تثير مسودة قانون الطوارئ أو قانون الظروف الاستثنائية الجديد الكثير من التساؤلات بشأن توقيتها من جهة والأحكام التى تتضمنها من جهة أخرى.
ففى مسألة التوقيت، يصعب فهم دواعى دفع الرئيس مرسى وحكومته باتجاه إصدار قانون الطوارئ الجديد قبل الانتهاء من صياغة الدستور وقبل انتخاب مجلس الشعب. لا أجادل فى أن قانون الطوارئ الحالى، الذى ألغى العمل به ما إن ألغيت حالة الطوارئ قبيل أشهر معدودة، يحتاج لتعديلات جذرية تحول دون العودة إلى قانون طوارئ يعصف بالحريات وبضمانات الحقوق ويمهد مجددا لتوحش السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية على المواطن. لا أجادل أيضا فى أن إعلان حالة الطوارئ وبشروط وضوابط واضحة هو بمثابة شر لا بد منه قد يحدث فى الدول الديمقراطية فى ظروف استثنائية ذات صلة بأوضاع داخلية أو أوضاع إقليمية محيطة. لا أجادل فى هاتين الحقيقتين، إلا أن مصر وبالرغم من الظروف الداخلية الصعبة التى تمر بها نجحت نسبيا دون حالة الطوارئ فى رفع معدلات تأمين المواطن ومواجهة المجموعات والعناصر الخارجة على القانون. نستطيع إذن الانتظار بشأن القانون الجديد إلى حين الانتهاء من الدستور الجديد الذى قد يعطى سلطة إعلان حالة الطوارئ للرئيس شريطة موافقة مجلس الشعب السابقة وليس اللاحقة كما ينص الإطار الدستورى الحالى (المرتبط بالإعلان الدستورى 20١١). وظنى أن الموافقة السابقة لمجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ ضمانة دستورية ضرورية لمنع احتمالية التعسف من قبل الرئيس، خاصة فى ضوء الخبرة المصرية المريرة مع حالة طوارئ استمرت لثلاثة عقود وعصف خلالها بحريات المصريات والمصريين. من الأفضل أيضا مناقشة قانون الطوارئ الجديد فى مجلس الشعب بتمثيله المتنوع المتوقع لكافة الأحزاب والتيارات السياسية.
أما فى ما خص الأحكام الواردة فى مسودة قانون الطوارئ الجديد، التى أعدتها وزارة العدل ويناقشها المستشار أحمد مكى مع المنظمات الحقوقية والمتخصصين فى حقوق الإنسان، فترد عليها الكثير من الملاحظات النقدية، فأحكام المسودة تعطى لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة وخطيرة عند إعلان حالة الطوارئ، كما أنها تعطل الكثير من ضمانات الحقوق والحريات المنصوص عليها فى القوانين المصرية (العقوبات والإجراءات الجنائية وغيرهما). تعيد أحكام المسودة كذلك إلى الواجهة المحاكم الاستثنائية تحت عنوان محاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية، وفى هذا إهدار خطير لمقتضيات الديمقراطية وسيادة القانون، واستمرار لنهج جمهورية يوليو التى وظفت الطوارئ والظروف الاستثنائية لضرب النظام القانونى الاعتيادى وتوسعت (بما فى ذلك خلال الأشهر الماضية) فى تقديم المدنيين لمحاكم طوارئ ومحاكم عسكرية. مثل هذه الأحكام تحتاج لإعادة نظر جذرية ولفهم ديمقراطى لحالة وقانون الطوارئ بحيث لا يجدد التاريخ الطويل من العصف بالحقوق والحريات.
السيد رئيس الجمهورية، السيد المستشار أحمد مكى، أطالبكما بتأجيل قانون الطوارئ الجديد إلى ما بعد الانتهاء من الدستور وبعد انتخاب مجلس الشعب.