٦ أكتوبر ٢٠١٢، فى تلك الليلة الخريفية بالساحل الشمالى جلسنا مجموعة صغيرة من الأصدقاء لنتابع الاحتفال بذكرى انتصار أكتوبر بترقب لما سوف يكون عليه بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين لسدة الحكم، ومع تتابع المشاهد أخذنا نتبادل النظرات فى دهشة غير مصدقين لما نراه، لقد كان «الرئيس» محاطاً بجماعته ويتصدر المشهد مجموعة من المدانين فى أعمال إرهابية والمعترفين والفخورين أيضاً، وأصبحت دهشتنا ذهولاً عندما رأينا بين هؤلاء قتلة الرئيس السادات، بطل العبور.
ارتفعت همهمات الأصدقاء المستنكرة لتتساءل زوجة أحد الأصدقاء الماليزية عمّا يحدث فنترجم لها ما يحدث ويرتسم الحزن والغضب على وجهها وتتأجج النار فى القلوب، ما هذا الذى يحدث؟!
لقد أدركنا فى تلك اللحظة أنهم يحتفلون بقتل «السادات» وليس بنصر أكتوبر -بنفس الكيد الذى تعمدوا به أن يكون يوم مقتله هو يوم مجده وفخاره- لقد كانوا يحتفلون بانتصارهم على الجيش وليس بانتصار الجيش. غاب عن الجماعة فى تلك الليلة أنهم يعلنون بوضوح عمّا يعرفه كل المتخصصين وما كانوا ينكرونه هم دائماً.. أن جماعة الإخوان المسلمين هى الحاضنة الأم لكل جماعات العنف السياسى فى مصر والعالم العربى، أيديولوجياً وفكرياً، وها هم يؤكدون تحالفهم على الأرض أيضاً ومباركتهم لكل أعمال العنف والإرهاب التى روّعت مصر لعقود وكانت استمراراً للعنف العملى للجماعة، سقط القناع وادعاء الجماعة عن نبذهم العنف وأنهم «التيار المعتدل» بين الجماعات السياسية المتأسلمة.
لقد كانت تلك اللحظة الكاشفة هى الناقوس الذى نبه المصريين إلى أن الدولة الوطنية مهددة وأن الأمر أكبر من مجرد اعتراض على موقف هذا التيار من الحريات العامة والخاصة بل عدائه وتناقض أيديولوجيته مع مفهوم «الوطن» ذاته، لم يتنبه الإخوان لخطورة الدلالة الرمزية لهذا المشهد وتأثيرها على الشعب المصرى، وتصوروا أن المصريين من الممكن أن يمرروا هذه الإهانة.
وأتصور أن هذا المشهد الكاشف هو الذى حشد الغضب فى صدور المصريين لينفجر ثورة منذ الإعلان الدستورى الإخوانى فى ٢١ نوفمبر حتى إسقاط حكمهم فى ٣ يوليو.
عام مضى على تلك الليلة وها نحن نحتفل بانتصار أكتوبر العظيم بعد أن انزاح الكابوس.. فلنتذكر كيف مرّ هذا اليوم حزيناً على مصر منذ عام، وأن نستعيد ما تم إنجازه وكيف أننا استطعنا أن نستعيد الوطن لنمتلئ ثقة بأنفسنا وبالمستقبل، وبعد هذا الإنجاز الكبير الذى حققه الشعب المصرى بالدرجة الأولى وبمساندة جيشه وشرطته وقضائه لا بد أن نكمل المسار لنضع بلدنا على الطريق الذى تستحقه والذى يبشر بالخير لكل المصريين.
فى هذا اليوم -٦ أكتوبر من كل عام- سيتذكر المصريون مع شهداء عبور ٧٣ شهداء عبور ٢٠١٣ الذين قدموا دماءً زكية لإنقاذ هذا الوطن من لحظة كانت تهدد كيانه برمته، تحية إكبار وإجلال لكل من جعل هذا اليوم ممكناً والمجد للشهداء.