بالراحة وبشويش وبشىء من المنطق..
لو ترشح الفريق السيسى للرئاسة، وهو نجم الشباك حالياً، فمن المرجح، إن لم يكن من المؤكد، أنه سيفوز، لكن سيتبع ذلك معارضة شرسة من الإخوان وضغوط دولية وحروب إعلامة غربية، مع حرب نفسية مفادها أن الجيش لم ينحَز إلى إرادة الشعب فى 30 يونيو، بقدر ما كان يحمى مصالحه فى أن يظل على سدة الحكم وأن يدير البلاد من خلال قائده العام الذى سيصبح وقتها قائداً أعلى..
لكن يظل السؤال: وماذا لو لم يترشح «السيسى»؟
نظرة واحدة على أسماء المرشحين المحتملين كفيلة بأن تجعلك تشعر بعمق المأساة..
وجوه محروقة، أو «ملطوطة»، أو مبشرة بدخولنا مرة أخرى فى مرحلة «التجارب»، بعيداً عن الخبرات اللازمة لإدارة بلد فى أزمة، لديه من المشاكل ما يزيد على حاجته ويقبل التصدير!!
أيديولوجيات متباينة، وأسماء لا تحظى بالحد الأقصى من التوافق، بل بمزيد من علامات الاستفهام، ووضع لا يحتمل أى فشل جديد، بعد إغلاق باب الثورات لاستنفادها الحد الأقصى للحدوث فى بلد مثل مصر، إضافة لحروب الكواليس والحلول الربانية غير المتوقعة التى قد يدخل فيها «عزرائيل» طرفاً لاستبعاد وجه أو وجهين لاعتبارات الحياة والموت، وكل ذلك لن يؤدى لشىء إلا لمزيد من وجع الدماغ والسقوط لدولة «متلصّمة» ببركة ربنا وشعبها وصمود جيشها.
أنا متفهم وجهة نظر سيادتك وأنت تقول: يعنى لا السيسى عاجبك ولا المرشحين عاجبينك، نعملّك إيه يعنى؟
لا تفعل شيئا أكثر من محاولة التفكير بمنطقية، للبحث عن حل، وليس للخناق، وفرض وجهة نظرك التى تحتمل الصواب والخطأ ولا تجدى معها البلطجة الفكرية لفرضها، تماماً مثل وجهة نظرى.
انهارت أصلاً بالنسبة لى، وبالنسبة لهذا الشعب، ولسنوات قادمة، فكرة «الرئيس»، ليبدو شعار «يسقط الرئيس القادم» ملائماً لطبيعة الفوران الشعبى الذى يتأرجح بين حدث وآخر، ويدخل اسم الرئيس فى دوائر تجعله منتقَص الإرادة ومنزوع الشعبية وقليل الهيبة والقيمة، عند شعب أصبح يكتب وجهة نظره على الحوائط والأتوبيسات، ويرسم شعاراته على الأسفلت.
لا مكان لرئيس قادم عنده هيبة، أو يحظى بتوافق شعبى عام، إلا إذا تمت صناعته، وهذا سيقودنا لأسئلة منطقية لها علاقة بمن الذى سيصنع، ومن الذى سيؤهل هذا الرجل، ومن ثم: من يضمن ألا يصاب بحمى الكراسى حين يجلس لتنهار الصناعة فى مهدها؟
ومع ذلك، فإن فكرة «صناعة الرئيس» فكرة جديرة بالتفكير، إن لم يكن لانتخابات 2014، فمن أجل مستقبل سيظل رهناً لمقامرات الشعب (وليس إرادته) حول أسماء ووجوه توحى بالثقة، ثم تسقط مع مرور الوقت قبل حتى أن تتولى المنصب.
الاختيار الثانى هو الفكرة التى يجب أن نفكر فيها كثيراً ونستعد لها من الآن، وهى فكرة «الفريق الرئاسى»؛ حيث الرئيس يوكل بملفات محددة، ويعاونه فريق رئاسى من مختلف التيارات، بشرط الكفاءة وليس الاسم (وهى آفتنا التى لا أعتقد أننا سنتخلص منها قريباً) من أجل إدارة «رشيدة» و«محترمة» فى بلد يحتاج لفريق إدارة أزمات أكثر من احتياجه لوزراء، ويحتاج لمدير أكثر من احتياجه لرئيس.
وأرجوك أرجوك أرجوك، لا تفكر فى موضوع الدولة البرلمانية الآن، فنحن -فعلاً- لسنا بحاجة لاستبدال فكرة الرئيس الفاشل والملطوط ببرلمان كامل فاشل وملطوط، وأضف لذلك أننا فى مصر قضينا على فكرة الأحزاب بفكرة سيادة الحزب الواحد، فما كان من الحزب الوطنى تكرر مع «الحرية والعدالة»، وسيتكرر مع فكرة الحزب الحاكم التى ذهبت ولن تعود قريباً، ويبدو المخرج الوحيد لهذه الإشكالية فى اندماجات كبيرة تختصر الأحزاب فى مصر إلى ثلاثة أحزاب كبرى لا أكثر ولا أقل ممثلة لتيارات اليمين والتيارات الليبرالية والتيارات «اللى فى النص» كما يحلو للبعض أن يسميها.
من دون ذلك لن يأتى رئيس يريح الناس ويدير الأزمة، ولا برلمان مناسب لظروفنا.
طبعاً حضرتك ستقول لى: إن الوقت لا يسمح بذلك، وإن الكلام يبدو نظرياً، وإن خارطة المستقبل لن تضمن حدوث كل هذا، لكننى سأعود وأقول لك: هذا هو الحل من وجهة نظرى، ولو كانت لديك حلول خارج الصندوق فاطرحها أبوس إيدك.
أما لو قلت لى: من سيتولى البلاد فى فترة انتقالية حتى حدوث ذلك، أو يحكمها فى السنوات الأربع المقبلة بعيداً عن «السيسى» والأسماء إياها، فلا تغضب، بقدر ما تحاول التفكير مرات ومرات ومرات بعيداً عن أى تسرع أو رأى مسبق أو اتهامات معلبة فى هذا الاسم:
عدلى منصور.