«الحسين» مغلق لأول مرة.. وأصحاب المحلات يسرّحون العمال
تمر الساعات تشبه بعضها البعض.. لم تعد للضحكة معنى هنا، الهدوء يسيطر على كل ركن بالمكان حتى الباعة الجائلون لم تعد لديهم رغبة فى النداء على بضائعهم بعدما هجرهم الزبائن.. المنطقة التى لم يفارقها المارة يوماً، ما بين زبائن ترغب فى شراء التحف الفرعونية والإكسسوارات الدينية، وبين مصلين وقاصدين مسجد الحسين، لم يعد لهم وجود بعدما أغلق المسجد أبوابه للمرة الأولى فى وجه زائريه، صار موصدا طوال الوقت إلا فى أوقات الصلوات الخمس.[SecondImage]
تفتح البازارات أبوابها على استحياء، يعلم صاحبها أن «الحسين» الذى كانت تضيق شوارعه بالمارة صار مليئاً بالبراح، تلك مقاهٍ هجرتها الزبائن وبازارات مفتوحة من أجل تهوية البضائع.
أبواب مسجد الحسين التى لم توصد يوماً فى وجه زائريه باتت مغلقة بقرار وزير الأوقاف، تقف سيدة أربعينية تستعطف أحد الذين وهبوا أنفسهم لخدمة المسجد لفتحه لمدة ثوانٍ، لتوفى بنذر نذرته منذ زمن، تقف هى وطفلاها أمام أحد حراس المسجد يدعى «محمد دربالة»، وهب نفسه خادماً على باب «الحسين» منذ 5 سنوات تقريباً، يقف لتنظيف مدخله من كل شائبة، ربما يساعد بجهد ضئيل لكنه لا يبخل بأى شىء فى يديه فى خدمة صاحب المقام.
يحاول «دربالة»، إقناع السيدة بالابتعاد عن المسجد لحين رفع أذان العصر وقتها فقط سيسمح لها بزيارة الضريح وأيضاً بالصلاة، السيدة التى قدمت من شبرا الخيمة من أجل زيارة الحسين هى وأبناؤها شعرت بحزن شديد بمجرد أن وجدت عائقاً لم تكن تتصوره وهو غلق أبواب المسجد، تحاول أن تبحث عن ظل تستظل به من حرارة الشمس لحين رفع أذان العصر وفتح أبواب الرحمة بالمسجد.
فى الحسين فقط تتراص المقاهى جنباً إلى جنب وتتداخل الكراسى مع بعضها البعض وتتوه أنت عن تحديد مساحة المقهى الذى تجلس عليه من شدة التزاحم الذى كانت تشهده ساحة الحسين من المارة والجالسين، اليوم فقط يمكنك تحديد المساحات الخاصة بكل مقهى، ومعرفة أيها تجلس عليه.[ThirdImage]
تتراص المقاعد فى انتظار الزبائن لكن اليوم مثل أمس والغد، فيجلس عليها بعض من الذين احتفظوا بوظائفهم فى ظل تسريح العمالة الذى شهدته أغلب المقاهى والمحلات بالمنطقة.
«أحمد عادل» الذى يبلغ من العمر 30 عاماً يؤكد أن مرتباتهم ضئيلة جداً، وأن اعتماده الأساسى هو وزملائه على البقشيش أو نسبة الـ10% خدمة التى كان يحصل عليها مع كل طلب يقدمه لزبون، بعد ساعات الحظر لم يعد يأتيهم أحد منذ ذلك التوقيت.
«إسماعيل محمد» يؤكد أن المقهى الواحد كان يعمل بورديتين يوميتين وفى كل وردية نحو 7 عمال وبعد قرار الحظر صارت وردية واحدة تعمل بالتناوب مع الثانية فتلك تعمل 3 أيام والأخرى 4، من أجل أن يتقاسم الجميع الرزق لأن الراتب الشهرى يأخذونه على عدد أيام عملهم، ويتحدث «إسماعيل» عن الحال الذى وصلوا إليه قائلاً: «حالة البيع والشراء تأثرت من أيام ثورة يناير.. لكن فى ظل حظر التجول أصبحنا فى حالة وقف حال لم نرها من قبل».
وقف الحال لم يكن على المقاهى فقط، لكنه أصاب المطاعم والمحلات جميعها بالمنطقة، فى أحد المطاعم الشهيرة بالمكان جلس العمال على الكراسى فى انتظار قدوم زبون واحد يدفعهم لأداء أعمالهم، يقول «حسام الدهان» أحد العاملين فى المطعم، «اضطرت الإدارة لتسريح نحو 4 عمال من قوة العمالة فى ظل فرض ساعات الحظر وانعدام الحركة بالمكان».
الحالة ذاتها تسرى على محلات البازارات والإكسسوارات الموجودة بكثرة فى المكان، يقول محمد بدر، صاحب بازار، اضطررت لتسريح 3 عمال ممن كانوا يعملون معى من أجل انعدام حركة البيع والشراء بالمنطقة فى ظل فرض ساعات الحظر، مشيراً إلى أن منطقة الحسين بأكملها كانت أهم ساعات العمل بالنسبة لها هى ما بعد أذان العصر، لكن فى ظل ساعات الحظر قل العمل وقدوم الزبائن، وهو ما تسبب فى أزمة حقيقية لدى عمال المنطقة بأكملها.
ويقول «محمد عباس» تاجر ملابس فرعونية: «الأزمة مش فى حظر التجول.. لكن فى الوفود الأجنبية التى لم تعد تأتى كالسابق، خصوصاً بعد تصدير بعض القنوات الفضائية للوضع الحالى فى مصر بأنه أشبه بالحرب الأهلية، وهو ما دفع بتلك الوفود للابتعاد عن مصر كبلد سياحى». يقف «محمد» مكتوف الأيدى بجوار عدد من الملابس الفرعونية، ويرصها بشكل روتينى اعتاده طوال الأيام الماضية، ويضيف: «أنا بفتح كل يوم علشان الواحد يعمل اللى عليه.. يمكن يجيلنا زبون ويمكن ميجيش إحنا كلنا على باب الله». تظل منطقة الحسين على عكس طبيعتها بعد قرار فرض حظر التجوال، بات العاملون يتمنون أن تعود الحياة لمنطقة لم تهدأ يوماً إلا بفعل الأحداث.
أخبار متعلقة :
توقف القطارات يرفع أجرة الميكروباص وغلق محطة السادات يخنق «المترو»
«الصيدليات» تعانى بشدة: خسائر فى الأموال.. وربما فى حياة المرضى
الحياة تغيب 9 ساعات فى «رمسيس والجيزة والعتبة»
مقاهى البورصة.. «وقف حال وخراب بيوت»
إلغاء «وردية الليل».. كارثة على السائقين
«الحسين» مغلق لأول مرة.. وأصحاب المحلات يسرّحون العمال
«الوطن » ترصد معاناة «الباحثين عن رزق» فى ساعات الليل ضحايا الحظر