«الوطن» ترصد تفاصيل أول رحلة نيلية بين أسوان والقاهرة بعد توقف 15 سنة
فوضى عارمة تجتاح المكان، لا أحد يتبين موضع قدمه، ولا أحد يرى أبعد من أصابع يديه، أجساد تتساقط على الأرض، وأخرى تطير فى الهواء، دماء تسيل، ودموع تنسكب، وصرخات رغم ارتفاعها لا تكاد تتجاوز حناجر من أطلقوها، فلا صوت هنا يعلو على صوت الرصاص المتدفق بغير حساب، ولا عاصم اليوم إلا أعمدة المعبد الكبير، يختبئ وراءها من يسعده حظه ليتمكن من مشاهدة ستة شبان، وهم يخفضون فوهات بنادقهم الآلية التى كانت تلعلع منذ قليل، ثم يلوذون بالفرار من أمام معبد حتشبسوت بمدينة الأقصر فى جنوب مصر.
مشهد تاريخى، سوف يرسخ فى الأذهان بوصفه حادثاً إرهابياً نفذه ستة من أعضاء الجماعة الإسلامية بمصر صباح يوم 17 سبتمبر عام 1997، لن يمحوه إقالة وزير داخلية، أو التزام الجماعة الإسلامية بالتوقف عن العنف فيما سيتلو ذلك من أعوام، فما حدث قد حدث، على الأقل فإن الحياة لن تعود إلى ما يقرب من 60 سائحاً من جنسيات مختلفة راحوا ضحية الحادث، كما لن يمكن إعادة السياحة إلى سيرتها الأولى، سوف تتأثر بشدة فى أعقاب الحادث فتكاد تختفى من مصر، ثم تتحسس موضع قدمها فى حذر وخوف، لتتسلل أفواج ضعيفة فى البداية تشتد مع مرور الأيام التى يسود فيها الهدوء، يعود كل شىء كما كان فيما عدا سير البواخر النيلية بين أسوان والقاهرة، تلك الرحلات التى توقفت بعد الحادث لما يقرب من 15 سنة، قبل أن تمنحها حكومة الجنزورى قُبلة الحياة فتعود مرة أخرى لتقطع صفحة النهر العريض، حاملة على متنها سائحين أجانب من كل جنس ولون.