة مسلمة؟
وثالثها: مسألة الاعتراف بـ«سيادة الله» فى المادة الثالثة. تعالوا لنسأل: هل نحن فى حاجة إلى تأكيد هكذا أمر؟ لا يوجد عبد فى الدنيا فى حاجة إلى الاعتراف بسيادة الله عز وجل عليه. فمن يملك لنا النفع والضر والموت والحياة والنشور لا يحتاج إلى أن نقول نصاً إن له السيادة علينا، وهل من لا يعترف بهذه السيادة يمكن أن يخرج عن قضاء الله وقدره أو يأبق عن ملك ربه فيخرج من أرض له وسماء؟ هل يلزم شخص بالاعتراف بحاجته للهواء.. طيب جرب واكتم نفسك!