خاتمة أى خطبة عادة ما تحمل «زبدتها»، أو أهم رسالة يريد أن يرسخها «الخطيب» فى عقل وروع المستمع إليه. فى هذا الإطار يمكن أن نفهم العبارة التى ختم بها الدكتور «مرسى»، رئيس الجمهورية، الخطبة التى ألقاها فى حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب الحربية، وذكر فيها: «أقول للذين يتطاولون ويجرحون الناس: لا يغرنكم حلم الحليم، ولكن يمكن بالقانون وحده أن نردع، لكننى أفضل على كل ذلك المحبة والألفة والعود الكريم إلى الحق». وقد علّق البعض على هذه العبارة وقال إن الريس «ما بيجمعش» وإنه يقصد أشخاصاً بأعينهم بهذا الكلام!
ومن يلاحظ خطابات الدكتور مرسى -عموماً- سوف يجد أن حالة صوتية مختلفة تنتابه فى المواضع التى يوجه فيها تحذيراً معيناً إلى جهة أو شخص أو فريق؛ حيث يأخذ صوته فى الارتفاع فينقلب من نغمة القرار إلى نغمة الجواب. والأصوات نوعان: صوت جواب، أى رفيع بطبعه، مثل صوت الشيخ «عبدالباسط»، وصوت قرار، أى غليظ بطبعه أو بالبلدى «تخين»، مثل صوت الشيخ «رفعت»، رحمهما الله. وعندما يرتفع صاحب الصوت الجواب فإنه يتحول إلى «سرسعة»، أما الصوت القرار فيتحول إلى «حشرجة» تشبه «زئير الأسد» حال ارتفاعه. وبصوت يشبه «الزئير» وجّه الدكتور مرسى رسالته إلى المتطاولين. ومن اللافت أن يبعث الرئيس بهذه الرسالة فى حضرة قيادات وأعضاء المجلس العسكرى الذين يمطرهم شباب الإخوان بوابل من الهتافات الرافضة كل يوم جمعة فى التحرير، وأنا شخصياً معهم فى ذلك، فأنا مثلهم أرفض الحكم العسكرى، ولا يؤذينى ما يهتف به الشباب ضد «حكم العسكر»، لكن من الواضح أن الرئيس له وجهة نظر أخرى؛ فهو رجل يرفض التطاول ويزأر كـ«السبع» فى وجه من يوجه له أى تجريح، لكن يبدو أنه لا يعبأ كثيراً إن كان التجريح موجهاً إلى غيره!
أتصور أن صبر الرئيس ينفد سريعاً، ولست أدرى أى «حلم» وأى «حليم» هذا الذى يتحدث عنه، وهو الذى بدأ يهدد ويتوعد بعد أيام معدودات من توليه أمانة الرئاسة، لقد كان من الممكن أن أفهم أن يستأسد الدكتور «مرسى» على المجلس العسكرى، مثلما يفعل شباب الإخوان، ذلك المجلس الذى يلاعبه بأعصاب هادئة، و«يفسّح» قراراته كل يوم بين المحكمة الدستورية تارة، والنقض أخرى، والقضاء الإدارى ثالثة. وأتصور أن المجلس يجرّحه ويتطاول عليه -بهذه الفسح- أكثر بكثير مما يفعل من يختلفون معه ويرفعون أصواتهم بنقده أو حتى إعلان رفضهم له. وأخشى ما أخشاه أن يكون التحذير القادم للرئيس موجها إلى شباب الإخوان الذين يرفضون الحكم «الميرى»، فى حين يتمرغ آخرون فى ترابه!