كيف نحلم بمستقبل أفضل لمصر.. ونحن فيها؟!
لست متشائماً.. فكل من حولى يرون أننى متفائل أكثر من اللازم.. غير أن تفاؤلى يولَد دائماً من رحم الواقع.. لذا فحين أنظر إلى واقع مصر.. يتوارى التفاؤل تدريجياً.. وينمو الخوف بداخلى مثل السرطان..!
كيف تغمض عينيك وأغلق عقلى.. ثم ننتظر أنا وأنت أن ينصلح حالنا؟.. من ذا الذى بمقدوره أن يحملنا فوق كتفيه بأثقالنا.. وكسلنا.. وتناقضاتنا الصارخة.. نحو واقع أفضل.. بينما المشهد نصنعه بأيدينا.. فيبدو جزءاً من فيلم ماسخ وممل.. بلا بداية ولا نهاية.. ولا حتى أبطال يتقدمون بالدراما إلى الأمام؟!
كيف ترى مصر بعد عام أو اثنين أو عشرة.. وأنا وأنت جزء من أزمتها؟!
الإخوان غاضبون إلى حد العمى.. ومن العمى يولَد عنف الكفر.. أنا وأنت غاضبون من الإخوان، دون أن نعترف أنهم ابن ضال لأب فاسد.. وضع بذرته فى رحم عفنة.. ثم قذف بالجنين إلى الشارع.. لا تَقُل لى إنهم ولدوا بهذا الدين الذى لا نعرفه.. ولا تَقُل لى إنهم يحملون فى الجينات هذه الكراهية وذاك العنف لأبناء وطنهم.. ولا تَقُل لى إننا فى نصف القرن الأخير أو يزيد كنا نربى ونعلّم ونحتضن ونفتح أبواب العمل والرزق.. وإلا فلماذا أنبتت أرض مصر شياطين.. يقتلوننا كى يدخلوا الجنة؟!!!
نحن جميعاً من نبت الأرض ذاتها.. لا فرق بيننا وبين الإخوان سوى فى النوايا ومعول الهدم الذى يحمله كل منا.. هم يهدمون جداراً.. وأنا وأنت نهدم طوبة كل لحظة.. وإليك ألف دليل..!
الإخوان غاضبون وقتلة.. والدم يراق على جوانب السلطة والجاه والمال.. ولكن عشرات غيرهم يلهثون وراء السلطة والجاه والمال.. لا أحد يفكر فى مصر.. مصر التى تضاءلت إلى حد التنقيب بإبرة عن شخص كفؤ.. شريف.. ووطنى يدخل الانتخابات الرئاسية أمام المشير.. مصر التى تعجز عن صد ديدان وأفاعى المصالح ونفاق كل العصور من حول السيسى.. مصر التى تصغر وتصغر فى نظر هيكل، فيقول إن السيسى ليس بحاجة إلى برنامج انتخابى، ولا حتى حملة انتخابية.. ومصر حين تصغر إلى هذا الحد، فأنا وأنت لا نُرَى -قطعاً- بالعين المجردة..!
انظر حولك، قبل أن تغضب منى: حملة السيسى «كرافتات» مربوطة بالعكس، فتخنق قياداتها وأعضاءها عن الكلام.. فى العسكرية الكلام بإذن وأورنيك وتصريح يذيّله النسر المجنح..!
حملة حمدين صباحى «تولول» مبكراً.. الحقونا.. بيدبحونا.. مع أن «السلخانة» لم تفتح أبوابها بعد.. لكن السياسة فى مصر غير السياسة فى العالم كله: الطم.. اصرخ.. وفرَّج أمة لا إله إلا الله عليهم.. ولا مانع أن «تضرب نفسك مطوة أو مفك».. وتجرى على كاميرات التليفزيون ليكون دمك دليلاً على موت المستقبل..!!
الإخوان بإرهابهم.. والأفاعى التى تزحف وتطوّق السيسى.. وصباحى وثواره.. كلهم يحملون ملامحك، وقسماتى.. لا أحد منا خيرٌ من الآخر.. ولا أحد فينا أقل خطورة على مصر.. وإلا بماذا تفسر ما يحدث الآن..!
إعلام مصر يريق الدماء أحياناً مثل الإخوان.. وينافق ويداهن كما الذين يزحفون تحت أقدام السيسى.. ويولول ويلطم قبل الجنازة مثلما يفعل حمدين وثواره.. لا أحد فينا -وأنا منهم- يرتدى بدلته أو فستانه الأنيق، ويخرج من بيته إلى الشاشة، ومنها إلى بيوت الملايين، وفى يده طوبة يعلى بها جداراً.. كل طوب الإعلام «يلبس» فى دماغ مصر..!!
كل شىء فى بلدك وبلدى بات يشبهنا.. لِمَ لا وهو من صُنْعنا: الفيلم الأول فى دور العرض، لهيفاء وهبى والراقصة صافينار.. السبكى بتاع اللحمة بات المنتج الأول والمخرج الأوحد.. وداود عبدالسيد ومحمد خان وخالد يوسف وخيرى بشارة ومجدى أحمد على جالسون فى بيوتهم.. من الذى وضع الملايين فى جيب السبكى سواى أنا وأنت؟!!
«الفيس بوك» تحول على أيدينا من وسيلة عصرية للتواصل بالأفكار والمبادئ، إلى «طرنش شتائم» بالأب والأم.. وهتك للأعراض..!
مقالات الصحف سقطت فى مستنقع «كلام المقاهى»، واستدعت «لغة الفيس بوك» وأخلاقه.. وأنصاف كتاب، وأقلام مقصوفة باتت تصطنع البطولة، على صفحات الصحف وشبكة «الإنترنت»، بعد أن ذاقت طعم البطولة المجانية فى عصر الثورات، وموقع «الوطن» ينشر صورة الطفلة المغتصبة «ميادة» دون مراعاة لمشاعرها..!
«العلم بات يكيّل بالبدنجان».. جامعة زويل وجامعة النيل تتشاجران فى ساحات المحاكم ووسائل الإعلام و«الفيس بوك» على قطعة أرض، وكأن مصر ضاقت على العلم، ولم يتبق من أرضها سوى قطعة «بحرى» فى 6 أكتوبر..!
فى الثمانينات.. اهتزت مصر لاغتصاب «فتاة المعادى».. واليوم بات الاغتصاب أسلوب حياة.. حتى الطفلة «ميادة» ذات الأربعة أعوام، قدمتها أمها لعشيقها على «فراش من ذهب»..!!.. ومدرب الكاراتيه بالمحلة، يتلذذ بتصوير نفسه مع ساقطات -بعضهن متزوجات- فى صالة النادى..!! ومعلمتان من نسل الفراعنة، تجبران 120 من بناتنا على خلع ملابسهن فى المدرسة بحثاً عن 40 جنيهاً..!!
شعب يُهتَك عرضُه فى «عز الضهر».. وإعلام يتبادل هتك العرض على الهواء مباشرة.. وسياسيون يهتكون عرض السلطة فى الغرف المغلقة.. وشباب يهتك عرض «الستر» على «الفيس بوك»، وإخوان يهتكون «قداسة الدم» فى الشوارع.. وعمال يهتكون «قيمة العَرَق»، فلا يعملون، ولا يكفون عن المطالب.. وسكان المقابر والعشوائيات يهتكون «ستار الليل» بجرائم جديدة، رداً على «هتك إنسانيتهم» على مدى سنين.. وسنين.. وأطباء يهتكون «قَسَم المهنة»، فيموت المريض لأنه صدق أن فى مصر «طب».. ومواطن يتابع «هتك كل شىء» ويمصمص الشفاه نادباً «يا خسارة يا مصر»..!
.. هل لديك إجابة عن السؤال: كيف نحلم بمستقبل أفضل لمصر.. ونحن فيها؟!