«الخذلان» بات هو الشعور الغالب لدى غالبية المصريين فى الوقت الحالى، فما بين أعمال عنف تندلع بين الحين والآخر، وتفجيرات إرهابية لا تعلم من أين ستأتى، وعدم استقرار فى الشارع، ونخب سياسية فاشلة، فضلاً عن المشاكل العادية التى ما زال الشعب المصرى يعانى منها مثل المرور والتلوث الجوى، وما أراه تلوثاً عقلياً لشريحة ما من المجتمع، بات الغالبية يشعرون بـ«الخذلان».
وحتى عودة بطولة الدورى خذلت الجميع، فنحن الآن ندور فى نفس الحلقة المفرغة من إقامة مباريات بدون جدوى، فالأندية تنفق مصاريف باهظة ما بين معسكرات ومستحقات لاعبين وأجهزة فنية وإداريين، وكل ذلك على مسابقة مهددة بالإلغاء ما بين الحين والآخر.
وكما توقعت لم يستمع أحد لما سبق وقلته عن ضرورة عدم عودة الدورى قبل تعديل وضع الأندية وتحويلها لشركات محترفة وإطلاق دورى المحترفين، حتى يكون هناك مسئولون يتحملون نتيجة قراراتهم، ويتم محاسبتهم فى حالة وجود أى تجاوزات، لكن كالعادة شعرنا بـ«الخذلان» وعادت لنا مسابقة أقل ما توصف به أنها «ركيكة المستوى».
وبالتأكيد، فالحجج جاهزة، فاللاعبون لا يشاركون فى مباريات رسمية منذ إلغاء الدورى الماضى، وجمل حماسية مثل: «لسة دى البداية والمستوى هيزيد مع الوقت»، لكن ما كل ذلك إلا مسكنات و«ضحك على الدقون» من أصحاب السبوبة الذين يدافعون عن عودة الكرة بأى شكل بعد توقف مصالحهم.
وأتوقع المزيد من «الخذلان» فى الفترة المقبلة، فالجمهور لن يلتزم ومع مرور المباريات، فى حالة استمرارها، ستطالب الجماهير بالعودة للمدرجات ونرى لافتات مثل «المدرج ملكنا.. مش ملك أبوك تذلنا» كما حدث فى الموسم الماضى الذى ألغى قبل نهايته بأربع جولات فقط بسبب إصرار الجماهير على الحضور.
«الخذلان» سيستمر مع المنتخب الوطنى ليس لضعف فى الجهاز الفنى الجديد بقيادة شوقى غريب الذى ظلم نفسه بقبول هذا المنصب فى الوقت الحالى، لأن الدورى بوضعه الحالى لن يفرز لاعبين جدداً، وسيحتاج لمعجزة ليحقق الإنجاز ويصعد لكأس أمم أفريقيا 2015.
نعم هو بات إنجازاً بالنسبة لمنتخبنا، فمجرد الصعود لهذه البطولة حالياً يعد بطولة، فى حد ذاته، فى ظل مسابقات ملغاة ولاعبين لا يحصلون على مستحقات، وعدم وجود وجوه شابة جديدة تدعم المنتخب، ذلك كله بالإضافة لأن المنتخبات الأخرى فى أفريقيا تتقدم كل يوم للأمام، ونحن نظل محلك سر.
مَن فى مصر لم يشعر بـ«الخذلان» بعد فضيحة الخسارة بستة أهداف أمام غانا وضياع حلم كأس العالم، من لم يشعر بـ«الخذلان» وهو يشاهد جماهير مصرية ترفع إشارة رابعة احتفالاً بخسارة مصر فى كوماسى.
واكتمل «الخذلان» بالإساءة لاسم مصر بعدم احترام القواعد فى إذاعة المباريات بعد بث مباراة فضيحة الستة على الهواء مباشرة رغم ملكية حقوقها الأرضية والفضائية لقناة «الجزيرة».
«الخذلان» سيظل هو الشعور الذى يصل إلينا سواء فى أشخاص عرفناهم أو سنعرفهم، ومواقف سنعيشها أو نشاهدها، لكن المهم أن يبقى دائماً بداخلنا الأمل بأن هناك غداً سيأتى ويتبدل ذلك الشعور ونحقق ما نصبو إليه سواء شخصياً أو اجتماعياً.