صدرت حركة المحافظين الجدد متضمنة عشرة أسماء من بينهم خمسة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وتضم قائمة المحافظين الجدد 3 لواءات بالجيش وقاضياً واحداً وعدداً من أساتذة الجامعة، ولا يعرف أحد كيف تم اختيار هذه الأسماء وما المواصفات التى يتمتعون بها لتؤهلهم لتولى هذا المنصب، وهل لديهم اهتمام سابق بالإدارة المحلية، وما علاقتهم السابقة بالمحافظة التى تولاها كل منهم، وهل لديهم دراسات أو أبحاث حول الإدارة المحلية، كل هذه المعلومات غائبة عن عملية الترشيح فى حركة المحافظين، فضلاً عن أنها تمت بنفس الأسس المتبعة فى النظام السابق، فهناك توزيع للحصص بين ضباط الجيش وأساتذة الجامعات ورجال القضاء وإذا لم يكن هناك فى هذه الحركة ضباط شرطة فقد جاءوا فى الحركة السابقة وسيأتى بعضهم فى الحركة القادمة، وهكذا فإنه لا جديد تحت الشمس بالنسبة لهذه الحركة فهى استمرار للسياسات السابقة، هذا بالإضافة إلى أنه إذا كان الحزب الحاكم يحظى بنصيب الأسد فى الحركة فيما مضى وهو الحزب الوطنى الديمقراطى فإن الحركة الجديدة تضمنت قيادات من الحزب الذى فاز بالأغلبية فى انتخابات مجلس الشعب ومجلس الشورى الأخيرة والذى ينتمى إليه رئيس الجمهورية ويوجد فى الحكومة خمسة وزراء من أعضائه فضلاً عن المتعاطفين معهم من نفس التيار، والحقيقة أن الأوضاع التى كانت قائمة فى ظل النظام السابق ما زالت مستمرة، ولم تحدث تغييرات هيكلية فيها أو على الأقل تغييرات ملموسة فى السياسات، مما يشير إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا لإزاحة بقايا الماضى وبناء نظام جديد وفق أسس مختلفة، وإذا كانت عملية التغيير الشامل سوف تستغرق فترة زمنية طويلة نسبياً، فإنه من المهم أن نختار مجالات معينة تكون لها الأولوية فى تغيير السياسات التى تحكمها فى مقدمة هذه المجالات الإدارة المحلية التى ترتبط بها مصالح الناس، وتؤثر على أحوالهم المعيشية باعتبارها المختصة بإدارة المرافق العامة والخدمات الأساسية والتنمية المحلية، وإذا لم يكن متاحاً حالياً انتخاب المحافظين ورؤساء المدن والقرى فإنه لا أقل من أن تتبع سياسة حكيمة فى تعيينهم بحيث يسبق ذلك استطلاع رأى المواطنين فى كل محافظة فى أداء المحافظ وهل يؤدى واجباته بكفاءة؟ وهل يعطى مشاكلهم الأولوية حسب نظرتهم إليها ومدى تأثيرها فى حياتهم؟ وهل هم راضون عنه أم أنهم يطالبون بتغييره؟ وعلى ضوء هذا الاستطلاع الذى ينطلق من احترام آراء المواطنين وتقييمهم للمحافظ يتخذ قرار الإبقاء عليه أو تغييره، ثم يتم استعراض أسماء قيادات لها صلة بالإدارة المحلية وسبق لها العمل فى هذا المجال فى مجالات متعددة مثل التعليم والصحة والإسكان والشباب وفى دواوين المحافظات نفسها ممن عملوا سكرتيرى عموم المحافظات أو السكرتيرين العامين المساعدين، وبذلك نضمن أن يتولى أعلى مسئولية فى المحافظة شخصية لها خبرة فى مجال الإدارة المحلية، ونفتح فى نفس الوقت باب الأمل أمام قيادات الإدارة المحلية لتولى هذا المنصب الرفيع بدلاً من هؤلاء الهابطين بالباراشوت على المحافظات ممن ليست لهم أى صلة بالإدارة المحلية أو خبرة بالعمل العام وحل مشاكل الجماهير من ضباط الشرطة والجيش وأساتذة الجامعات والقضاة الذين كان النظام السابق يعينهم فى هذا المنصب مكافأة لهم على خدمات قاموا بها لصالحه.
هذه الرؤية لأسلوب تعيين المحافظين بعد ثورة 25 يناير لا تكفى لحل مشاكل الإدارة المحلية؛ لأن معالجة عيوبها الحالية تتطلب استراتيجية متكاملة لتطويرها إلى نظام حكم محلى شعبى حقيقى تبدأ أسسه من مواد الحكم المحلى فى الدستور الجديد التى يتم الانطلاق منها لصياغة قانون جديد للحكم المحلى يقوم على المشاركة الشعبية الفعالة وهذه قضية أخرى تحتاج معالجة تفصيلية أكثر.