الحب فـي العالم الثالث
لَا تُغْلقِي عَيْنَيكِ
عَلى الشّتَاءِ دُوني،
وتَترُكيِنـي عَلى رَصيفِ الرّبيعِ
وردةً اغْتَالتها يدٌ غَلِيظةٌ
ثُمّ رَمَتها للشّتَاتِ
فبَيْن عَيْنَيكِ
أَتَذكرُ اشْتهَاءاتِ طُفُولَتي
الّتـي أَضَاعتها الإِخْفَاقاتُ
كُنْتُ أَشْتَهي قَطرةَ ماءٍ
لمْ تَنْزِلْ مِنْ مَاسُورةٍ بُنْدُقيّةٍ
كُنْتُ أَشْتَهي سُنْبُلةَ قمحٍ
لمْ تَحْصِدْها السَنَاكي
لا تُقَشّرِي ليِ تُفَاحةً بأصَابِعكِ الطَريةِ
بلْ قَشّريِ جَسَديِ
انْزَعيِ عَنـي مِعْطَفـي الأَسْوَدَ
الّذي مَسَحَ الجِنرَالاتُ بِهِ أَحْذِيتِهم
وَمَضوا مُنْتَشينْ
بَعْدَ أَنْ حَشَوا فَمي بالمَسَاميرِ
قَبّلِيني
شُقّي صَدْرِي بِسكيّنكِ
علّها تُحيي
تِلكَ العَصَافيرَ الّتـي أَمَاتتها
فـي رِئَتـي قَنَابلُ الغَازْ
رُدّي ليِ يَقِيني
وَاحْمِينـي
مِنْ إِلَهِهم السّاديّ
مَنْ قَالَ يا حَبِيبَتي
أَنْ الله يُجَرّبُ فـي قَسْوةَ الأَوْطَانِ،
وَأُجَرّبُ فِيِه مَوْتـي العَبَثيّ
بِجَرْعةٍ زَائِدةٍ مِنْ الخَيْبةِ فـي الحُبْ؟
أبدًا
لمْ يَكُنْ الله سببًا وَراءَ فِصَاميِ
بَيْنَ الطّفْلِ الناسكِ
وَالشّاعرِ الخطّاءْ
فَهُم لَا يَعْرِفُونَ الله كَما عَرِفْتَه فِيكِ
فَقُوليِ لَهُم إِنّه لمْ يُوجَدْ
كَيْ يَعْقدَ لَنَا المُحَاكَماتِ العَسْكَريّةَ
عَلَى قُبُلاتٍ قَطَفْنَاهَا فـي جَنّتِه
بَعيدًا عَنْ أَعْيُنِ البُولِيسِ وَالأَزْهَرِيّين
وَجِيرانِنا الأَغْبِياءْ
وَحِينَ أَمُوتُ
لَا تَكُونـي غَيْمةً تُظَلّلُ نَعْشيِ
بَلْ كُونـي شَمْسًا
تُبَدّدُ مَا خَلّفَتهُ لِي الحَيَاةُ
مِنْ البُرُودةِ
لَا تَخَافـي عَليّ مِنْ لِقَاءِ الله
فَأُمّيِ أَخْبَرتنـي أَنّه طَيّبٌ مِثْلَ حِضْنِها
وَمِثْلَ عَيْنَيكِ
رُبّما يَسْأَلُني:
مَاذَا تُرِيدُ مِنْ العُمْرِ؟
سَأَقُولُ: أُرِيدُ مِنْ العُمْرِ أَوّلَه
لِأَخْتَلسُ مِنْ شَالِ أُمّيِ
خَيْطًا أَلْضُمُ بِه الذّكِرَيَاتِ
رُبّما يَسْأَلُني:
مَاذَا تُرِيدُ مِنْ الحُلمِ
سَأَقُولُ: أُرِيدُ مِنْ الحُلمِ وَجْهَكِ
الّذيِ عَضَضتُّ عَليْهِ بِأَجْفَانيِ
كَيْ أَسْتَعيِذُ بِه
مِنْ كَوَابِيسِ اليَقَظةِ
سَأُحَدّثُه عَنْكِ
سَأَلْتَمِسُ بِمَا قُلتُ لَكِ يَوْمًا
» هُزّي إليْكِ بِجزعيِ
فَأُسَاقِطُ لكِ ظِلًّا وَعَنَاقيدْ
فكُليِ
وَاتَخذِي ظِلّيِ سَتْرًا
يَحْجِبُك عَنِ الشّمْسِ
كَيْلا تُحْرَقْ«
هَكَذا
سَأَمْنحُ التَرتِيلَ
مُوسِيقَى مِنْ جُنُونِ الوَجْدِ
وَأُعِيدُ خَلْقَكِ أُنْثَى
لَا تَحْجِبُها كُلّ هَرَاواتِ الشُّرطةِ
فـي عَالَمِنا الثَّالثْ
أُعِيدُ خَلْقَكِ أَجْملَ إِلَهَاتِ العَاَلمِ
الّتـي بضِحْكَتِها تَنَفتحُ كُلُّ الفَرَاديسِ
ويَتَعلّم الضّحِكُ
الضّحِكْ