فى العام: قناعتى أن هدف السياسة كنشاط بشرى هو العمل على تحقيق الصالح العام للمجتمع وسعادة الإنسان، إلا أن لعبة السياسة بمنافساتها وصراعاتها هى دوماً لعبة قاسية، وفى كثير من الأحيان غير أخلاقية. وإن كان هذا هو الحال فى المجتمعات التى استقرت تجاربها الديمقراطية، فما بالنا بدولة كمصر عانت طويلاً من الاستبداد والفساد، وما زالت إرادة التغيير باتجاه ديمقراطى تناطح بها إرادات أخرى ترغب فى تكريس الاستبداد وتجديد دمائه. لعبة السياسة فى بلدنا قاسية وغير أخلاقية وعنيفة وتحفل بمحاولات الاغتيال المعنوى التى يتعرض لها السياسيون من قبَل منافسيهم.
فى الشأن الخاص: فاض بى الكيل من الشائعات التى يروج لها البعض لإثارة البلبلة فى الرأى العام بشأن أفكارى ومواقفى السياسية. فاض بى الكيل أيضاً من التعرض لحياتى الخاصة على نحو غير مقبول على الإطلاق، ويُستغل رفضى للتعتيم على حياتى الخاصة ورغبتى فى أن تكون فى النور للتطاول علىّ وعلى أسرتى.
شائعة (١) حمزاوى كان عضواً فى أمانة السياسات: كتبت بقلمى فى عمود بجريدة الشروق فى ربيع ٢٠١١ فى معرض تقديمى لنفسى للرأى العام أننى بين عامى ٢٠٠٣ و٢٠٠٤ شاركت فى اجتماعات للجنة مصر والعالم التابعة لهذه الأمانة والتى كان الدكتور مصطفى الفقى يرأسها كخبير أكاديمى مستقل ولم أنضم لا للأمانة ولا للجنة السياسات ولا للمجلس الأعلى للسياسات ولم أشارك فى أى اجتماع لهذه الجهات الثلاث. والجهات هذه كانت لها اجتماعات ومؤتمرات دورية وهى جميعا كانت تذاع تليفزيونيا وتغطى صحفيا، وأتحدى أن يجدنى أحد فى أى منها أو يرى اسمى كمشارك بها. عملت مع الدكتور الفقى فى هذه الفترة واستفدت كثيرا من خبراته السياسية والأكاديمية وعملنا معا على أبحاث مشتركة بشأن مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية ودور لجنة مصر والعالم فى فهمها. وكان قرارى منذ اللحظة الأولى هو العمل كخبير مستقل وعدم الانضمام لا للحزب ولا لتنظيماته، ولم أكن هنا مختلفا عن خبراء آخرين احتفظوا أيضاً باستقلالهم فى اللجنة. ولم يخرج الأمر عن حضور بضع جلسات ثم قررت، وبخطاب موجه للدكتور الفقى، الاعتذار عن عدم الاستمرار فى المشاركة فى ٢٠٠٤ بعد أن اكتشفت عدم ملاءمته لى ومع كامل التقدير للدكتور الفقى.
هذا هو ما حدث وأنا كتبته من قبل فى ربيع ٢٠١١ بصدق وموضوعية ولم أنتظر أن أواجه به، فأنا ليس عندى ما أخفيه أو ما أخجل منه وإن كنت من بين من انضموا للوطنى أو لأمانة السياسات أو للجنة السياسات ثم استقلت كما يدعى البعض لكتبت هذا أيضاً. والترويج الحالى لشائعة عضويتى بأمانة السياسات جاء من بعض أتباع النظام القديم ومحاميى الاستبداد والفساد. هؤلاء خرجوا علينا بأوراق ادعوا أنها تثبت عضويتى بأمانة السياسات وبرقم ٢١، ونشرت جريدة الفجر على سبيل المثال هذه الأوراق. والحقيقة أن الأوراق مبتورة بالكامل، فواحدة تتحدث عن قرارات تعيين لأعضاء بأمانة السياسات ولا أسماء بها، وأخرى هى كشف حضور لاجتماعات لجنة مصر والعالم يرد به اسمى مع أسماء خبراء مستقلين آخرين كالسفير محمد شاكر والدكتورة علا الخواجة وجميعا لم نكن من أعضاء الأمانة ولا الحزب بل شاركنا كخبراء ولفترات متفاوتة، وورقة ثالثة ترصد نسبة الحضور فى الاجتماعات ويتضح منها ضعف حضورى كما ذكرت من قبل لعدم ملاءمة الأمر لى. ادعاء أن هذه الأوراق المبتورة توثق لعضويتى بالأمانة يغيب عنه الصدق تماماً.
شائعة (٢) حمزاوى مواقفه غير واضحة ورغبته الوحيدة هى الاقتراب من السلطة: لم يبدأ التزامى بالفكرة الديمقراطية والليبرالية بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، بل منذ أن بدأت العمل الأكاديمى والكتابة الصحفية والمداخلات الإعلامية. وإن كان لم يتح للرأى العام فى مصر الاطلاع على الدراسات الأكاديمية، فكتاباتى الصحفية والعمل الإعلامى منذ ٢٠٠٢ يشهدان على هذا. على من لا يعرف ويتهمنى بالانتهازية أو يربط التزامى بالديمقراطية فقط بالثورة وما بعدها، أن يعود إلى كتاباتى فى الشأن المصرى بالمصرى اليوم والشروق والشرق الأوسط والحياة اللندنية والكثير من المداخلات الإعلامية منذ ٢٠٠٢.
وأتوقف قليلاً عند لحظتين محددتين، تعديلات التوريث الدستورية فى ٢٠٠٧ وانتخابات ٢٠١٠ المزورة. فى ٢٠٠٧، وكنت آنذاك فى واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، انتقدت بعنف التعديلات وسميتها فى مقالين بالواشنطن بوست والحياة اللندنية تجديد دماء السلطوية المصرية، وكتبت دراسة موسعة عنها نشرتها بالكامل المصرى اليوم. والنتيجة كانت تعرضى لحملة شعواء فى صحافة النظام السابق ساقت بشأنى اتهامات دنيئة بعمالتى للخارج صاغها صحفيا رئيس تحرير سابق لصحيفة حكومية عنون مقالاته المخصصة للهجوم علىّ بـ«سعد الدين إبراهيم الألمانى» فى إشارة لجنسيتى الألمانية السابقة، كما وردت اتهامات أخرى فى صحف حكومية أيضاً كتبت بها أقلام أمن الدولة السابق عن عمالتى للخارج وللإخوان وللمعارضة المصرية. ودأب فى ذات الفترة رجال أمن الدولة على تتبع أخبارى من خلال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وألغيت محاضرات لى فى مصر ولم أتمكن من العودة لمصر لمدة تجاوزت العام على خلفية تهديدات متواصلة كنت أبلغ بها.