ستتولى أمر البلاد والعباد، فى سابقة فريدة وحيدة فى تاريخ الوطن، كنت جزءاً من أفراحنا وأحلامنا ولم شملنا وحلم البسطاء من شعبنا فى لقمة عيش كريمة وأمن لأولادنا وكسر لشوكة الإرهاب والفساد.
ستجلس على عرش مصر، ترث حكم «رمسيس وأحمس ويوسف الصديق وعمرو بن العاص ومحمد على وفاروق وعبدالناصر والسادات ومبارك ومرسى وعدلى»، منهم من ظلم ومن ظُلم، ومن حُجب عنا ومن نام منا، ومن أعَان، ومن عانى وعانينا منه، ومن جمع الخَراج من البسطاء حتى أدمى ضرع الأمة، ومن حرق ودمر باسم الجهاد، ومن ستر النساء دون حجاب، ومن كشف سترهن باسم الدين، ومنهم من قطع رقاب العباد مؤمناً وكان ذلك «عليه يسيراً»، ومنهم من شق الترع والقنوات والمصارف «وكان فضل الله عليه عظيماً» ولم يكن يعرف معناها.
اعلم أن الشعب قدر حبه قدر غضبه، والمسافة بينهما «مسافة السكة». قلب المصرى يميل مع الهوى، يهدأ حين تربت على كتفيه، ويستحى منك إذا شكرته على كرمه ويغالى فيه، ويترك حقه خجلاً إذا استرققت شهامته وكرمه، وإذا رطبت بمسحة بيديك الرقيقتين أحبال أعصابه المشدودة أسرت منه يومه وغده، وحملك إلى مكانه وجلس منك، وفتح عينيه يُنزلك منزلة الصديقين، وسلمك مقود حياته راضياً مرضياً.
وآه إذا غضب بعد صبر، وأغلق عنك أبوابه، واستجمع لك ما غفر لك بالأمس القريب، إذا ضللته وشعر أن يدك الحانية كانت تربت عليه والأخرى تغشه، أو بحث عنك فى منتصف الطريق الشاق الصابر عليه ظناً أنك بجواره تدفع معه وتُعينه عليه فيراك قد تركت له الطريق، لن تستطيع أن تُهدئ بركان غضبه، أو أن تمسح من عينيه دموع الوجيعة والندم على حبك. اجعله حول عينيك إذا رحت أو غدوت، مُلبياً إذا نادى عليك، احترم حزنه مهما كان قدره ضئيلاً، واسمع شكواه مهما كانت هينة؛ فهو يجد راحته عند من يسمع ويواسيه ولا حل عنده، وافرح له واطرب معه ولا تستكثر عليه قِلتها؛ فهو لم يعرف من الفرح منذ زمن سوى القليل منه ولم يتذوق سواه، ولم يستطعم ما هو أطعم منه، فلا تستكثر عليه قليل الفرح إذا غالى فى فرحه، ولا تستكره عليه قليل الحزن حين يغالى فى حزنه، واجعل نفسك بينه وبين أحزانه وأفراحه رحيماً فى مواساته فى حزنه مفرطاً فى سعادتك فى فرحه.
لا يغرنك هدوؤه؛ فحبال الغضب يمدها حين يريد، ويلفها على رقاب الجميع إذا فقد صبره، وحين يترك الحبل لا ترى لصبره حداً أو فاصلاً، وهو مطبوع على الغطرسة والكبر ولم يرضَ بالقليل، إلا أن مسافة الرضا بينه وبين حكامه قد ضاقت به، وأصبحت لقمة العيش تشبعه حين تحط فى بطنه ولا تملأها.
لا تأمن بقناعاته أو رضاه، سيقبل منك البسيط غداً، ويشبع نصف بطن لزمن، فإذا فتحت أمامه الطريق، سيطالبك بحقه من كل الأمراء والحكام الذين ظلموه وظلموا أجداده وستحمل أنت وزر كل هؤلاء.
وسّع له الطريق قدر ما تستطيع حتى يفوت منه دون دمار، وافتح له أبواب الرزق على الواسع حتى يشبع، وأمّنه هو وأولاده حتى لا يخاف، ومهّد له الطريق ستراه أمامك بكبريائه وتواضعه يدفع عنك.
أحذرك منه فهو الراضى، القانع، الصابر، المطيع، وهو الثائر، الرافض، المتمرد «مسافة السكة».