لست مهتماً بالإجابة عن سؤال من الذى سرب التسريبات؟ سواء تسريبات شبكة «رصد» عن الفريق السيسى أو تسريبات برنامج «الصندوق الأسود» عن نشطاء «6 أبريل» فهذا مكانه النيابة ورجال القانون، هم يبحثون براحتهم وأمامهم البلاغات وليس من الواجب ولا المفروض أن أتقمص أنا دور كورمبو وأقدم لكم من واقع التخمينات البوليسية والفتاوى الشرطية التى يتمتع بها المصريون متهماً بعينه يشار إليه بتهمة مسرب، ببساطة «رصد» وجدت تسريبات وأذاعتها وكذلك الصحفى عبدالرحيم على وجد نفس الشىء وأذاعه، وكل منهما من وجهة نظره رأى أن هذا هو واجبه الإعلامى، لكن السؤال المهم الذى يشغلنى بحق لماذا لم يكن لتسريبات «السيسى» أى تأثير سلبى على الناس، بل على العكس، وهذا هو المدهش، هذه التسريبات جعلت الناس تلتف أكثر حول هذا الرجل لدرجة أن مواقع التواصل الاجتماعى شكرت «رصد» على حسن تعاونها واتهمت المسربين بأنهم أعضاء فى حملة «كمل جميلك»!، ولماذا كان لتسريبات عبدالرحيم على هذا التأثير الهائل الذى جعل الناس يعيدون حساباتهم فى نشطاء كثيرين من هذه الحركة كانوا قد خدعوهم بمعسول الكلام الثورى؟! الإجابة بسيطة وسهلة، لأن الناس فى التسريب الثانى شمت رائحة الخيانة والعمالة وسيل اللعاب من أجل الدولار، لأن الناس عرفت الهيافة والتفاهة ولغة الحوار المنحطة بينهم والأنانية والنرجسية التى تتحكم فى تصرفاتهم والقدرة الهائلة على التمثيل والخداع لدرجة أن نحنوح الثورة وندابتها الباكية وصاحب خدودها المكتنزة استطاع خداع مصر كلها، ومنهم العبد الفقير إلى الله شخصياً، من خلال دموع التماسيح التى ذرفها طوال استضافته المزمنة فى الفضائيات، استيقظ الناس بعد هذه التسريبات على شاب يتحدث بمفردات تجار المخدرات وبصوت يذكرك بتليفونات توفيق الدقن فى أفلام حسام الدين مصطفى، وتتحول دموعه الساخنة إلى ضحكات مرقعة رقيعة على التليفون بينه وبين شاعر الثورة ابن خائن الوطن وعميل قطر ومفتى «الناتو»، الناس اكتشفت القفا الكبير الذى انطبع بالكف كله والذى لطمها لمدة سنتين على سهوة مثل بلدياتنا فى المولد، اكتشفوا أنهم احتياطى استراتيجى لجماعة الإرهاب الإخوانية، اكتشفوا أن البوب كان بالنسبة لهم مجرد صنم عجوة يتعبدون له كرهاً وهم غير مقتنعين بقيادته وحتماً سيأكلونه فيما بعد، ببساطة الناس أحست بالقرف والخديعة والمؤامرة، من هنا كان هذا التأثير السلبى الذى دفن هؤلاء فى مزبلة التاريخ.