قررت جبهة «مصر بلدى» بدء نشاطها على مستوى المدن والمحافظات من أجل الدعوة لترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتسعى الجبهة إلى أن يكون يوم 25 يناير المقبل هو ذلك «التاريخ الثورى» الذى يتم فيه هذا الترشيح. وتضم الجبهة أكثر من 3 آلاف شخصية عامة هى بمثابة لجنتها التأسيسية، وتعتزم أن تؤدى مهامها من خلال 20 ألف متطوع يعملون من خلال 300 مقر. ويُنتظر أن يكون أول جهود هذه الجبهة هو دعوة الناخبين إلى التصويت بـ«نعم» على الدستور الجديد.
كل ذلك عمل شعبى ومشروع سياسى منطقى لا غبار عليه.
ولكن يبقى سؤال عظيم يطرح نفسه على الجميع بقوة متسارعة.
يقول السؤال: إذا كنتم تريدون أن يكون «السيسى» رئيسكم فماذا تقدمون له بالمقابل؟! وحتى أكون أكثر وضوحاً دعونا نشرح السؤال بشكل لا التباس فيه، وبطريقة لا تحتمل التأويل.
فى علم السياسة وفى عالم الاشتغال بها دائماً هناك ثمن لكل شىء. ومنصب رئاسة مصر فى هذه الظروف صعب، فى ظل حالة احتراب وقتل وأزمات، أدناها الأمنى وأقصاها التحدى الاقتصادى.
مصر الآن لا تغرى بالرئاسة، ولا يمكن لرجل واحد، كائناً من كان، ولا لفصيل شعبى مهما كانت شعبيته، ولا لمؤسسة شعبية أو سيادية مهما كانت قوتها أن تتحمل وحدها حل مشاكل مصر وتستطيع أن تنجح فى الوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
لذلك كله، فإن بعض المقربين من «السيسى» يعتقدون أن المطالبة بترشح «السيسى» هى مجازفة خطرة للغاية.
وتحميل الرجل ما لا يطيق هو المطالبة بالانتحار السياسى لبطل شعبى، دخل التاريخ المصرى المعاصر من أوسع أبوابه؛ لذلك يكفى الرجل ما أنجز وعليه أن يبقى فى منصبه كوزير دفاع وقائد عام للقوات المسلحة. أما المدرسة الثانية من التفكير فهى تؤمن بأن «السيسى» هو الرجل المناسب والشخصية التاريخية المواتية تماماً للظرف المصرى الحالى، شريطة ألا يكون دور «السيسى» هو أن يحمل وحده دون سواه الـ94 مليون مصرى على كتفيه!
مصر حمل ثقيل لا يستطيع «السيسى» أو مليون مثله أن يتحملوا أعباءه ومشاكله وتراكماته التاريخية.
مصر تحتاج إلى قائد وقيادة وشعب، أى أنها تحتاج إلى مهندس وإدارة وبناة حتى يرتفع البناء ولا ينهدم المعبد على رؤوسنا.
لا تطلبوا من «السيسى» أن يكون المسئول الوحيد والشماعة الوحيدة التى نعلق عليها ضعف الإنتاجية والتواكل وضعف المبادرة والأيدى المرتعشة والعبء السياسى. إذا أردتم «السيسى» رئيساً وطلبتم منه أن يدفع من روحه وحياته ومستقبله ومستقبل أسرته ثمناً فادحاً، فإن العدل والمنطق يقضيان بأن نقدم له مشروعاً متكاملاً نشاركه فيه بإيجابية وبمسئوليات متساوية ومحددة.
لا يجب أن نقول لـ«السيسى» كما سبق فى التاريخ: «اذهب أنت وربك فقاتلا».