نحن على أعتاب انتخابات رئاسية وشيكة تليها انتخابات برلمانية لتتكون منظومة السلطة الجديدة بعد موجات ثورية متتالية وبعد أحداث جسام وانقسامات وصراعات تركت آثاراً وجراحاً عميقة فى المجتمع، وسيعرض كل مرشح رئاسى أو برلمانى برنامجه لنيل ثقة الناخبين، وقد يتسابق الجميع فى تقديم برامج تبدو مثالية (أو ترويجية أو خداعية) لما سوف يفعلونه لو وصلوا لكراسى السلطة والبرلمان ولكن الأهم من ذلك كله أن يعرف الناخب توجهات وفلسفة المرشح أو الحزب أو التيار من خلال تاريخه ومن خلال انتماءاته وتوجهاته وتصريحاته، وفيما يلى دليل انتخابى لمعرفة طبيعة السلطة وأنماطها وكيفية ممارساتها.
كيفيات ممارسة السلطة:
ذكر جون كينيث فى كتابه «تشريح السلطة» أن هناك ثلاث كيفيات لممارسة السلطة هى باختصار:
1- الكيفية القسرية: وهى تقوم على العنف والقهر والترويع للرعية حتى تحكم السلطة قبضتها عليها دون أى احترام أو تقدير لإرادة هذه الرعية، بل على العكس تنظر السلطة إلى الرعية باحتقار واستخفاف وتجاهل (وهذا لا يمنع مغازلة الرعية ببعض العبارات العاطفية). وهذه السلطة تميل إلى استخدام قوانين الطوارئ وإلى تقوية أجهزة الشرطة والجيش وإلى استعراض القوة فى كل مناسبة وحتى بغير مناسبة، ويصبح الجهاز الأمنى هو صمام الأمان ومبرر الوجود لهذه السلطة، وبالتالى لا تهتم بالحوار مع الجماهير أو محاولات إقناعهم أو استمالتهم أو إرضائهم بالوسائل السياسية أو غيرها، وإنما هى دائماً تستخدم الحل الأمنى بشكل مفرط. وهذا هو أكثر أشكال السلطة بدائية ووحشية وغباء، ومنتشر بكثرة فى دول العالم الثالث.
2- الكيفية التعويضية: هذه السلطة تنال رضا شعبها عن طريق المكافآت المادية وفرص الرفاهية والاستهلاك وبعض الحرية الفردية، فكأنها تشترى ولاء الشعب برشوته ببعض التعويضات المادية، وتنتشر هذه الكيفية فى الأنظمة الرأسمالية الليبرالية والأنظمة الملكية التقليدية.
3- الكيفية التلاؤمية: وهى تعنى تبادل الرأى واحترام كل طرف للآخر واللجوء للتثقيف والإقناع والحوار الحقيقى، ووجود حالة من الشفافية والتعددية الحقيقية، والتوازن بين السلطة والشعب.
أنواع الأنظمة السياسية:
يمكن تقسيم الأنظمة السياسية إلى نوعين رئيسين:
1- أنظمة الطفرة: وهى أنظمة تتشكل فى ظروف غير طبيعية (كانقلابات عسكرية أو تعيين أو توريث) وكأنها تأتى بالمصادفة، وهذه الأنظمة تكون غير منطقية وتصرفاتها غامضة وفجائية وغير مفهومة، فهى تخضع لمزاج فرد على رأس السلطة، ولا يمكن التنبؤ باتجاهاتها أو قراراتها نظراً لسياج السرية والغموض الذى تضربه حول نفسها، وهى دائماً فى حالة تخبط واضطراب وتنتقل من فشل إلى فشل حتى تصل إلى الانهيار.[FirstQuote]
2- أنظمة الاستقرار: وهى أنظمة قامت على قواعد ديمقراطية سليمة حيث تم انتخابها بشكل طبيعى من الشعب، وهى تعمل طبقاً لدستور حقيقى تحترمه، كما أنها تستند إلى مؤسسات حقيقية تضمن ثباتها برغم تغير الأشخاص، وهذه الأنظمة تقوم عل الإرادة الجماعية للشعب ومؤسساته وتضمن تداول السلطة بشكل سلمى لذلك تتجدد دماؤها من وقت لآخر بشكل صحى بعيداً عن المغامرات والمهاترات. ويستطيع المراقب لهذه الأنظمة أن يفهم كيف تسير ويتوقع خطواتها واتجاهاتها لأنها سلطة منطقية شفافة وشريفة ومتناسقة مع أهدافها وغاياتها ومع مصالح شعوبها.
أنماط السلطة:
ويمكن تصور أنماط السلطة بطريقة أخرى كالتالى:
1- السلطة الأبوية: وفيها يعتبر صاحب السلطة نفسه أباً للرعية وفى نفس الوقت ينظر لرعيته على أنهم أطفال قاصرون لا يعرفون مصلحتهم، ولذلك لا يتورع عن إلغاء إرادتهم (من خلال حكم مستبد) أو تزييف إرادتهم (من خلال انتخابات وهمية تحقق لصاحب السلطة أهدافه باسم الشعب ومن خلال إجراءات شبه ديمقراطية مزيفة، أو من خلال إعلام موجه يشكل وعيهم حسب الطلب والهوى).
2- السلطة الفرعونية: وفيها يشعر الحاكم بملكية الوطن وملكية الشعب والأحقية المطلقة فى التوجيه والتصرف.
3- سلطة السلطة: وهى تقوم على شرعية القوة الشرطية والعسكرية.
4 - سلطة الفرد: وفيها يتحكم فرد فى كل شىء ويمسك بكل الخيوط، ويلعب بقية الناس أدوار الكومبارس، أو السكرتارية، أو العبيد، أو المؤيدين والمهللين والمفوضين والمبايعين.
5- سلطة الإدارة: وهى تقوم على مؤسسات حقيقية معبرة عن إرادة الجماهير، وتوجد آليات حقيقية لمراقبتها ومحاسبتها وتعديل مسارها وتجديدها من وقت لآخر بطرق سلمية.