صديقى الدكتور نجم الدين عراقى مقيم بلندن، أرسل لى هذه المقالة لسيدة يهودية يمنية «نجاة النهارى» أرجوكم أن نقرأها كما هى بعناية وحيادية. (كثيرون وجهوا لى الدعوة للتخلى عن معتقدى اليهودى ودخول الإسلام، وكثيرون يصفوننى بالكافرة ويقولون إن غير المسلمين مصيرهم إلى النار.
بعث لى صديق قصة جميلة عن النبى محمد ويهودى كان يسكن جواره ويلحق به الأذى والنبى يصبر عليه، وعندما مرض اليهودى زاره النبى فخجل اليهودى من أخلاقه ودخل الإسلام.. عندما قرأتها فهمت أن تصرفات وأخلاق النبى محمد كانت هى مقياس اليهودى للإعجاب بالإسلام واعتناقه قبل أن يقرأ القرآن.. ولحظتها تساءلت مع نفسى: يا ترى المسلمون اليوم بماذا سيغرون اليهودى لدخول الإسلام؟ فأنا أحاول أن أفهم الإسلام على طريقة اليهودى الذى أسلم بسبب تصرفات النبى.. وسأناقش الموضوع بثلاث نقاط:
(أولاً) المسلمون اليوم مذاهب متعددة وكل مذهب يعتبر الآخر «كافر» ويحلل قتله.. فلو أردت -كيهودية- دخول الإسلام فهل أدخله من باب «السنة» أم «الشيعة» وأى منهما أعيش فيه بسلام ولا يحلل قتلى أنصار المذهب الآخر!؟
فوجئت أن المسلمين يرددون كلاماً مقدساً للنبى محمد بأن المسلمين سيتفرقون إلى (70) فرقة كلها سيعذبهم الله فى النار باستثناء فرقة واحدة ستدخل الجنة. فسألت عن اسم هذه الفرقة ولم أجد مسلماً يعرفها لكن كل فرقة تدعى أنها هى المقصودة!!
تساءلت مع نفسى: يا ترى إذا أراد يهودى دخول الإسلام فعند أى فرقة يذهب ليتحول إلى مسلم؟ ومَن مِن علماء المسلمين يعطيه ضماناً أكيداً بأنه سينضم للفرقة الصحيحة التى لا يعذبها الله!؟
(ثانياً) المسلمون اليوم يتقاتلون بينهم فى كل مكان، ويذبحون بعضهم البعض بطرق بشعة جداً.. فكيف يقتنع اليهودى بدخول الإسلام إذا وجد المسلم يقتل أخاه بسبب الدين نفسه؟
قبل يومين قرأت تقريراً تم تقديمه للأمم المتحدة من دول عربية مسلمة يتحدث عن (80) ألف مسلم تم قتلهم فى سوريا خلال سنتين فقط بأيدى المسلمين سواء من النظام أو المعارضة. ورأيت مقطع فيديو لأحد مقاتلى المعارضة وهو يخرج قلب جندى ويأكله، أى مسلم يأكل قلب أخيه المسلم!!
كنت قرأت إحصائيات عن عدد القتلى فى العراق خلال الحرب الأهلية تقدرهم بأكثر من 280 ألف عراقى غالبيتهم العظمى مسلمون.
سأكتفى بهذين المثلين، وأترك لكم التفكير والتأمل والتساؤل كيف يمكن لليهودى أو المسيحى أن يقتنع ويطمئن قلبه لدخول الإسلام إذا كان هذا حال دول المسلمين؟ مع أنى واثقة كل الثقة أن ما يحدث ليس من تعاليم الإسلام لأن جميع الأديان السماوية تدعو للسلام.
(ثالثاً) عندما دعا النبى محمد الناس للإسلام فإنه أغراهم بالحرية والعدل والخلاص من الظلم والجهل والفقر لذلك تبعه الناس. لكن اليوم عندما المسلمون يدعون اليهود لدخول الإسلام بماذا يغرونهم؟
فمعظم دولنا العربية الإسلامية يعمها الفقر والجهل والظلم وانتهاكات حقوق الإنسان وتفتقر للتنمية والقوة الاقتصادية، ولولا ذلك لما قامت ثورات الربيع العربى. بينما الدول التى يديرها مسيحيون ويهود ممن يعتبرهم البعض (كفار) أصبحت هى من تغرى المسلمين للهجرة إليها والعمل أو العيش فيها. صحيح أنا يهودية لكننى أحترم الإسلام وأجد فيما يحدثنى عنه المسلمون دستوراً عظيماً للحياة الإنسانية، وتمسكى بعقيدتى ليس كفراً كما يعتقد البعض، فقد بعث لى أحد الأصدقاء بنص من القرآن يؤكد أنه لم يكفر أصحاب الأديان ويقول هذا النص «لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ» لذلك بدأت أقرأ دراسات عن القرآن وكل يوم تزداد حيرتى أكثر وأبقى أسأل نفسى: لماذا إذن العالم الإسلامى وصل إلى هذا الحال رغم أنه لديه دستور دينى رائع ونبى عظيم؟). والله الذى لا إله إلا هو لو أننى صاحب قرار لاجتمعت مع أهل السنة والشيعة والأزهر وكل المذاهب والملل والنحل وطلبت منهم إجابة لحيرة هذه اليهودية ونشرت هذا الخطاب على كل التكفيريين والجهاديين والعقلاء من المسلمين أن يردوا عليها ويبددوا حيرتها وحيرتنا معها.