«بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم»، مثل مصرى يردده المواطن المصرى الحكيم حين يريد أن يعبر عن جسامة وخطورة الإهمال مقارنة بالظلم، وهو مثل يصف بعبقرية حال كل من جماعة الإخوان وجماعة الفلول، فجماعة الإخوان ينطبق عليها وصف «بيت المهمل»، فى حين ينطبق وصف «بيت الظالم» على الفلول الذين ينافحون ويكافحون من أجل إحياء النظام القديم ومنحه المزيد والمزيد من قبلات وأحضان حياة!.
فالرئيس «الإخوانى» لا يستطيع التخلى عن جماعته ولا حزبه بشكل فعلى، مهما زعم أنه انفصل رسمياً عنهما، وتلك هى البوابة التى تسربت منها العديد من حالات الإهمال، فهو يسعى إلى «مراضاة» الإخوان بشتى الطرق!، اتخذ قراراً بعودة مجلس الشعب، ثم قراراً بتحصين اللجنة التأسيسية للدستور، وقد اتخذ القرار الأول عقب اجتماع لمجلس شورى «الجماعة» حضره ممثل للرئيس، واتخذ القرار الثانى بالتنسيق المباشر مع «الجماعة»، يشهد على ذلك استقالة رموزها من أعضاء مجلس الشورى من الجمعية التأسيسية للدستور -بعد قرار تحصينها مباشرة- حتى يتجنبوا حكم محكمة القضاء الإدارى بحلها. وفى الحالتين بانت «إخوانية» الرئيس وسرعة نسيانه للوعد الفاصل الذى قطعه على نفسه بأن يكون رئيساً لكل المصريين.
وفى المقابل من ذلك أهمل الدكتور «مرسى» العديد من الملفات التى كان من الأجدى التعامل معها بأعلى درجات الاهتمام، من ذلك على سبيل المثال: عدم إصدار عفو عام عن المعتقلين عسكرياً -رغم أن صلاحياته كرئيس تتيح له ذلك- واكتفى فى هذا السياق بتشكيل لجنة تقصى حقائق، يضاف إلى ذلك تباطؤه فى تشكيل حكومة جديدة، وعدم قدرته على الاستقرار على اسم رئيسها حتى الآن، وتلكؤه عن تغيير العديد من القيادات التنفيذية والرقابية رغم أن من صلاحياته ذلك أيضاً. كل هذه الشواهد تدلل على قدر لا بأس به من الإهمال فى التعامل مع ملفات ترتبط بحماية الصالح القومى العام، واهتمام مثير بمعالجة الأمور التى تخص جماعة الإخوان وحدها، هذا الأداء الذى يشوبه الكثير من الإهمال لن يعطى للرئيس نفساً طويلاً فى رحلة المواجهة والتغيير، ومن الواجب أن يأخذ فى مراجعته سريعاً، لأن مزيداً من الاهتمام بالإخوان سوف يجعله يهمل فيما هو أدهى وأمرّ.
لقد تطلب الأمر ثلاثين عاماً حتى خرب المصريون بيت «الظالم المخلوع»، ولم تتحلحل أوضاع هذا النظام إلا فى اللحظة التى بدأ يثق فيها فى قدراته بصورة تزيد على الحد فأهمل فيما ينبغى الجد معه، وعندها كانت القاصمة، وكانت ضربة الشعب القاضية، ولو استمر النظام الجديد الوريث الذى يحاول تثبيت أوضاعه حالياً بزعامة «مرسى» على أدائه المهمل فسوف يكون سقوطه أسرع بكثير من سلفه «الظالم»!