لا أجد تبريراً واحداً لتصريحات الإخوان المسلمين على لسان إبراهيم منير، عضو مكتب الإرشاد والمقيم فى بريطانيا، إلا أنهم ككل الحمقى فى العالم لا يتراجعون عن حماقتهم، وكأن الله يُسلط عليهم أنفسهم.
فقد صرح «منير» عبر حوار نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية عقب قرار الحكومة البريطانية بإجراء تحقيق واسع فى أنشطة جماعة الإخوان المسلمين واحتمال حظر التنظيم قائلاً: «لو فرض الحظر، سيعتقد كثير من الناس فى المجتمعات الإسلامية أن قيم الإخوان المسلمين السلمية لم تفد، وأن الإخوان صنفوا الآن جماعة إرهابية، وهو ما يفتح الباب لكل الاحتمالات».
ورداً على سؤال الصحيفة عما إذا كانت الاحتمالات تشمل العنف، أجاب منير بأن «أى احتمال» وارد، وقد اعتبرت الصحيفة فى عنوان مقابلتها مع منير أن تصريحاته تعنى أن حظر الإخوان «سوف يزيد خطر الإرهاب». والتصريح هذا لا يختلف كثيراً عما قاله محمد البلتاجى حول الإرهاب الحادث فى سيناء: «إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى سيتراجع فيها الجيش عما وصفه انقلاباً وعودة مرسى إلى الرئاسة»، أو تصريح صفوت حجازى «إللى يرش مرسى بالمية نرشه بالدم»، أو كل تصريحات الإخوان الملطخة بدماء الأبرياء، وكأن تلك الجماعة لا يوجد بها رجل عاقل أو رشيد، فهم يهوون دائماً السباحة ضد التيار، ويؤكدون دائماً أنهم مبدعون فى الغباء، لكن الأمر الأن لا يتعلق بمصر و«ناسها الطيبين»، بل يتعلق ببريطانيا وأمنها، التى صرح رئيس وزرائها ديفيد كاميرون من قبل عقب بعض أحداث الشغب قائلاً: «عندما يتعلق الأمر بأمن بريطانيا القومى فلا يُحدثنى أحد عن حقوق الإنسان».
وكعادة الإخوان دائماً التفكير يكون بعد الفعل، وليس العكس، نفى إبراهيم منير فى تصريحات أخرى لـ«بى بى سى» أن يكون قد وجه تحذيراً للحكومة البريطانية من زيادة خطر الهجمات الإرهابية فى حالة حظر الجماعة، وقال «العنوان مجتزأ ولم يُقرأ بكامله»، وقد تعلمنا فى مهنة الصحافة أن المصدر عندما يستخدم جملاً وعبارات من نوعية «المعنى مجتزأ»، «النص غير كامل»، «الصحفى لم يُحسن التفسير»، «الوقت لم يتسع لحوار مستفيض»؛ فإن المصدر كاذب بالثلاثة، فما بالك لو كان المصدر إخوانياً «فهو كاذب بالعشرة».
ورغم تأخر هذه الخطوة من قبل الحكومة البريطانية لأكثر من 85 سنة هى عمر الجماعة، وعمر الدعم البريطانى المباشر لها، ضمن خطة لتعزيز الأصولية الإسلامية، فإنها تُنبئ بتضييق الخناق على الجماعة الإرهابية، وبداية لنبذها فى كل دول العالم، تلك الخطوة التى لم يتوقعها الإخوان أنفسهم، على أساس أن تقاليد بريطانيا الليبرالية لا تحظر نشاط اللاجئين السياسيين إذا ما ظل فى إطار القانون البريطانى، تلك القوانين التى جعلت بريطانيا بعد عقود عدة حاضنة لعناصر متطرفة أثبتت الأيام خطورة أنشطتهم على المملكة المتحدة ذاتها، وكأن بريطانيا لا تريد أن تشرب من الكأس الذى شربت منه مصر، عندما كانت تُغرقنا بتصريحاتها التى كانت تحمل جملة واحدة «ضبط النفس». لكن يبقى الدور المصرى هو الأهم عبر تقديم الأدلة والبراهين والوثائق التى ستكون الركيزة الأساسية لصدور قرار حظر نشاط الجماعة فى بريطانيا، باعتبارها جماعة إرهابية تُهدد أمن بريطانيا والعالم.
قال تعالى فى سورة الأنفال:
«وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ»