والأجورا هى ساحة المواطنين فى مدن اليونان القديمة التى طورت نظام الديمقراطية المباشرة ومكنت المواطن من المشاركة فى اتخاذ القرارات ذات الصلة بالشأن العام. ساحة للنقاش والحوار ولتبادل الرأى والاستماع لآراء الفلاسفة والأدباء والعلماء، ساحة للبيع وللشراء ولممارسة الطقوس
الدينية، ساحة للحياة باختصار. من الأجورا خرجت الحلول المقترحة لمشاكل مدن اليونان لتناقَش فى اجتماعات المواطنين بالبرلمان، وبها ذاع صيت السياسيين وأصحاب الرأى.
اختفت الأجورا باختفاء الديمقراطية المباشرة والمدن قليلة السكان وحل محلها تدريجياً فى المجتمعات الديمقراطية المعاصرة شبكة من المؤسسات السياسية والاقتصادية والإعلامية للقيام بذات الأدوار. اختفت الأجورا، إلا أن صورة ساحة المواطنين ظلت مؤثرة على الفكر السياسى الحديث كحالة مثالية يتعين السعى لتحقيقها. واستدعتها بعض الدول وهى تتحول للديمقراطية فى شكل هيئات وطنية للنقاش والحوار حول الشأن العام، شارك بها فلاسفة وأدباء وعلماء، وأصدرت توصيات ملزمة للمسئولين التنفيذيين إلى أن استقر عمل المؤسسات السياسية الديمقراطية، تحديداً البرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية المنتخبة.
ما أحوجنا فى مصر لأجورا حقيقية ونحن نمر بمرحلة انتقالية ثانية بعد أولى تعددت إخفاقاتها وغاب عنها توافق القوى الوطنية والسياسية. نحتاج لهيئة وطنية للنقاش بها مبدعون وعلماء وسياسيون متجردون من المصالح الحزبية الضيقة، هيئة تضع توصياتها وآراءها أمام المصريات والمصريين، وتدعو المؤسسات المنتخبة للأخذ بها، هيئة نناقش بها ملفات كالعدالة الانتقالية ومدنية الدولة بعيداً عن ديماجوجية وشعبوية بعض الأحزاب ولا مبدئية بعض السياسيين.