اتخذت الدساتير المصرية الصادرة عقب ثورة يوليو 1952 قاعدة المواطنة كأساس كامل لأحكامها العامة والتفصيلية ونصت على مبدأ المساواة بين المواطنين جميعا دون تمييز، وبذلك أصبحت المرأة المصرية متمتعة دستوريا بجميع الحقوق ومتحملة بجميع الواجبات على قدم المساواة مع الرجل.
وأصبحت المساواة مبدأ دستوريا أكدته جميع أحكام المحكمة الدستورية العليا، بل أكدت على أن أشكال التمييز التى حددتها المادة 40 من دستور 1971 بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين لم ترد إلا على سبيل الاستهداء بها باعتبارها أبرز الأسس التى يمكن أن يجرى على أساسها التمييز بين المواطنين وبالتالى فإنه لا سبيل لإمكان التمييز على أى سبب أياً كان.
كما جاءت المادة الثانية من دستور 1971، وهى ذاتها المقترحة فى الدستور الجديد، تقرر أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وهى مادة أجمع عليها المصريون وارتضاها الجميع بأن تكون من المواد الأساسية التى يمتد أثرها على باقى مواد الدستور، حيث رسخ فى ضمير المجتمع أن مبادئ العدالة والمساواة وعدم التمييز تتطابق مع مبادئ الشريعة ويمكن الرجوع إليها لحل الالتباس فيما يعتقد البعض أنه تهديد للخصوصية،
لكن بالرغم من هذه النصوص الواضحة والقاطعة والتى حرّمت التمييز فإن ثمة جانبا آخر فى النصوص الدستورية يفتح ثغرات أمام التمييز بسبب الجنس وهى المادة (11) من دستور 1971 والتى تم نقلها أيضا فى مسودة الدستور الجديد، وتنص على «تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها فى المجتمع، ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية».
حيث ربطُ الحديث عن حقوق المرأة والمساواة بأحكام الشريعة الإسلامية فى هذا السياق يعنى أن المشرّع الدستورى يتجه إلى التفكير بأن أحكام الشريعة الإسلامية، وليس مجرد مبادئها، تنطوى بشكل ما على منع المساواة بين الرجل والمرأة، ومن ثم نجد أنفسنا بإزاء إمكانية واضحة لفتح باب التمييز بناء على تفسيرات ربما تخضع لاعتبارات سياسية وتفسيرات فقهية متشددة نظراً لأن كل هذه التعبيرات عامة ومطاطة وتحتمل كل أنواع التفاسير؛ فالمرأة فى دول إسلامية كبيرة تقود الدولة، وفى دولة إسلامية أخرى تُحرم من أن تقود سيارة وفى كلا الحالتين باسم أحكام الشريعة.
وبمناقشة بعض أعضاء التأسيسية أكدوا أن هذا النص لدعم المرأة بالأساس وأن ورود الأحكام سيكون للوقوف عند بعض الحالات المحدودة جدا التى بها تغيير فى الأحكام ما بين المرأة والرجل مثل الميراث، إلا أن ذلك يُعد افتئاتا على الشريعة وأحكام الميراث والمساهمة فى تشويه صورة الإسلام، فالميراث ليس به تمييز ضد المرأة فهو لمن لا يعرف منظومة اقتصادية كاملة تتغير فيها الأحكام ليس بناء على الجنس وإنما بناء على المنزلة من المتوفى وكثير من حالات الميراث تتساوى فيها النساء مع الرجال مثل ميراث الأب والأم رغم أن الأب ذكر والأم أنثى، ومبادئ الشريعة الوارد ذكرها فى المادة الثانية كفيلة بتولى مثل هذه الأمور التفصيلية أيضا، فكفى للإسلام تشويها من أهله، ويكفى للمرأة فى الدستور المبادئ.