(1) أول مرة فكرت أمتلك مطعماً بباريس (بالتقسيط طبعاً) كان عمرى 26 عاماً، والبائع يهودى يتحدث العربية بلهجة مغربية، ربما حاول يختبرنى بمجموعة أسئلة ليطمئن على أننى سأتمكن من إدارة المطعم وسداد ما سيتبقى له من الثمن!
كان السؤال الأول: ما أغلى شىء مكلف فى أى مطعم؟.. اتعدلت وقلت له: «الإيجار» (فهناك فى أوروبا تشترى حق الجدك، وتظل تدفع الإيجار لمالك العقار).. ابتسم وقال: غلط.. قلت: «المرتبات والتأمينات» (التأمينات هناك تعادل 55٪ من المرتب). برضه غلط، قلت: المطبخ (شيف ومساعدوه ومواد خام... و...) غلط.. غلط!!
قلت له بالعربية الفصحى: غلب حمارى..
نظر إلى منضدة ليس عليها زبائن.. وقال: يا ابنى، أغلى حاجة فى أى مطعم هى «الكرسى الفاضى»!!
تذكرت هذه القصة عندما قرأت تقريراً صادراً عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2009 يقول: إن تكلفة المواطن المصرى على الدولة من يوم ميلاده حتى وفاته (بمتوسط عمر 60 سنة) هى عشرة ملايين جنيه!!
(نصيبه X الإنفاق العام.. تعليم - صحة - أمن - جيش - طرق - كهرباء... إلخ + فساد).
ماشى ماشى ok.. السؤال: بكم ينتج هذا المواطن المصروف عليه 10 ملايين؟ ترقع بالصوت عندما تكتشف أن كل ما يضيفه للناتج القومى طوال حياته هو 400 ألف جنيه!!
يا نهار اسود ومهبب.. يعنى لو عندك مزرعة عجول، وكل عجل تصرف عليه 10 آلاف جنيه، وبعد سنة تبيعه بـ400 جنيه، هتقدر تكمل كتير؟
وهل يوجد أى بلد فى العالم به كل هذا الحجم من الفساد والغباء وسوء إدارة موارده البشرية؟!.. قِس على هذا فى إدارة كل مواردنا التى وهبها لنا الخالق.. مثال: كيلو أرز بطريقتنا فى الزراعة يحتاج إلى ألفى لتر ماء، ثم نصدره بدولار، وفى إسرائيل بنفس الـ2000 لتر ينتجون كيلو تقاوى بذرة طماطم ويصدرونه لنا عن طريق قبرص بسبعين ألف جنيه!!
(بالمناسبة رغيف العيش أبو شلن يحتاج لإنتاجه فى المحروسة إلى 75 لتر مياه، فى إسرائيل ينتجون بها كيلو كبد إوز «فواجرا foiegras» بـ50 يورو).
(2) هل يعلم سيادة الرئيس ومن حوله أن هيئة سكك حضيض مصر الخربانة من أغنى سكك الحديد على وجه الأرض؟.. فهى تمتلك مائة مليون متر مربع من أيام الإنجليز، ورغم أن معظم هذه المساحات أصبحت فى قلب عواصم المحافظات والمدن الكبرى، لم نفكر يوماً فى استغلالها بإقامة مولات تجارية بمبانٍ معدنية متحركة، أو حتى استغلالها فى الإعلانات، وتركناها لنخسر منها 60 ألف متر سيطر عليها البلطجية بوضع اليد بعد ثورة 25 يناير.. وسعر المتر بين 20 و40 ألف جنيه.. فلماذا لا نبيع 50 مليون متر X 10 آلاف جنيه كاش = نصف تريليون جنيه.. ليصبح لدينا أحدث وأجمل وآمن سكة حديد تنقل البشر والبضائع ونغزو بها الصحراء، الأمر الذى نخطط له الآن لخلخلة التكدس السكانى وحل مشكلة المرور والوصول للمجتمعات العمرانية الجديدة و... و... والنصف الباقى 50 مليون متر نقيم فيها أسواقاً حضارية للباعة الجائلين، ومفتوحة لبيع السلع والبضائع من المنتج إلى المستهلك مباشرة (كيلو الخوخ يباع بالمزرعة بـ3 جنيهات والمواطن يشتريه بعشرة فى الأماكن الشعبية، وفى الراقية بعشرين جنيهاً.. وهكذا دواليك..).
(3) هل يعلم سيادة الرئيس ومن حوله أن هناك خمسة قوانين فى كل وزارة هى سبب رعشة الأيادى لكل وزير فى المحروسة.. وأن هناك 40 ألف قانون من الـ76 ألف قانون التى تتحكم فينا وتعوق أى حركة للأمام، بعضها من أيام الهيمنة العثمانية.. وطبقاً للدستور الجديد سيتم تغييرها لتتوافق مع المواد الدستورية.. وأننا إذا انتظرنا مجلس الشعب المقبل وافترضنا أنه سيتمكن من إصدار خمسة قوانين كل يوم X 250 يوم عمل، يعنى 1250 X السنة.. إذن سنحتاج إلى 25 سنة.. تكون خربت..؟!
والحل اقترحته منذ 4 شهور مع القاضى المحترم على عوض، مستشار الرئيس السابق عدلى منصور.. كما يلى:
أولاً: بالنسبة للمائة وخمسين قانوناً العاجلة.. يقوم الرئيس بالتوقيع عليها فوراً حتى يتمكن الوزراء والمحافظون من تحقيق قفزة محسوسة يراها المواطن فيصبر علينا وتنتهى حكاية الأيدى المرتعشة للأبد.
ثانياً: أما الـ40 ألف قانون التى يجب أن تتطابق مع المواد الدستورية أو حتى التى سنستحدثها فيكلف الرئيس كليات الحقوق أو نقابة المحامين أو مجموعة متطوعة من الفقهاء الدستوريين والقانونيين بإعداد مشروعات هذه القوانين لتكون جاهزة أمام اللجنة التشريعية بالمجلس المقبل، فلا نحتاج إلى مناقشات عقيمة وخلافات مصطنعة ومزايدات أو خناقات ومهاترات من بعض النواب غير القانونيين.. ليصدر المجلس يومياً حزمة قوانين مطابقة للدستور بجدول زمنى غايته دورة برلمانية أو دورتان على الأكثر حتى نحقق الطفرة المأمولة.. والجميع يعلم أننا لو استدعينا كل علماء العالم وخبرائه وأموال الدنيا لإدارة هذا البلد، بهذه الترسانة التشريعية وغابة القوانين الفاسدة بلوائحها البالية لن ننتج سوى الفساد بأشكال جديدة. ولكن بقوانين واضحة ومحددة.. وبلغة منضبطة لا تحتمل التأويل أو الخلاف، ومطابقة للدستور نصاً وروحاً؛ فهى كافية للقفز والطيران بهذا الوطن إلى سماء العالمية، حتى لو كان معظم المسئولين «نص لبة»!
صباح الخير يا سيادة الرئيس.. عجبنى جداً «ماراثون الدراجات» فى «الويك إند».. وكان لهذه الصورة أثر بالغ وعظيم فى الخارج.. باعتبار أننا نكسر التابوهات ونفتح عقولنا على العالم (برغم كل التحفظات على شوارعنا ومرورنا وأمننا).. ولكن فى الحقيقة كانت الصورة ستكتمل لو أننى رأيت فى اليوم التالى الرئيس لابس «أفرول» ونازل المزارع والمصانع ورئيس الحكومة لابس «عفريتة»، والوزراء والمحافظين ماشيين بالكوتشى.. و«الويك إند» القادم الرئيس وحكومته لابسين كشافة ومعاهم أطفال وتلاميذ وخطة لعودة «فرق الكشافة» فى الإجازة الصيفية.. و«الويك إند» التالى: الوزراء والمحافظين X المكتبات وعلى سور الأزبكية، وفى قصور الثقافة والطفل بالمحافظات ومعاهم الفنانين والمثقفين، وألف سيارة لمكتبات متنقلة بالقرى ومراكز الشباب بشاشات عرض سينمائية للتوعية والترفيه!!
سيادة الرئيس..
الأمل كبير، وسقف التوقعات والطموحات عالٍ جداً.. وإمكاناتنا مهولة، وكنوز مصر فى كل شبر بالداخل والخارج.. لا ينقصنا سوى الشفافية لنعرف من هم حولك فى قصر الرئاسة، وما هى خططك فى الستة أشهر المقبلة، وفى الأربع سنوات، وما هى قواعد المحاسبة للمتجاوزين والمقصرين، ولماذا لا تخرج علينا بخطاب أسبوعى قصير تطلعنا فيه على ما يجرى، وتبث الطمأنينة فى نفوس المتشككين، وتجيب عن أسئلة الحيرانين؟ وعن نفسى أكرر أننى مملوء بالأمل والثقة فى المستقبل، والدليل أننى عدت للكتابة والمشاركة فى بناء مشروعنا الحضارى؛ لأنها مسئوليتنا جميعاً.