إضراب «القومية للأسمنت» احتجاجاً على توقف المصانع يدخل يومه السابع.. والعمال: «هنموت من الجوع»
عمال «القومية للأسمنت» خلال اعتصامهم
7 أيام وهم على حالهم، يفترشون ساحات شركة «القومية للأسمنت»، معلنين الاعتصام والإضراب عن الطعام، احتجاجاً على القرارات التى وصفوها بـ«المجحفة»، التى قضت بوقف تشغيل مصانعهم وخفض رواتبهم بنسبة 75%، وتشكيل لجنة للمعاش المبكر.
فى ساحة خضراء، وقف 2400 عامل تعتصر قلوبهم خوفاً من انقطاع أرزاقهم، تحوطهم صور الرئيس السيسى، وهم يهتفون نحوها وكأنهم يُسمعونه استغاثاتهم لينقذهم بعد تهديدهم بقطع عيشهم وتشريدهم وأسرهم. ووقف «شعبان»، عامل لحام، أصم، يلوح ويتمتم، مطالباً بصرف راتبه، فى إشارة منه نحو فمه بأنه «جائع» هو وزوجته وأبناؤه الثلاثة، ويقول محب سعيد، صاحب الـ58 عاماً، بصوت حزين باكٍ: «بيوتنا اتخربت ومحدش سائل فينا، المصنع اتقفل».. يعمل «محب» سائق أوتوبيس منذ 32 عاماً.. لا يمانع فى ممارسة أى مهنة أياً كانت، مقابل إعادة تشغيل المصنع: «هنموت من الجوع لو الرئيس ماتدخلش»، يحكى أن عمله كان يبدأ الخامسة صباحاً حتى الواحدة بعد منتصف الليل، ليُنفق على أبنائه الـ7: «دلوقتى اتشردنا من غير ذنب».
الاعتصام شهد سقوط 9 عمال بسبب هبوط حاد فى الدورة الدموية.. و«شوقى»: «الموضوع وراه مستثمر أجنبى»
نصبوا خياماً للمبيت، ومنهم من قرر اصطحاب أسرته بالكامل لحين حل الأزمة، رفعوا لافتة «عدم المساس بحقوق العاملين»، سقط منهم 9 عمال بسبب هبوط حاد فى الدورة الدموية ومشكلات فى القلب نتيجة الإضراب، انتقلوا على الفور إلى مستشفى النصر، وحرّروا محضراً ضد رئيس الشركة محمد حسين رضوان، وبعد أسبوع من الاعتصام استدعى رئيس مجلس النواب 10 منهم لسماع مشكلاتهم.
«مفيش مسئول جالنا لحد دلوقتى»، يقولها بمرارة شديدة محمد أبوطالب، عامل منذ 32 عاماً وهو جالس فاقد للأمل يتذكر سنوات عمله فى تسليك حواجز طواجن الأسمنت ويتوقف عند حادثته: «الطاحونة لفت عليا، فأُصبت بعاهة مستديمة فى عينى سنة 87»، له من الأبناء ثمانية، أصغرهم فى مرحلة الروضة وأكبرهم فى الجامعات، انخفض راتبه 75% يقول: «مرتبى كان 5 آلاف دلوقتى بقى 1500، ده يرضى مين؟.. أأكل ولادى منين دلوقتى، وأسدد ديونى إزاى، وقعت شيكين على بياض حتى أتمكن من تزويج ابنتى وأجلت فرحها بسبب وقف الأرباح، ولست أدرى ماذا أفعل».
ويرفع إبراهيم فتحى يديه المصابتين بالصدفية بسبب الأسمنت والجاز والزيت، معلناً أنه ينفق شهرياً 400 جنيه على علاجه: «أبويا مات وجالى المرض سنة 1999، دخلت الشركة وعمرى 13 سنة كعامل لحام، وفوجئت بنقلى للأمن، ومعايا شهادة خبرة إزاى يخلونى غفير؟.. اشتغلت هنا 30 سنة، ودلوقتى وقفت دروس ولادى ومش عارف أسدد ديونى ولا بادفع فواتير الكهربا والميّه من شهور، مش لاقيين ناكل ولا نأكل ولادنا».
ويتكئ جابر عبدالصمد على كتف زميله بسبب مرضه واستئصاله جزءاً من معدته والقولون: «كل مشكلتنا تشغيل المصانع اللى هى أصلاً جاهزة بعد ما صرفوا عليها مليارات»، مطالباً المسئولين بالنزول إليهم لسماع مطالبهم: «ذنبنا فى رقبة وزير قطاع الأعمال.. مالناش مطالب فئوية، ولا محتاجين إعانة.. عايزين نشتغل».
ويرى مختار سالم، أمين عام اللجنة النقابية، الذى شارك العمال اعتصامهم، أن ما يحدث إيقاف قهرى، حدث لمعظم شركات الأسمنت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، لكن لا يجب المساس براتب العامل البسيط أسوة بجميع الشركات الأجنبية التى تحافظ على مستحقات العمال لحين بحث الأزمة، سواء بحلها أو لا، موضحاً أن قانون 12 لسنة 2003 ينص على أن العامل من حقه الحصول على راتبه تحت أى ظروف ما دام ليس طرفاً بها، والناس مالهاش مطالب أكتر من التشغيل وصرف مرتبهم بالكامل، معتبراً أن خفض 25% من المرتبات وزيادة التخفيض لـ75% أول يوليو قتل بطىء للعمال، الذين يعتبرون المعاش المبكر فكرة مرفوضة.
أما أحمد شوقى، مهندس كهرباء فى مصنع 4 منذ 10 سنوات، كان يتقاضى 3 آلاف جنيه شهرياً، وبعد التخفيض وصل إلى 1100 جنيه، الأمر الذى جعله يقف بين صفوف العاملين للمطالبة بحقوقه وإعلانه رفض القرارات التعسّفية التى طالته، قائلاً: «الشركة كانت شغالة كويس وحقّقت خطة الموازنة فى 2017 بنسبة 112%»، مؤكداً أن قرار الوقف وراءه مستثمر أجنبى يرغب فى شرائها: «فيه ناس طمعانة فيها واحنا مش هنسيبها»، حيث يرى أن ما يحدث تعجيز لهم لترك المكان بإرادتهم: «عايزين يطفشونا ويشردوا العمال».