لا يأتى الحاكم ولا يصعد إلى سُدة الحكم، سواء فى الدول الديمقراطية أو الاستبدادية وحده، بل معه، وربما من قبله، هؤلاء الذين رفعوه بأيديهم وعلى أكتافهم، وهتفوا له ودافعوا عنه، وخططوا له خطوات الحركة والتقدم إلى قصر الحاكم، كما خططوا له اللافتات فى الشوارع وفى وسائل الإعلام.
ودون هذه القاعدة القريبة إليه من المساعدين والمستشارين والداعمين، لم يكن ليخطو خطوتين فى اتجاه هدفه.
والجمعة التى تلتف حول رجل ما، سواء صار مرشحاً للرئاسة أم ما زال مشروعاً لذلك، لا تنفصل عنه شعورياً ولا بد أنها تكاد تحمل نفس أفكاره، ورؤاه، ونظرته العامة للناس وللسياسة وللحياة عموماً، اللهم إلا اختلافات بسيطة فى تفاصيل تثرى صورة المرشح وتضيف إليه وتحفظ التشويق على العموم.
وبالنظر إلى رؤسائنا السابقين مثلاً ستجد أن كل من عاونهم، سواء للوصول إلى السلطة أو للحفاظ عليها كان على قرابة للرئيس من منظور الهدف والفكر والقيم، وفى أسلوب الإدارة ومواجهة الأزمات.
إن التناسب والتوافق بينهما حتى فى الطباع والمزاج والهوى لا يمكن تجاهله أو نكرانه، مقولة إن الرئيس شيخ صالح بينما من حوله هم الطالحون ليست إلا ادعاءً. ويمكن للمراقب أو المحلل السياسى أن يستكمل صورة المرشح الغامض لكى يتبين أسلوب العمل ومآله، من زمرته وقاعدته الرئيسية الداعمة له ومن مؤيديه.
ويظل المرشح مديناً لهؤلاء الذين لم يتركوه وحيداً، منكراً. وما يقوله أى مرشح عن أنه ليس مديناً لأحد هو قول يفتقد الدقة والوضوح، لأن ما سيصير إليه هو جهد وإنتاج مشترك مع زملائه ورفقاء عمله السابق على ترشحه، وبالضرورة سوف ينال الرفاق مثل ما يناله من خير ومجد. ومحاولة الحاكم إشراك رفاق الصعود فى الغرم دون الغنم، كما فعل «مرسى» مع السلفيين مثلاً، خطر عليه أو كما فعل يوليوس قيصر مع أصدقائه.
وتختلف المغانم حسب الأهداف التى يضعها المرشح وجماعته، إنها ليست المكتوبة على الورق، إنما هى فى حقيقة الأمر تلك التى يمكن استخلاصها من العمل ومن التاريخ ومن المواقف ومن فلتات الأقوال والأفعال. قد تكون المغانم مادية أو أخلاقية أو قيمية.
الحاكم الجديد ليس حراً دون جماعته فى اتخاذ قرار وتفعيله. فإن نوى الإصلاح الاقتصادى أو السياسى فإن آخر من عليه دفع فاتورة هذا الإصلاح هم الذين أوصلوه إلى السلطة! لأن من شأن ذلك أن يقلبهم عليه ويخلق صراعاً يعيق العمل وقد يضطرهم إلى التمرد عليه!
كمواطن لا يمكن أن أختار حاكماً فرداً دون النظر إلى جماعته التى ستأتى معه أو حتى تلك التى أتت به. وبالنظر إلى مرشحينا الرئاسيين وجماعتيهما نجد اختلافاً فى هدفهما الأول، العدالة أم الاستقرار، وفى أسلوب العمل والديمقراطية.. ويدعم أحدهما أحزاب وحركات جديدة مثل التيار الشعبى والكرامة والدستور (د. هالة شكر الله) والتحالف الشعبى (عبدالغفار شكر) وحركات ثورية، بينما يدعم الآخر أساساً قيادات ونواب وأعضاء الحزب الوطنى المنحل وابنيه كالمؤتمر (عمرو موسى) وكالحركة الوطنية (أحمد شفيق) ثم التجمع (رفعت السعيد) والوفد (السيد البدوى) والناصرى كأحزاب قديمة اعتمد «مبارك» بعضها كمعارضة رسمية له تتفق معه على المقاعد البرلمانية. وقد كان لافتاً تصريح لنبيل زكى -تجمع- (تأييدنا لـ«السيسى» سيفيدنا فى انتخابات البرلمان)! الرجل يريد حلاوة زمان.