كل سنة وأنت طيب. اليوم أول أيام عيد الأضحى، بينما هذا المقال أكتبه يوم الوقفة من غانا منتظراً حضور مباراة الذهاب لمصر مع غانا فى مباراة فاصلة تصل بمن يفوز فيها إلى كأس العالم فى البرازيل. ست ساعات سفر من مصر إلى أكرا العاصمة الغانية، والمعلومات التى نعرفها من ويكيبيديا لها علاقة بغانا التى تشتهر بالذهب والكاكاو!!!، غانا كان اسمها ساحل الذهب قبل أن تتحرر من الاستعمار الإنجليزى، وتسمى غانا، وأول رؤسائها هو المناضل د.كوامى نيكروما، والذى حلم بالوحدة الأفريقية، وتزوج من المصرية فتحية رزق ابنة حى الزيتون، وهو ما جعل زملاء رحلتنا يؤكدون دوماً للغانيين أننا (أخوالهم). بعد أن وصلنا مطار أكرا حاول الجميع الحصول على العملة المحلية وهى السيدى (ركز.. السيدى وليس السيسى) وقيمتها تعادل ثلاثة جنيهات ونصف (حتى عملة غانا أغلى من عملتنا). على باب المطار الكل يبتسم ويؤكد أن غانا ستهزم مصر بالثلاثة أو الخمسة، لكنك ستجد أيضاً أكثر من (فرشة) لناس تبيع الموز المشوى، وهو أكلة شائعة هناك، كما سيلفت نظرك باعة (القصب) الذين يقطعونه ويقشرونه ليكون جاهزاً على مصمصة سعادتك.
كانت أمامنا رحلة طويلة إلى كوماسى معقل قبيلة الأشانتى، لم يهونها سوى الصحبة الجميلة، سواء من نهى سعد التى أكدت أنه مع احترامها لمصر فقد جاءت هذه المسافة لتلتقط صورة مع أبوتريكة، وحكت لنا عن مواقفها الإنسانية معه باعتبارها مديراً للعلاقات العامة بفودافون، لكنها استأذنتنا فى عدم نشر الوقائع، وها نحن نشير إليها ولا ننشرها!!
ست ساعات فى الباص بصحبة سوليمون الشاب الغانى الذى يتكلم باعتزاز عن بلده، وكيف أن الطرق المرصوفة عن طريق منح دولية من الأمم المتحدة فى برنامج الألفية، وكيف أن كوماسى التى نتجه إليها بها جامعة للعلوم والتكنولوجيا رغم مستوى الفقر وارتفاع نسبة معدل الإصابة بالأمراض والأوبئة (هناك احتمال 80% أن تصاب بالملاريا إذا لم تتناول الأقراص التى أهدانى إياها زميلنا أحمد عبدالباسط).
ست ساعات فى الباص كان الجو فيها خارجه حاراً ودرجة الحرارة 30 ودرجة الرطوبة تزيد على الـ70%، وبعد مسير أقل من نصف ساعة تبدل الطقس فجأة لتهطل الأمطار بغزارة شديدة، بينما الناس فى أماكنها تشوى الموز، والأطفال يلعبون عراة تقريباً، واللافتات على الطريق تشير إلى شخصيات لا نعرفها ويعرفونها هم كأنبياء أو قديسين!!!
6 ساعات فى الباص نشاهد فيلماً أجنبياً خزعبلياً لا ينتهى، وأحمد عويس يحكى لنا عن رواندا التى قررت فجأة أن تصبح بلداً بعد فترة من الحرب الأهلية فتصالح الجميع، ويذكرنا بالمسجد الذى بناه أبوتريكة فى غانا عام 2008 حين كانت مصر تلعب فى كأس الأمم الأفريقية، و6 ساعات يطبق فيها عملياً المثل الشهير: «بلاد تشيلنا وبلاد تحطنا»، والناس تنظر لنا بدهشة ممزوجة بفضول قبل أن تلوّح لنا مرحّبة، أو رافضة للتصوير.
ثم أخيراً وصلنا إلى فندق جولدن تيوليب، والذى اتضح أنه مقر إقامة منتخب غانا نفسه!!
تبدلت نظرات الناس كثيراً مع دخولنا. كانت هناك حالة من التحفز ومحاولة لإبعادنا عن لاعبى غانا الذين كنا نلتقيهم صدفة بصحبة بودى جاردات من هؤلاء الذين نراهم فى الأفلام الأجنبية.
كانت مشاكلنا موزعة بين الطعام السيئ هناك، رغم أنه أرقى الفنادق هناك، وحالة التحفز هذه، لكن شباباً مثل محمد ربيع من «اليوم السابع» وكريم رمزى من «يالا كورة» وغيرهما من زملائنا المرافقين كانوا أحد أسباب سعادتنا بروحهم الجميلة ودأبهم فى العمل.
عموماً: أنت تقرأ هذا المقال أول يوم العيد وأنت فى انتظار المباراة التى سنحضرها من الملعب، لكن غداً سأحكى لكم عن أجواء كوماسى، وتدريب المنتخب، وابتسامة أبوتريكة، على أمل أن نكون قد حققنا نتيجة إيجابية. ادعوا لمصر أن تفرح، ولو عن طريق الكورة، قال يعنى إحنا لقينا حاجة تفرحنا غيرها وقلنا لأ.
كل سنة وأنتم طيبون