أكتب هذه السطور بعد ساعات من بدء مجموعة من الفتيات والسيدات الاعتصام أمام قصر الاتحادية، للمطالبة بالإفراج عن «أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة» المحكوم عليهم بالسجن، بالإضافة إلى المطالبة بإلغاء قانون التظاهر الذى حوكموا به. كنت آمل أن يتخذ الرئيس المؤقت عدلى منصور قراراً بالعفو عن الشباب الثلاثة، خصوصاً أنهم لم يحاكموا فى قضايا إرهاب، وبعيداً عن اتهام البعض لاسم أو اسمين من بين الأسماء الثلاثة بالتنسيق مع جماعة الإخوان، فإن الأمور يجب ألا تؤخذ بالشبهة، ناهيك عن أن الاتهام بالتنسيق أو التعاطف مع الجماعة إياها أصبح التهمة الجاهزة التى تتردد على لسان من يريد قطع ألسنة الآخرين ومنعهم من ممارسة حقهم فى نقد وتحليل بعض ممارسات سلطة ما بعد 30 يونيو.
رفض المستشار عدلى منصور العفو عن سجناء قانون التظاهر، احتراماً لأمرين: أولهما الأحكام القضائية واجبة التنفيذ، وثانيهما أن قانون التظاهر فى مصر لا يختلف عن قانون التظاهر السويسرى والفرنسى. أما احترام القضاء فهو أمر لا يستطيع أن يتحدث فيه أحد، وأجد أن المستشار عدلى منصور معذور فى ذلك، فهو رجل قانون قبل أى شىء، لكنه فى المقابل رئيس دولة من حقه العفو لأسباب سياسية عن «سجناء» أدانهم القضاء طبقاً لقوانين معينة، يراها البعض جائرة وظالمة. المواءمة السياسية كانت تقتضى من المستشار عدلى منصور أن يفعلها. وأريد أن أذكره بأنه طلب ذات يوم من النائب العام أن يراجع أوضاع شباب الجامعات القابعين وراء السجون، حرصاً على مستقبلهم، وللآن لم نسمع أخباراً عن تصحيح الأوضاع المتعلقة بمجموعة من الشباب لم يثبت عليهم استخدام العنف، والأمر نفسه ينطبق على شباب جامعى نسمع بقرارات اتخذها رؤساء الجامعات بفصلهم دون أن ندرى هل كانوا يتظاهرون بصورة سلمية أم لجأوا إلى العنف فى التعبير عن آرائهم.
أستطيع أن أتفهم موقف المستشار عدلى منصور من احترام القانون، ولكن أين احترام الدستور الذى يتناقض فى الكثير من بنوده مع قانون التظاهر الذى جهر الثلاثة القابعون خلف القضبان برفضه. وحقيقة الأمر فإننى كثيراً ما أحتار أمام ما تبديه سلطة ما بعد 30 يونيو من احترام للقوانين، وهو أمر واجب، فى الوقت الذى تستخف فيه ببعض المواد التى نص عليها الدستور المصرى، رغم أن الدستور فوق القانون! وأظن أن الاحتجاج بأن قانون التظاهر المصرى لا يختلف عن بعض القوانين الشبيهة بالدولة الغربية لا ينهض كحجة. فالأوضاع فى مصر مختلفة عن هذه الدول الديمقراطية أشد الاختلاف. ولعل أبرز دليل على ذلك قيام أمناء ورجال الشرطة بقسم أسيوط بالاعتصام والإضراب عن العمل وإغلاق أبواب القسم بالجنازير بسبب اعتراضهم على نقل ضابطين من العاملين بالقسم.. السؤال: هل تم تقديم هؤلاء إلى المحاكمة؟ هل فض وزير الداخلية اعتصامهم بالقوة؟ الفتيات والسيدات اللائى يعتصمن أمام قصر الاتحادية صاحبات قضية وسيُملين إرادتهن فى النهاية، والأفضل أن تسعى السلطة إلى الحل قبل أن تكبر كرة الثلج!