كهنة وباحثون: طيور الظلام أطفأت نور الكنيسة وكوكب البرية
الأسقف الراحل.. زهد الأسقفية وافترش الأرض
زخر الكتاب التذكارى الذى أعده دير الأنبا مقار بوادى النطرون، عن رئيسه الراحل الأنبا إبيفانيوس، بشهادات العديد من أبناء الطوائف المسيحية الأخرى والباحثين حول الأسقف الراحل، الذين أجمعوا على وداعته وتواضعه، كاشفين اللحظات الأخيرة لهم معه.
أكد القس سامح موريس، راعى الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، على تألمه لرحيل الأسقف، مشيراً إلى أن أول لقاء جمعه بالأسقف كان بعد أيام قليلة من تجليسه على الدير، واصفاً فقدانه بالخسارة الفادحة للكنيسة فى مصر والوطن العربى، بل وللعالم كله فى هذا الوقت وهذا العصر.
وأشار «موريس» إلى أن حادث اغتيال الأنبا إبيفانيوس تم بيد التعصب الدينى الذى اتهمه بأنه يقبل الآخرين بمختلف خلفياتهم وأنه جاهل بالناموس والأنبياء وأنه ضد الله، قائلاً: «هذا العمى والجهل ليس فقط أدى لكراهية هؤلاء الذين ليسوا معك فى الديانة، بل أيضاً لكراهية من معك فى طائفتك، لكونهم مختلفين معك فى التطبيق».
وقال راعى كنيسة قصر الدوبارة: «أنت تظن يا عزيزى القاتل وأنت تكسر قارورة الطيب أنك بهذا الفعل الخسيس تفسد الطيب، ولكنك لا تعلم أنك بهذا جعلت الطيب يفوح فى أرجاء كنيسة مصر، بل فى كل العالم، أحب الأنبا إبيفانيوس الجميع، وهكذا فعلوا به ظانين أن حبه انتهى بحجزه وراء حجر، لكن الأنبا إبيفانيوس قدم نفسه شهيداً للمحبة، وعلى الكنيسة كلها أن تتوقف أمام هذا الحادث الجلل وأن يكون عبرة للتاريخ».
راعى قصر الدوبارة: الاغتيال تم بيد التعصب الدينى.. والأب جون: مقتله يذكّر بالشر الكامن وسط الإكليروس.. و«برسوم»: منع الرهبان من دخول بيت أسرته
وتحت عنوان «هل أطفأت طيور الظلام نور الكنيسة وكوكب البرية؟»، قال الأب جون جبرائيل، الراهب بدير الدومينيكان، إن القاتل ومَن دفعه هم من أولئك الذين سمحوا للكراهية والحقد بأن يعششا فى قلوبهم، وللتعصب أن يعمى أبصارهم، بعد أن ارتووا من تعاليم أساقفة جهلة ادعوا العلم وادعوا معرفة اللاهوت وادعوا القداسة بحركات بهلوانية خادعة فى وسط شعب تنهش الأمية المدنية والدينية فى عقله ولحمه.
وقال الراهب: «نعم، مقتل إبيفانيوس يشهد ويذكّر بالشر الكامن وسط الإكليروس، ووسط من يقتلون لأنهم يظنون أنهم بذلك يؤدون خدمة لله، تاريخ الكنيسة فى العصور الوسطى يشهد على الاغتيالات، وما حدث الآن هو أكبر كشف عن مدى قرب كنيسة مصر من العصور الوسطى». وتابع الراهب: «نعم، استطاعت يد هؤلاء اغتيال إبيفانيوس وقتله ووقف إنتاجه الفكرى، إلا أن دماءه التى أريقت لهى بذار لألف إبيفانيوس فى أرض مصر ستلاحقكم أيها القتلة، مقتل أبينا إبيفانيوس هو تهديد سافر لكل من تسول له نفسه قول الحق وفضح الزيف فى الكنيسة».
ويحكى القمص برسوم حنين، كاهن كنيسة السيدة العذراء والشهيد مارجرجس بطنطا، أن الأنبا إبيفانيوس كان خادماً نشيطاً قبل الرهبنة واختار دير أبومقار لأنه كان يريد تكريس نفسه للصلاة والعبادة ولا يفكر فى أى درجة كهنوتية، مشيراً إلى أن بيت الأسقف قبل رهبنته لم يدخله بعد رسامته راهباً إطلاقاً، حيث توفى والده وهو فى الدير، وتوفيت والدته وهو أسقف وكان مسافراً خارج البلاد، ومنع الأنبا إبيفانيوس الرهبان أن يذهبوا للمشاركة فى صلاة الجنازة أو تقديم واجب العزاء للأسرة.
وقال القمص صليب توفيق كبيش، راعى كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بطنطا، إنه كان أب اعتراف الأسقف الراحل فى المرحلة الثانوية وحتى تخرجه من الجامعة، مشيراً إلى أن الأسقف بعد دخوله الدير ورغم تكرار زيارته إلى الدير بحكم كون الراهب القس كيرلس المقارى أب اعترافه، إلا أنه لم يره.
وعدد القمص فضائل الأسقف الراحل، مشيراً إلى أنه كان «خادماً أميناً فى فصول التربية الكنسية، حتى إن امتحانات الثانوية العامة لم تمنعه من حضور الخدمة، وكان مرتبطاً بالكنيسة، وكان يجيد الألحان الكنسية واللغة القبطية وطقوس وعقائد الكنيسة».
وقال القس بطرس سامى، راعى كنيسة مارمرقس المعادى: «قتلوك ظناً منهم أنهم يستطيعون التخلص من نورك، ولم يعلموا أنهم كسروا قارورة الطيب ففاحت منها رائحة المسيح».