م الآخر| يوم انسحاب العدو
.. مباراة نهااليوم تشهد مصر حركة غير عادية.. المواصلات.. الشوارع.. الناس.. هناك حالة غريبة.. والناس تتفاعل معها بسرعة.. هناك همة غريبة ظهرت فجأة على الشعب المصري.. فلا يعقل أن أنزل الشارع ولا أجد مشاجرات أو إهانات.. لا أدري ماذا يحدث؟ نعم لقد عرفت السر.. اليوم تُقام مباراة مهمة في استاد القاهرةية الدوري العام بين فريقين يحبهما المصريون بشدة.. الأول اسمه الأهلي والثاني الزمالك. يذهب اليوم الملايين إلى الاستاد، ورغم أن الاستاد لا يكفي إلا لعدد أقل من هذا بكثير، لكن البركة تجعل الإستاد يكفي الملايين. من لم يلحق مكانًا وجد مكانه في مقهى.. فالكرة تحلو في وسط الناس.
تم إغلاق المحال، وهناك رجال طلّقوا زوجاتهم من أجل متعة مشاهدة المباراة.. المباراة مهمة للغاية. عندما بدأت المباراة ساد الصمت في كل مكان، كل الناس تشاهد المباراة.. كل الناس تتشاجر بسبب أخطاء اللاعبين، الوحيد الذي كان يسير في الشارع هو أنا.. أنا الوحيد الذي شاهدت كل ما يحدث.
شاهدت دبابات وجنودا وطائرات يطوقون شوارع القاهرة.. لم أعرف هوية هذا الجيش الذي بدأ يحتل مصر!! تجوّلت في الشوارع بدون أن يلاحظ أحد، كانت صيحات الطلقات والرصاص والقنابل تعلو على أصوات الجماهير الذي يشجعون المباراة، لكنهم لم يلتفتوا لها. وكل قنوات الأخبار تذيع احتلال مصر على الهواء مباشرة ولكن المصريين يشاهدون المباراة.. المباراة الأخيرة في الدوري. فحتى لم يلحظ أحد ما كُتب على الشاشة من نبأ عاجل وهم يشاهدون المباراة. هذا لأن أعينهم عند قدم كل لاعب معه الكرة، وعقولهم تقف عند احتمالين لا ثالث لهما.. الأول إذا انتصر الزمالك فستنتقم جماهير الزمالك لأنفسهم ويذلون جماهير الأهلي، والثاني إذا انتصر الأهلي فسيحدث العكس تماما. ما علاقة الجماهير الآن بما يحدث خارج المباراة؟؟ بالطبع لا شيء!! وقفت وحدي أرفض الاحتلال أو الاستشهاد بدون أن أحارب في هذه المعركة.
قبل نهاية المباراة بدقائق قليلة.. خرجت جيوش الاحتلال منسحبة ومغادرة لأرض مصر، ولم يشعر المصريين بما حدث. قالت قنوات الأخبار عن أسباب خروج جيش الاحتلال إن قادة الجيش جاء لهم إحباط.. لأنهم كانوا يتوقّعون حربا شرسة مع المصريين، ولكنهم دخلوا مصر ولم يجدوا المصريين مما سبب لهم إحباطا فقرروا أن يحرموا مصر من وجودهم. هذا وقد صرح مصدر أمني مسؤول في جيش الاحتلال "أن أفضل عقاب للمصريين أن نتركهم لأنفسهم.. فهم قادرون على القضاء على أنفسهم بأنفسهم.