مرفوض تماما ومؤسف جدا أن تقدم بلاغات ضد رؤساء تحرير صحف كالأستاذ عبدالحليم قنديل والأستاذ عادل حمودة والأستاذ إسلام عفيفى وغيرهم بتهمة إهانة رئيس الجمهورية.
مرفوض لأن الرئيس، فى دولة تسعى لبناء الديمقراطية وتعتمد الانتخاب الحر وسيلة لاختيار موظفها العام الأول، ليس فوق النقد اللاذع والتفنيد الحاد لقراراته وممارساته ورفض مشروعه السياسى والاختلاف مع حزبه (أو فى الحالة المصرية جماعته وحزبه).
مرفوض لأن الرئيس المنتخب الدكتور مرسى عليه أن يتحمل المعارضة والنقد والاختلاف دون أن يزين له بعض المحيطين به من مريدى صناعة الديكتاتور الملهم أو مناصريه السياسيين أن المعارضة والنقد هما إهانة له تستحق العقاب تعويلا على مادة سيئة السمعة فى قانون العقوبات.
مرفوض لأن التحجج بأن حرية التعبير عن الرأى تختلف عن التطاول على الرئيس هو أمر شديد التهافت وعرضة لشخصنة المواقف ولتوظيف نابع من المصالح السياسية يعصف بالحرية.
مرفوض لأن الرئيس وبقية الموظفين العموميين، وعلى خلاف المواطن الذى تتيح له القوانين المصرية مساءلة من يروج لمعلومات كاذبة بحقه أو يسىء له قولا أو فعلا، عليهم أن يترفعوا عن تعقب مثل هذه الأمور اقتناعا بأن المنصب العام يأتى بها وبما يرتبط بها من إرهاق نفسى وعصبى كما يأتى بالكثير من المزايا والامتيازات.
مرفوض باختصار لأنه لا يوجد ما يسمى إهانة رئيس الجمهورية.
مؤسف أن تحرك مثل هذه البلاغات فى الأسابيع الأولى للرئيس المنتخب وترتب مع ممارسات أخرى تنتقص من الحريات الإعلامية وآراء كارثية تهدد حريات المواطنين حالة من القلق المشروع على الحريات العامة والشخصية فى مصر.
مؤسف أن يوظف القانون لتعقب صحفيين، وليس لمحاسبة شيوخ يهدرون دم المتظاهرين.
مؤسف أن يغيب النقاش الجاد عن كيفية تفعيل أدوات دولة القانون لمحاسبة من يهينون المواطنات المصريات بالتحرش الجنسى والعنف اللفظى والجسدى، فى حين تتوالى البلاغات ضد رؤساء تحرير صحف، مؤسف أن يتحدث محيط رئيس الجمهورية عن ضرورة منع إهانته والتطاول عليه إعلاميا ويبرر بذلك أيضا للسيطرة على الصحف القومية، بدلا من التفكير الجدى فى إصلاح المنظومة الإعلامية الرسمية والخاصة وهى تحتاج لإصلاح وتطهير (وإصلاح الإعلام جزء من منهج العدالة الانتقالية).
السيد الرئيس، لك الآن اختصاص تشريعى لا أوافق عليه وأتمنى أن ينتقل لجهة أخرى. إلا إنك تستطيع به الآن أن تلغى مادة إهانة الرئيس من قانون العقوبات وترسل إشارة واضحة لمحيطك وجماعتك وحزبك ومريدى الديكتاتور بأنك لا تريد العصف بالحريات وتكميم الأفواه ولا أن تكون رئاستك هى رئاسة تعقب الصحفيين.
أتضامن بالكامل مع رؤساء التحرير وغيرهم من الإعلاميين الذين يواجهون بلاغات إهانة رئيس الجمهورية وغيرها. وعلى الجماعة السياسية والإعلامية، وبغض النظر عن اختلاف المواقف والتقديرات، أن تتحرك بقوة لوقف هذه الممارسات، فالتهاون معها اليوم يعنى تصاعدها بالغد، وصديق السلطة اليوم قد يبتعد عنها بالغد.